التاريخ : الخميس 07 سبتمبر 2006 . القسم : رسالة الأسبوع

هل جاء الدور على السودان؟ وماذا ننتظر؟!


 

رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللَّهِ وآلهِ وصحبِهِ ومَنْ والاه، وبعدُ..!!

فإنَّنا نرى أنَّ أهلَ البغْيِ والعدوانِ لا يقفونَ عندَ حدِّ انحرافِهم عن الحقِّ وانحيازِهم للباطلِ، إنَّما هُمْ كذلكَ يُعلنونَ الحربَ على الحقِّ، ويُريدونَ إطفاءَ نُورِ اللَّهِ المُتمثِّلِ في دينِ الإسلام، وفي الدعوةِ التي تنطلقُ بِهِ في الأرضِ وفي الشعوبِ التي تُعلنُ تمسُّكَها به ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ (التوبة: من الآية 32)، فهم يُحاربون نورَ الله، سواءٌ بما يُروِّجونه من أباطيلَ تحاولُ أن تُشوِّهَ حقيقةَ هذا الدينِ وتُشوِّشَ على غيرِ الفاهمينَ، أو بما يُطلقُونَهُ من أكاذيبَ ودسائسَ، أو ما يحيكونه من فتنٍ، أو بما يخوضونه من حروبٍ على الدينِ وأهلِهِ.

 

ولَقَدْ وعدَ اللَّهُ تعالى عبادَه المؤمنين أن يُمكِّنَ للإسلامِ في الأرضِ، وأن ينصرَه وأهلَهُ، ويجعلَهُ قويًّا عزيزًا، فقال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور: 55)، ويظنُّ أهلُ الباطلِ أنَّهم قادرونَ على القضاءِ على الدينِ الذي ارتضَاه الله لعبادِه، وهم واهمون..!! فلن يستطيعوا ذلكَ مهما بذلوا من جهدٍ وكيدٍ ومكرٍ على امتدادِ الزمنِ.

 

وقدْ صوَّر القرآنُ الكريمُ مِثْلَ هذه المحاولاتِ البائسةِ بصورةٍ تُبيِّنُ مَدَى ضعفِ الكيدِ والتآمُرِ البشريِّ- وإنْ ساندَهُ الشيطانُ- في مواجهةِ هذا الدينِ الذي جاءَ من عندِ الرحمنِ، فقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة: 32)، وهو وعدٌ تطمَئِنُّ إليه قلوبُ الذين آمنُوا، فيدفعُهُم إلى المُضِيِّ في الطريقِ على ما فيه من مشقةٍ، والصبرِ على ما يجدونَ من لأواء، ويُدرك المؤمنونَ أنَّ في ثنايا الوعدِ وعيدًا لأهلِ الباطلِ ولكلِّ مَن سَارَ على دربِ الكافرينَ والمشركينَ في عداوتِهم للإسلام ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: 33).

 

وبمثل ذلك يتوعَّدُ القرآنُ الكريمُ في آياتٍ أخرى ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (الصف: 8-9) ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ (الفتح: 28).

 

وقدْ ظَهَرَ دينُ الحقِّ ولا يزالُ ظاهرًا حتَّى بَعْدَ انحسارِ سلطانِهِ عن جزءٍ كبيرٍ من الأرضِ التي فَتَحَهَا، وضعفِ قوةِ أهلِهِ بالقياسِ إلى القُوى الأُخرى وخاصةً التي ظهرتْ مؤخرًا، ظهرَ دينُ الحقِّ لأنَّهُ دينٌ قويٌّ بذاتِهِ وطبيعتِهِ؛ لِمَا فِيهِ من استقامةٍ مع الفطرةِ ونواميسِ الكونِ، ولِمَا فِيهِ من تلبيةٍ لحاجاتِ العقلِ والروحِ وحاجاتِ الحياةِ عامةً، وظهورُهُ بهذا الشكلِ رغمَ ضعفِ أهلِهِ يزيدُ من غيظِ أهلِ الباطلِ فيدفعُهُم إلى زيادةِ عدوانِهم وبغيهم.

 

حروبٌ مستمرةٌ على المسلمين