التاريخ : الخميس 02 يونيو 2011 . القسم : رسالة الأسبوع

طـريق النجـاة.. إيمان واتحاد


رسالة من: أ. د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:

 

فإن الإسلام الذي ندعو الناس أجمعين إليه هو رحمة الله للعالمين، وصراطه المستقيم، به تسعد البشرية؛ حيث تُصان الأنفس والأموال والأعراض، ويتمتع الجميع في ظله بالحرية والعدالة والمساواة، ويعم الأمن والأمان كل أرجاء المعمورة؛ فتنعم البشرية جمعاء، دون تفرقة بينها بلونٍ أو جنسٍ أو عقيدةٍ، فالجميع في ظله سواء، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا.

 

أيها المسلمون.. أيها العالم أجمع

الإخوان المسلمون لا يزالون أوفياء وأمناء على ما ورثوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كلِّ المسلمين، وما عبَّر عنه الإمام البنا- رحمه الله- في وضوح وجلاء لا لبس معه ولا غموض، ولا مكان فيه لدهاء ومكر الساسة، ولا ما يدور خلف "كواليس السياسة" فلتسمع الدنيا تلك الكلمات:

 

"سندع للزعماء الصف الأول.. وسندعوهم إلى القيادة، ونقول لهم: هذا هو الطريق.. وهذا هو الشعب، فهيَّا سيروا على بركة الله، ونحن قوم مؤدبون بأدب الإسلام، ونعلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزال أمتي بخير ما وقر صغيرها كبيرها، ورحم كبيرها صغيرها"، فلن نتقدَّمَكم ما تقدمتم، ولن نخالفكم ما استقمتم، وعليكم الجد ما استطعتم، فإن فعلوا ذلك فذاك، وإلا فقد تخلوا عن الأمانة، وجردوا أنفسهم عن معنى الزعامة، ولا بدَّ أن تجد الراية حملتها، وهم موجودون.. ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 38).

 

ويعلمنا- رحمه الله- بأن نقول للناس أجمعين: "ليست السياسة حرفة تحترف، ولا مغنمًا يغتنم، وإنما هي إدارة شئون الأمة بما ينفع الناس، ويرضي الله.. هي المسئولية الكاملة، ليست أمام البرلمان بمجلسيه، وخوفًا من استجواب النائب المحترم، وإنما مسئولية أمام الله، وخشية من محاسبة الرحمن، على كل صغيرة وكبيرة ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)﴾ (الكهف: من الآية 49)".

 

شعار أعدائنا "فرق تسد"

هذه سياسة كل مستعمر غاصب، وكل محتل ناهب؛ لأنهم على يقين من أنهم لن يجدوا موضع قدم لهم في ظلِّ وحدة البلاد، ومن ثَمَّ كان مكرهم بالليل والنهار لفرقة المسلمين، قديمًا وحديثًا، فقديما مَرَّ شَاسُ بْنُ قَيْسٍ اليهودي، عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَغَاظَهُ مَا رَأَى مِنْ جَمَاعَتِهِمْ وَأَلَقَتِهِمْ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا مَعَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ بِهَا مِنْ قَرَارِ، فَأَمَرَ فَتًى شَابًّا مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: اعْمِدْ إِلَيْهِمْ، فَاجْلِسْ مَعَهُمْ وَذَكِّرْهُمْ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَأَنْشِدْهُمْ بَعْضَ مَا كَانُوا تَقَاوَلُوا فِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ، فَفَعَلَ، فَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا، حَتَّى تَوَاثَبَ رَجُلَانِ فَتَقَاوَلَا، إلى أن قالوا: "السِّلَاحَ السِّلَاحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهَ اللَّهَ، أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ بَعْدَ إِذْ هَدَاكُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأْكَرَمَكُمْ بِهِ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَاسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَكُمْ تَرْجِعُونَ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ كُفَّارًا"؛ فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنَّهَا نَزْعَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَكَيْدٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَأَلْقَوُا السِّلَاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَبَكَوْا وَعَانَقَ الرِّجَالُ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، قَدْ أَطْفَأَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَيْدَ عَدُوِّ اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)﴾ (آل عمران).

