التاريخ : الخميس 16 نوفمبر 2006 . القسم : رسالة الأسبوع

هذه دعوتنا..


 

رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد!!

 

كثُر خوضُ الخائضين من أصحابِ الأقلامِ والمتحدثين في شأن جماعة الإخوان المسلمين، حتى أضْحَى الإخوان مادةً خصبةً للحديث، ومثارًا للتعقيبات والتعليقات، والنصائح والانتقادات، والتوقُّعات والتكهُّنات، وكذلك الأكاذيب والافتراءات.

 

وبدايةً نقول إن الإخوان المسلمين لا يَعتبرون أنفسَهم فوقَ النقد، فنحن بشرٌ، نُخطِئُ ونصيبُ، كما أنهم يرحِّبون بكل نصيحةٍ مخلِصةٍ تبتغي الإصلاحَ وترشيدَ المسيرة، وهم واسعةٌ صدورُهم مع مخالفيهم، ويرون أن مع كل قوم علمًا، وفي كل مسيرة صوابًا وخطأً، فهم يتحرَّون الحقَّ ويأخذون به، ويحاولون في هَوادة ورفْق إقناعَ المخالفين لوجهة نظرهم، وهم- في المسائل الفرعية في دين الله- يُجيزون الخلاف، ويكرهون التعصُّب للرأي، ويحاولون الوصولَ إلى الحق، ويحملون الناس على ذلك بألطفِ وسائل اللين والحب، فما بالنا بأمور الدنيا التي يختلف حولها الناس؟!

 

ومنذ بواكير أيامها حرصت دعوة الإخوان على بيان ماهيتها، وقال الإمام المؤسس حسن البنا (يرحمه الله): "إننا نحبُّ أن نصارحَ الناس بغايتنا، وأن نجلِّيَ أمامَهم منهجَنا، وأن نوجِّهَ إليهم دعوتَنا، في غير لبسٍ ولا غموضٍ، أضوأَ من الشمس، وأوضحَ من فلق الصبح"، و"إننا نحب أن نبلِّغَ الناس دعوتَنا، ونحدِّدَ لهم وجهتَنا، ونكشف عن حقيقتنا، لعلَّنا نجد منهم أعوانًا على الخير وهداةً إلى البر، فيتضاعف النفع، ويتحقق ما نرجو، من إصلاح شامل وإنقاذ عاجل".

 

ولكن ما نرى ونسمع ونقرأ الآن من أحاديث حول الإخوان يعودُ بنا- للأسف- إلى أسئلةٍ واستفهاماتٍ سبَقَ للجماعةِ أن قد قدَّمت الإجابةَ الشافيةَ عنها منذ زمن بعيد، وظنَّت أن تلك الإجابةَ قد وصلَت إلى آذانِ الجميعِ.. أسئلة من قبيل: من نحن؟ وماذا نريد؟! وما مبادؤنا ومنهجنا؟ وما أساليبنا ووسائلنا؟

 

وقبل أن نتكلم بإيجاز عن دعوة الإخوان نقول: إن الناس معنا واحدٌ من أربعة أصناف:

- إما شخصٌ آمن بدعوة الإخوان، ورأى فيها خيرًا اطمأنَّت إليه نفسُه، فهذا يدعوه الإخوان أن يبادرَ بالانضمامِ إليهم، والعملِ معهم؛ إذ لا معنى لإيمان لا يتبعه عمل، ولا فائدةَ في عقيدة لا تدفع صاحبها إلى تحقيقها.

- وإما شخصٌ لم يستَبِنْ وجْهَ الحق، فهذا عليه بأن يتصل بالإخوان عن كثْب، ويطالع كتاباتهم، ويسأل ويستفسر، وسيطمئن بعد ذلك لهم إن شاء الله.

- وإما شخصٌ لا يريد أن يبذل جهدًا إلا لتحقيق مغنَم، وهذا نقول له: ليس عندنا من جزاءٍ نقدِّمُه، فالإخوانُ شأنُهم التضحيةُ بما معهم، وبذلُ ما في أيديهم، ورجاؤهم رضوانُ الله سبحانه وتعالى.

- وإما شخصٌ ساء في الإخوان ظنُّه، فهو لا يراهم إلا بالمنظار الأسود القاتم، ولا يتحدث عنهم إلا بلسان المتحرِّج المتشكِّك، فهذا يدعو الإخوان الله لهم وله أن يريَهم الحقَّ حقًّا ويرزقَهم اتباعَه، والباطلَ باطلاً ويرزقَهم اجتنابه.

 

إلى أي شيء ندعو الناس؟

 الصورة غير متاحة
الإخوان يدعون الناس إلى مبدأ واضح محدَّد، فيه خلاصُهم وإسعادُهم وراحتُهم.. مبدأ أثبتت التجربة وحَكَم التاريخ بصلاحيته للخلود وأهليته لإصلاح الوجود، إنهم يدعون إلى العيش في ظلال الإسلام، كما نزل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكما دعا إليه السلف الصالح، وعملوا به وله، عقيدةً راسخةً تملأ القلوب، وفهمًا صحيحًا يملأ العقول، وشريعةً تضبط الجوارح والسلوك والسياسات.

 

والإسلام في فَهْم الإخوان ينتظم كلَّ شئون الحياة لكل الشعوب والأمم في كل عصر، وزمان، ومكان، وقد وضع القواعدَ ا