التاريخ : الخميس 25 يونيو 2009 . القسم : رسالة الأسبوع
مفهوم الأمن.. وكيف يتحقق
رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الأمن أساس الحياة وسر التقدم والرقي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فمن البديهيات التي لا يختلف عليها العقلاء؛ أنه لا يمكن أن تقوم حياة إنسانية كريمة إلا في ظلال أمنٍ وافرٍ، يطمئن الإنسان معه على نفسه وأسرته ومعاشه، ويتمكَّن في ظله من توظيف ملكاته وإطلاق قدراته للبناء والإبداع، وقد جمع الله في الامتنان على قريش بين نعمتَي الأمن والإطعام؛ ليبيِّن أن إحداهما لا تقلُّ أهمية عن الأخرى، ولا تُغني عنها، فقال تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (قريش).
وقرن سيدنا إبراهيم الدعاء بتحقيق الأمن مع الدعاء؛ بنفي الشرك وتحقيق التوحيد ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ (إبراهيم: من الآية 35)، وقرن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأمن، فقال صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ" (الترمذي وصححه).
وفي بيان قيمة الأمن في الازدهار الاقتصادي قال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)﴾ (القصص)، وفي دولة سبأ كان الأمنُ أحدَ أهم أسباب الازدهار الاقتصادي ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18)﴾ (سبأ)، وقد دلَّت سائر أحداث التاريخ البعيد والقريب على أن الحضارة لا تزدهر، وأن الأمم لا ترتقي ولا تتقدم إلا في ظلال الاستقرار الذي ينشأ عن استتباب الأمن للأفراد وللجماعات وللأمم.
كما صار من الوضوح بمكان ارتباط سائر أنواع الأمن بعضها ببعض، فلا أمنَ اجتماعيًّا من غير أمن اقتصادي وأمن سياسي، والعكس بالعكس، فالأمن الاقتصادي المتمثِّل في عدالة توزيع الثروة، والأمن السياسي المتمثل في تحقيق العدالة السياسية لا يتمَّان بغير توافق اجتماعي.. وهكذا، فلا رأي لخائف، ولا عقل لمستعبَد مُكرَه؛ لأنه حين يشيع الاستبداد، فإنه يقضي على القدرات العقلية للأمة، ويفلُّ إرادتها وعزمها، وحتى لو فكرت فالخائف إذا فكَّر يكون تفكيره مرتعشًا، ورأيه مشوشًا.
كما يؤدي الاستبداد إلى اهتزاز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فضلاً عن إعطاء الفرصة للمتملِّقين والمداهنين في التسلق والسيطرة على جل أجهزة الدولة.
الحرية والعدل مفتاح الأمن
الذي ينظر بإمعان وعمق في حالات التمرد السياسي أو الثورات الاجتماعية في أنحاء الأرض في الماضي والحاضر؛ يُدرك تكامل مفهوم الأمن، ويُدرك أن مفتاحه هو الحرية، والحرية منشؤها العدل، وأن التسلط والطغيان وغياب العدل والحريات هو الذي يفتح أبواب التمرد والصراع الطائفي والطبقي والاجتماعي على مصاريعه، وأنه لم تحلّ تلك الإشكالات في الماضي، ولن تحلَّ في الحاضر والمستقبل إلا بتراجع المستبد عن استبداده، فإذا ساد الظلم وشاع الطغيان فالأمة على موعدٍ قريبٍ مع الهلاك والسقوط، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟" (ابن ماجه وابن حبان)؛ أي أن الأمة التي لا مجال فيها لأخذ الحق للضعيف من القوي، فلا مجالَ لها بين الأمم، ولا بد أن تذلَّ وتخزى.
ما الأمن؟!
إن الأمن لا يعني مجرد السلامة البدنية والجسدية للفرد، بل هو حالة شعورية من الرضا النفسي الناشئ عن الإيمان بالله، والاطمئنان إلى سيادة الحق والقانون، وضمان حق التعلم والرعاية الصحية والاجتماعية، وضمان حرية التفكير والتعبير، وحفظ الكرامة الإنسانية، وضمان التساوي في الفرص بين الجميع في الحصول على المناصب والوظائف والأعمال، والقبول بدور الفرد في تحقيق التنمية لنفسه ولوطنه ولأمته، وتعزيز الانتماء للوطن، وتأكيد الثقة والأمل في النظر إلى المستقبل.
وقد كان الإسلام واضحًا غاية الوضوح، وهو يمنع ويحرم كافة أشكال التخويف للمسلم، بدءًا من تحريم تخويفه وتهديده بالقتل، وانتهاءً بتحريم ترويعه ولو على سبيل الهزل والمداعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" (أبو داود).
وهذا هو ما يدفع الشخص إلى الإيجابية، والمشاركة الفاعلة، والإبداع في عملية التنمية، وبذل أقصى الجهد، وتقديم أنْفَس التضحيات لحماية الجماعة أو الدولة التي يعيش فيها. وهذا الشعور إذا تحقَّق للأفراد والهيئات داخل دولة ما؛ كفيل بالحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي، وتمكين التفوق العسكري، وحريٌّ بأن يدفع الأمة إلى موقع الصدارة، ويحقق لها كل الآمال في النهضة والتقدم.
