التاريخ : الخميس 22 مارس 2007 . القسم : رسالة الأسبوع
نهضة الأمة وإرادة الشعوب
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ المرسلين، سيدنا محمدٍ النَّبيِّ الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..
فلقد كانت الأمة على موعدٍ في الأيام الأخيرة مع مجموعة من التَّطوُّراتِ والأحداثِ التي بدت كضوءٍ في نهاية نفَقِ الأزمة الحضاريَّة، الذي دخلته الأمة العربيَّة والإسلاميَّة منذ عقودٍ طويلة؛ حيث انتصرت إرادة الشُّعوب في فلسطين وموريتانيا، وقالت الجماهير كلمتها التي عبَّرَت عن حقيقة رغباتها وتطلُّعاتها لغدٍ أفضلَ تملك فيه إرادتَها، وتملك فيه قدرتَها على قيادة نفسها وأوطانها، نحو مستقبلٍ أكثر حريَّةً وكرامةً ونهضةً، بعيدًا عن الفساد والاستبداد الذي نَخَرَ في جسد الأمَّة حتى جعلها عُرضةً لأي غازٍ أو طامعٍ فيها وفي ثرواتها، وعُرضةً لمؤامراتِ أعدائها، وعلى رأسهم التَّحالف الأمريكي- الصُّهيوني الأسود، الذي يستهدف هوية الأمَّة والقضاء على خصوصيتها الثقافية وطمس معالم تراثها الحضاري.
ففي فلسطين
قال الشَّعبُ الصامد كلمتَه، ونجح في تجاوُز محنتِه التي حاول أعداؤه وأعداءُ قضيَّته- التي هي قضيَّةُ كلِّ عربيٍّ ومسلمٍ شريف وحرّ- أنْ يبقوه فيها، واستطاع بتوفيق من الله عز وجل ثم بإرادة أبنائه أن يتوصَّل إلى حلٍّ لأزمةٍ طالت وهدَّدَت بإشعالِ فتنةٍ أهلية تأكل الأخضر واليابس، فضلاً عن إلهاء الفلسطينيين عن الهدف الرئيسي، وهو تحرير الأرض واستنقاذ المقدسات.
ولكن الله سلَّم، وبحكمةِ الجميع من أبناء الشَّعب الفلسطيني ذهبت المُؤامرة أدراجَ الرِّياح، وخرج الجميع من مكة المكرمة رافعين راية الاعتصام ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103).
والآن تقف حكومة الوحدة الوطنيَّة الفلسطينيَّة أمام مسئولياتها المصيرية في التفاعل مع أمانة ثقيلة؛ لتكون بكافة ألوان الطيف السياسي الذي تضمّه على قدر اسمها.. حكومة الوحدة في القرار والتنفيذ، دون السماح لأي خلافاتٍ داخليَّة ضيقة أن تفتَّ في عضد التَّعاون الأصيل بين مختلف أُخوَّة طريق الجهاد.
أعضاء حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة |
كذلك على وزراء الحكومة الفلسطينية العمل على رعاية مصالح الفلسطينيين كل الفلسطينِيين، دون النظر إلى اختلاف الانتماءات السياسية أو العشائرية أو الحزبية، مع الوضع في الاعتبار أن هذا النجاح الكبير الذي حقَّقه الفلسطينيون سيدفع الكيان الصهيوني وأعوانه في الغرب- وعلى رأسهم الولايات المتحدة- إلى ممارسة المزيد من الضغوط السياسية، والمزيد من إحكام الحصار الظالم على شعب المرابطين، وارتكاب المزيد من الجرائم، في محاولةٍ لإضعاف الصَّفِ الفلسطيني، ومن هنا فقد وجب على الجميع الصَّبرُ والثَّباتُ والانتباهُ لحِيَل الكيان الصهيوني التي لا تنفَد ﴿.. قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ (آل عمران: من الآية 118).
أما شعب الرباط الفلسطيني فعليه أن يكون على قدر ثقة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، حين منحه صفة الرباط في سبيل الله، بثباتٍ على الابتلاءات والمحن، متعاونًا مع حكومته الجديدة ليسدَّ كلَّ ثغرٍ ينفُذ منه العدوُّ، وحصنًا لمنجَز سياسي متحقِّق في حكومة جمعت كلَّ الأطراف في فلسطين.
ولا يفوت الإخوانَ المسلمين التأكيدُ على كلِّ الفصائل الفلسطيني