التاريخ : الخميس 19 نوفمبر 2009 . القسم : رسالة الأسبوع
الحج والأمة الواحدة
رسالة من: محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فها هي قلوب المسلمين تهوي إلى البيت الحرام من أنحاء المعمورة، برهانًا على استجابة الله لدعوة الخليل إبراهيم؛ حين قال: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ (إبراهيم: من الآية 37)، وما يزال وعد الله يتحقق، وما تزال أفئدة من الناس تهوي إلى البيت الحرام؛ يتقاطرون بمئات الألوف من فجاج الأرض البعيدة، قاصدين بيت الله الحرام، يعيشون في رحابه، ويتعلمون من خلال الحج دروس الحياة العزيزة، ومنها ما يلي:
الحج تطبيق عملي لمبدأ المساواة:
يلتقي المسلمون على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم ولغاتهم ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ (الحج: من الآية 28) فتتجلى المساواة بأسمى صورها الواقعية في الحج، فالجميع يلبسون لباسًا واحدًا بسيطًا لا ترف فيه ولا تفاخر، والجميع يطوفون حول البيت ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ (الحج: من الآية 25)، والجميع يهتفون هتافًا واحدًا لا أثرَ فيه لعنصرية، ولا محلَّ فيه لعصبية (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)، والجميع يقفون في عرفات موقفًا واحدًا، لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والإخلاص؛ فتذوب الطبقية، وتتلاشى التفرقة، وتتجسد المساواة الحقة الصادقة الخالية من كل تكلف أو خداع، المساواة التي فُقِدَت في العالم المتحضِّر، وضاعت في دنيا المدنية الزائفة.
والجميع يُفيضون من عرفات، ويأتون المشعر الحرام بمزدلفة، بعد أن ألغى الإسلامُ الامتيازَ الذي كانت قريشٌ تعطيه نفسَها؛ ليؤكد عمليًّا المساواةَ بين الجميع، فقد "كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾" (البقرة: من الآية 199) (متفق عليه).
ثم وقف صلى الله عليه وسلم يعلن هذا المبدأ الإنساني الجامع يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13)، فَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَض وَلا لأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ، إِلا بِالتَّقْوَى" (الطبراني).
وهو صلى الله عليه وسلم الذي قال يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ (أي كبر وفخر) الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ" (الترمذي).
لقد آن للمسلمين، بل للدنيا كلها؛ أن تتعلم المساواة الحقيقية من هذه الفريضة الكريمة ومن مختلف شعائر هذا الدين القويم، بدلاً من التعلق بالشعارات الفارغة التي ترددها بعض الأمم بألسنتها، وتُوقِّع من أجلها المواثيق والمعاهدات، ثم تدوسها كل صباح ومساء بأقدامها وسلطانها وقوتها وجبروتها، وتضمر في نفسها احتقارًا لأبناء الأمم الأخرى.
الحج مؤتمر الأمة الواحدة المتوحدة:
ها هم اليوم حجاج بيت الله الحرام من كل فجٍّ عميق، بكل لغةِ ولون، يتوافدون على البقاع المقدسة الطاهرة، متناسين الخلافات السياسية بين الدول التي وفدوا منها، لا تحرِّكهم سوى قوة العقيدة والدين، الذي ينفذ إلى أعماق القلوب وأغوار النفوس؛ فيحركها نحو الوحدة الإنسانية الكبرى، البريئة من نزعات التعصب لجنس أو لون أو عرق، ويحذِّرها من الاستجابة لرغبات الأعداء في تفريقها وتمزيقها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)﴾ (آل عمران)، ويدعوها في وضوح تام ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، ومن ثم ينطلق المسلم مستحضرًا ماضي أمته الواحدة، متطلعًا إلى إحياء هذه الوحدة العزيزة، ولسان حاله يقول:
تُرَجِّعُ أَعْمَاقِي نِدَاءَ مُحَمَّدٍ وَصَوْتَ بِلاَلٍ بِالْمَآَذِنِ عَالِيَا
وَصَيْحَاتِ سَعْدٍ فِي الْحُرُوبِ وَخَالِدٍ وَأَمْجَادُ أَسْلافِي تُدَوِّي وَرَائِيَا
وَأَرْفَعُ فِي لُجِّ الْحَوَادِثِ هَامَتِي وَلَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الرُّؤُوسِ مَمَاتِيَا
تَلاشَتْ حُدُودُ الأرْضِ عِنْدِي وَإِنَّمَا بِلادِي وَقَوْمِي حَيْثُ يُدْعَي إِلاهِيَا
ثم إن هذا الموسم يمثِّل اجتماع كل طاقات الأمة المسلمة من العامة والعلماء، ومن البسطاء والحكماء، ومن الضعفاء والأقوياء، ومن الأغنياء والفقراء، يجتمعون في موطن واحدِ؛ ليتعلموا أن أمة الحق وحدة واحدة، لا بد أن تتكامل في قواها، وأن يجتمع مال أغنيائها وقوة أقويائها مع عقول علمائها وحكمة حكمائها؛ لتحقق الوحدة المنشودة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (الأنبياء: من الآية 92).