على مَن تقع مسئولية الأمن بهذا المفهوم؟!
الأمن بهذا المفهوم هو مسئولية الأفراد والحكومات، ومن واجب الجميع المسارعة إلى الإسهام في تحقيق الأمن والرفاهية للمجتمع، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراك الجميع في المسئولية، فقال صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهْيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" (متفق عليه).
فالأفراد يلتزمون تقوى الله، والامتناع عن سائر المنكرات والفواحش الظاهرة والباطنة، ويحرصون على التقيد باللوائح والأنظمة المقررة، ويستمسكون بالولاء لأوطانهم، ويحافظون على الممتلكات العامة والخاصة، ويمارسون التناصح والدعوة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات، ويقوم الدعاة والمثقفون والإعلاميون والتربويُّون وسائر هيئات التوجيه وتكوين الرأي العام؛ بصياغة رسالة واحدة للأمة، مستمدة من عقيدتها، ومستلهمة تاريخها وحضارتها، ومؤكدة دورها ونهضتها.
والحكومات بأجهزتها المتعددة تمكِّن مواطنيها من حرية الرأي والتعبير، وتلتزم بتفعيل الشورى والشفافية التي تمكن من ممارستها على النحو الصحيح، وتُتيح للجميع المشاركة السياسية، وتفتح الأبواب أمام الجميع للإسهام في عملية التنمية، وتوفر الأجواء النزيهة والمنصفة لتحقيق المساواة بين المواطنين، وتوفِّر الحماية والأمن والخدمات والرعاية الصحية والتعليمية لعموم المواطنين، وتلتزم الجد والحزم والمساواة والإنصاف في تطبيق القانون، وتضع التشريعات والبرامج التربوية والتوعوية لإشاعة ثقافة المشاركة في القرار، وتعمل على مكافحة البطالة، وتوفير فرص العمل المتساوية أمام الجميع، وبذلك تهدأ النفوس والخواطر، وينطلق الجميع في اتجاه واحد نحو التقدم والرفاهية.
وبقدر ما تستطيع الدولة أن تنشر بين مواطنيها من الانتماء للوطن والشعور بالمسئولية والإيمان بالنظام والقانون؛ تُقاس قوتُها، وتتحدَّد بين العالمين مكانتُها، فلا وجود لمجتمع سليم ودولة متقدمة بغير الفرد السليم، وفي الحديث "إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ؛ فَظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاَءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ؛ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا" (الترمذي).. هل يمكن أن يتحقق الأمن بالإكراه وبالقوة والتسلط وإرهاب الشعوب وأخذ الناس بالشبهات؟!بالطبع، لا.
إن الذي ينظر في واقع الأمة يرى عجبًا، فالنظم الحاكمة في معظم بلادنا الإسلامية تجعل مهمتها الكبرى خنق الحريات، واعتقال وتشويه المعارضين، وترى أجهزة الأمن ذلك مهمتها الأساسية، ولذلك قصَّرت بل تخلَّت في أحيان كثيرة عن أمن مواطنيها، فرأينا ظواهر البلطجة والعصابات المنظمة والجرائم المخلة بالشرف؛ تملأ أركان مجتمعاتنا الإسلامية، بل الأعجب أن أجهزة الأمن في بلادنا صارت تستعين بهؤلاء البلطجية وبالفاسدين والفاسدات في مواجهة المعارضة الشريفة، كما في الانتخابات المختلفة، مما شاهده ورآه الناس بأعينهم، وسجَّلته وسائل الإعلام المختلفة، وأثبتته أحكام القضاء المتعددة.
بل قد سرى بين الناس أنه لا مجال للاعتماد على أجهزة الدولة في حفظ الحقوق أو استردادها، فلجأوا إلى الاعتماد على جهات أخرى، منها البلطجية، حتى رأينا نزاعًا بين عدد من كبار رجال الأعمال على قطعة من الأرض، لم يلجأ الجميع إلى الطريق الطبيعي للتخاصم، بل استأجر كلُّ فريق طائفةً من البلطجية المسلحين، ودارت معركة أهدرت فيها كثير من الدماء، حتى إن القضاء حكم بإعدام العشرات من المشاركين في الجريمة.
وفي الوقت الذي تتعامل فيه أجهزة الأمن برخاوة عجيبة مع هذه الظواهر الفاجعة؛ نجد أجهزة الأمن تتحرك بعشرات السيارات المصفَّحة وعشرات الجنود والضباط للقبض على سياسيين وأساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وعلماء في مختلف التخصصات ومربين فضلاء من أعمار مختلفة، لا لشيء إلا لأنهم ينتمون للإخوان المسلمين، ويؤمنون بالمشروع الإسلامي، ويسعون إلى خير بلادهم وتقدم أوطانهم، فيلفِّقون لهم التهم الظالمة، ويقدِّمونهم لمحاكمات ظالمة أمام محاكم غير مختصة، لديها أحكام مجهزة سلفًا، بعيدًا عن القضاء الطبيعي، الذي تضرب تلك النظم بأحكامه عرض الحائط.