وكم هو عظيم معنى الطواف الذي يجعل الأمة كلها تطوف نحو محورٍ واحد، بكل مشاعرها، فيغمرها شعورٌ كريمٌ فياضٌ، بانتمائها إلى هدفٍ واحدٍ وغايةٍ واحدةٍ، فتتدرب على التعاون وإنكار الذات، وتتلقى دروسًا عملية في الحب والوحدة.
قل لي بربك.. ما شعورك حين ترى مئات الألوف من الحجيج- على اختلاف أجناسهم وتباين لغاتهم- يسيرون في ارتباط وتآزر، ووحدة وتكاتف، ووسط التلبية الهادرة، والأصوات العالية، إذا أذن المؤذن سمعوا الأذان، ولبّوا النداء، ووقف الجميع كأن على رءوسهم الطير، لا تسمع حينئذٍ إلا همسًا، ولا ترى إلا أجسامًا منظومة، وأقدامًا مصفوفة، إذا ركع إمامهم ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا قرأ أنصتوا، وإذا دعا أمّنوا.
إنها صورة من صور الجمال والحسن والجلال، ومشهد من مشاهد الكمال؛ فلْتَأْتِ الدنيا كلُّها لتُطِلَّ على هذا المنظر البديع المتناسق، وليشهد الوجودُ كله بأن الإسلام هو دين الوحدة والنظام، ودين الحياة.
إن الأمة اليوم وهي تُضطهد في كل ديارها، وتُحاط بالمؤامرات والكيد من كل جوانبها؛ ينبغي أن تستحضر ضرورة الوحدة، وأن تدرك أن قطب الرحى لهذه الوحدة هو دينها الذي به عزتها، وعقيدتها التي منها تستمد قوتها، وأن تستمع لهذا النداء الخالد من نبيها العظيم صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا" (متفق عليه)، وأن تلتفت إلى عنوان تجمُّعها وشعار وحدتها؛ وهو الاستمساك بالكتاب والسنة "تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ" (موطأ مالك).
فهل ينتهز قادة الأمة وعقلاؤها هذا المؤتمر الإسلامي السنوي العام للعمل على لمِّ الشمل، وفض النزاعات، وتوحيد الصف، والوقوف بوجه العدو المتربص؟
حقن الدماء وحرمة دم المسلم:
في حجة الوداع قام القائد الأعظم، والرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ فألقى أسمى خطاب في الوجود، وأخلد حديث على صفحات الزمان، وأرسى بنود أعدل دستور عرفه التاريخ، يرسم للبشرية طريق خلاصها، وسبيل مجدها، ودروب سعادتها وعزتها، ويسكب في أذن الدنيا أصدق قانون، فيه صلاح المجتمع، وكرامة الإنسان، ويتلو قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ (المائدة: من الآية 3).
ومن أهم ما شدد عليه صلى الله عليه وسلم: حرمة الدماء، فقد خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟". قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟". قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟". قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا". فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ: "فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (البخاري).