ويظن أولئك السادة أن قهر الناس هو ما يحمي هيبة الدولة، ويحفظ نظام الحكم، وهذا إن صحَّ وأدَّى القهر غرضه في إخافة بعض الناس؛ فإنه يؤدي كذلك غرضًا آخر أكثر خطورةً، وهو قتل الروح المعنوية والإيجابية، وتعويد الشعب على اللا مبالاة والسلبية، وامتناعه عن المشاركة في حماية المجتمع وتأمينه، بل رأينا كثيرًا من النخب السياسية تقف متفرجةً لا تنطق ببنت شفة؛ تنديدًا بهذا الظلم أو استنكارًا له، فيا لله العجب!.
فهل هذا هو الذي يحمي النظم ويحقق لها الهيبة؟! ذلك هو الوهم الذي يعيش عليه الظالمون، إلى أن يفيقوا على وقع السقوط المدوي الذي لا سبيل إلى وقفه، والذي ندعو الله أن يحفظ أمتنا منه ومن آثاره.
الحرية والعدل.. هما ما يحفظان هيبة الدولة
يقول الإمام التابعي الجليل عامر الشعبي رحمه الله: "كانت دِرَّةُ عمر رضى الله عنه أهيب من سيف الحجاج"، وهو بذلك يختصر دروس التاريخ في كلمات بسيطة، فدِرَّة عمر "أي عصاه الصغيرة التي كان يؤدب بها المخالفين"، حققت من الهيبة وحفظ النظام ما لم يحققه سيف الحجاج الباطش الذي حصد رءوسًا كثيرة، وسفك دماء طوائف شتى من العلماء والفضلاء والعامة؛ إذ كان من منهج عمر رضي الله عنه ألا يقهر الناس أو يتجبر عليهم، بل يقول لكبار موظفيه وولاته الذين يبعثهم على البلاد المختلفة: "أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ- أي لا تحبسوهم في الرباط والثغور عن العودة لأهليهم- فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ" (أحمد)، ويقول لهم: "أدِرُّوا على المسلمين حقوقهم"، وبهذا انتظمت أمور الدولة، وملأت هيبتها القلوب.
أما سيف الحجاج فكان له أكبر الأثر في حصول الثورات على الدولة الأموية التي استخدمته، وكان من نتائج ذلك سقوط الدولة بعد سنوات قليلة.
إن المستبدَّ الذي يسوس الأمور بالقوة والقهر والشدة؛ يسلب الأمة حريتها وكرامتها، ويتصور أن استقرار أمره يقوم على قهرها وإذلالها؛ مما يدفع الأمة إلى التفكير في التخلص منه، فتبدأ دورة الفوضى والعنف، ويختلُّ نظام الدولة، ويطمع أعداء الأمة في استغلال هذا الوضع لابتزازها والتدخل في شئونها.
وهذا الخليفة الكريم العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، كان واليًا على المدينة، وقد ساس أهلها سياسة حسنة، وجاء الحجاج بن يوسف الثقفي وكان واليًا على العراق، فسأل أهل المدينة عن عمر: كيف هيبته فيكم؟ قالوا: ما نستطيع أن ننظر إليه هيبةً له. قال: كيف محبتكم له؟ قالوا: هو أحب إلينا من أهلنا، قال: فكيف أدبه فيكم (يعني: تأديبه للرعية وعقابه للمخطئين) قالوا: ما بين الثلاثة الأسواط إلى العشرة، قال الحجاج: هذه هيبته، وهذه محبته، وهذا أدبه؟! هذا أمر من السماء!.
وكتب إليه اثنان من ولاته: نرى أن الناس لا يصلحهم إلا السيف! فكتب عمر رضي الله عنه إليهما: "خبيثين من الخبث، ورديئين من الرديء، أتعرضان لي بدماء المسلمين؟ والله لَدَمُكُما أهون عليَّ من دماء المسلمين".
وكتب إليه والي حمص: إن مدينة حمص قد تهدمت واحتاجت إلى الإصلاح، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: "حصِّنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الجَوْر.. والسلام"، وكتب لأحد ولاته: "خذ الناس بالبينة وما جرت عليه السُّنَّة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله".
ولهذا كانت المدة اليسيرة التي تأمَّر فيها عمر رضي الله عنه سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام؛ كفيلةً بأن ترفع لواء الأمة، وأن تُعيد لها نهضتها من جديد. وهذا ما نحن في أمسِّ الحاجة إليه اليوم: أن يكتب الله تعالى لهذه الأمة أمراء رفقاء لا يعنفون الناس، ولا يخاصمون الشعوب.
وإننا نهدي هذه المواقف المشرِّفة إلى الذين يتصورون أن هيبة الدولة وأن حفظ النظام لا يتأتى إلا بالشدة وبأخذ الناس بالظن، وتجهيز التهم للمعارضين، والاعتقال التعسفي للخصوم السياسيين.
فهل يعي العقلاء ذلك ويتداركون الأمر قبل فوات الأوان؟
نسأل اللهَ الهداية لنا ولهم وللناس أجمعين..
والله أكبر ولله الحمد.