ورفض النبي صلى الله عليه وسلم كل أعراف الجاهلية في الأخذ بالثأر أو إراقة الدماء تحت أي مبرر، وبدأ بدماء أهل بيته، فقال في خطبة عرفة: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا؛ دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ" (مسلم).
وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلن أن الشيطان يقود حربًا للإيقاع بين أبناء الأمة، فيَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ" (مسلم)؛ أليس ما يجري في هذه الأشهر الحرم في بلادنا العربية والإسلامية من حروب وفتن داخلية، يُذكيها أولياء الشيطان من الشرق والغرب، ويمدون أطرافها بالسلاح والعتاد؛ هو من تحريش الشيطان الذي حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم؟
فيا عقلاء الأمة، ويا قادة الأمة، ويا علماء الأمة، هلموا إلى عمل جاد حازم، يوقف نزيف الدم المسلم في اليمن والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان والسودان وكل مناطق التوتر على امتداد رقعة أمتنا الإسلامية؛ حقنًا للدماء المسلمة التي تراق في غير ميدانها، وتنفيذًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ" (الترمذي).
أليس عجيبًا أن يمد العرب والمسلمون أيديهم للسلام والتفاهم مع أعداء الأمة الذين احتلوا الديار، وقتلوا الأبرياء في فلسطين وغيرها، وفي ذات الوقت يمتنعون من التفاهم مع بني جلدتهم وأوطانهم، ولا يعرفون سبيلاً لحل مشاكل أوطانهم إلا بقوة الحرب والسلاح الذي اشترته جيوش الأمة من أجل حماية الأوطان لا من أجل حل الأزمات الداخلية؟!
أليس الأشد عجبًا أن يسمح بمرور السلاح بكل أشكاله إلى الأطراف المتنازعة في قلب الأمة، في الوقت الذي يتكاتف فيه العرب والمسلمون مع الصهاينة المجرمين لمنع السلاح عن المقاومين المجاهدين؟! ألا يثير كل ذلك النخوة في قلوب قادة الأمة وأصحاب الكلمة فيها، فيتحركون لإصلاح هذا الخلل، وتقويم هذا العوج؟!
القدس والأقصى في قلب كل مسلم:
إن البقاع المقدسة في مكة والمدينة لتذكرنا البلدَ المباركَ الذي بارك الله حوله؛ القدسَ الشريف الذي يشكو إلى ربه ظلمَ اليهود الظالمين، وعجزَ المسلمين المتخاذلين، إذ يعيش أهله تحت سياط القهر والخوف والتهجير ومصادرة الأملاك وهدم البيوت، وإن الطواف حول البيت المعظم ليذكرنا شقيقَه المأسورَ المسجدَ الأقصى المباركَ، وإن للقدس والأقصى محلاًّ ساميًا في قلب كل مسلم؛ ولئن عجز النظام الرسمي العربي والإسلامي عن الوقوف في وجه المحاولات الصهيونية الآثمة لتهويد القدس وهدم الأقصى؛ فلقد أثبت أبناء الأقصى المرابطون أنهم يفدونه بأرواحهم وأنفسهم، وإنهم لجديرون بأن تقف الأمة من ورائهم، وأن تشد من أزرهم؛ حتى يكتب الله لهم النصر ولأقصانا ومدينتنا التحرير بإذن الله.
وإني لأدعو كل مسلم في هذه الأيام المباركة، وبخاصة حجاج بيت الله إلى التضرع إلى الله في إخلاصٍ وإخباتٍ وخشوعٍ أن يفك أسْرَ البلد المبارك؛ ليلحق بأخويه مكة والمدينة، وأن يكتبَ لأهله ونازليه الأمنَ في ظل الإسلام الحنيف، وأن يحفظه وأن يثبت المجاهدين من أهله، ويربط على قلوبهم حتى يتم لهم النصر الموعود إن شاء الله، وأن يحفظ المسجد الأقصى المبارك من كيد الصهاينة المجرمين، وأن يلحقه بأخويه المسجد الحرام والمسجد النبوي في الأمن والأمان والسلامة والإسلام.
وكل عام وأمتنا الإسلامية بألف خير، والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.