 

وأما عن مكرهم وكيدهم حديثًا فقد قدَّم السفير الفرنسي "الجنرال سباستياني" إلى نابليون بونابرت في 12 يوليو سنة 1808م تقريرًا يتناول الأوضاع الداخلية والسياسية الخارجية لدولة الخلافة الإسلامية التركية آنذاك جاء فيه: ".. هل نستطيع إدخال الفرقة بين المسلمين؟ لا أدري هل هو ممكن؟ ولكن هذا السؤال يلح على خاطري على الدوام: هل من الممكن إدخال عداوة مذهبية بين المسلمين؟ إذا أمكن خلق النزاع في الدين الإسلامي، فإن الاستيلاء على الأراضي التي يسكنها الأتراك في أوروبا يكون سهلاً..".

 

ويقول تيودور هرتزل في المؤتمر الماسوني المسكوني عام 1903م: ".. نعترف بجميع الأديان، ثم نضع عليها إشارات استفهام، فإذا تزعزع معتنقوها عدنا، وقلنا: لا خالد إلا نواميس موسى، ولاختصار الطريق ندخل أديان الناس، ونحفظ إسرائيل في قلوبنا، لإحالة تلك الأديان فرقًا ومذاهب وطوائف، لتعددها وتطاحنها واقتتالها؛ لأن الناس خراف ترعى بأرضها، وما علينا كي نوقعها بحوزتنا، ونأكل لحمها، وننتزع أرضها إلا أن نؤجج نار العداوة بينها، لتسهيل إبادتها بأيدينا".

 

"إسرائيل" كيان صهيوني محتل رمز العنصرية

ولقد حذرنا الله من مكر اليهود، ودورهم الخطير في إيقاد نار الحروب، فقال تعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)﴾ (المائدة: من الآية 64)، فيدهم تشعل الفتيل الخفي، وهي غير مرئية، وبعيدة عن الميدان، فما تلبث النار أن تصل إلى ميدان الحرب وهو كل أرض إسلامية، كل جمع يشكل عليهم خطرًا، أو يحول دون تحقيق مآربهم، وما الحرب في السودان وتقسيمها إلا من صنيعهم ومن لفَّ لفهم، وما النزاع والحرب الذي دار بين الفلسطينيين إلا من تخطيطهم، وما غاظهم إلا الصلح الذي تمَّ بين فتح وحماس، وندعو الله أن يتم عليهم النعمة بأن يصل هذا الصلح إلى هدفه، وأن يكون أبناء فلسطين المسلمة تطبيقًا عمليًّا لقول الله تعالى: ﴿أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾، وأن تضع الحرب أوزارها بينهم إلى الأبد، وأن يعتصموا بحبل الله ويتحدوا في مواجهة الغاصب المحتل.

 

طريق النجاة.. إيمان واتحاد

أيها المسلمون: لا أعتقد أن الغرب يريد للمسلمين خيرًا، ولا أتصور أن الحلف الصهيوأمريكي يريد لثورتنا المباركة أن تصل إلى أهدافها، والتي في مقدمتها: أن نتمتع بالحرية على أرضنا، وأن نستقل في قرارنا، وأن تكون لنا السيادة على أوطاننا- ويوافقني على ذلك كل من يقرأ الواقع في نور الإيمان- ومن هنا أدعو كلَّ المسلمين إلى الطريق الذي يحقق لهم النجاة من مكر الأعداء، والوصول بالثورة إلى غايتها وتتلخص في:

 

أولاً: قوة الإيمان بالله تبارك وتعالى، وحسن الاعتماد عليه، وجميل الاستمداد منه، والاستناد إلى تأييده، والأمل في نصره، والاعتزاز بهذه العزة الربانية المستمدة من هذا الإيمان: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون: من الآية 8).

 

ثانيـًا: شدة تماسك بنيانهم، وقوة رابطة جماعتهم، وقوة أساسها، وصفاء القلوب، ونقاء السرائر، وتقدير معنى الوفاء، والشعور بقدسية الأخوة، وإشراق القلوب بمشاعر الحب في الله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾ (الحجرات).

 

ثالثًا: نبذ الفرقة والتنازع: فالأمة الإسلامية لم تُغلَب قط من قلة عددها، ولا من ضعف وسائلها، ولا من كثرة خصومها، ولا من تألب الأعداء عليها، ولو تجمع أهل الأرض جميعًا؛ ولكننا نغلب إذا فسدت قلوبنا، ولم يصلح الله أعمالنا، أو إذا تفرقت كلمتنا، واختلفت آراؤنا، وعلينا أن ننطلق من قول الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: من الآية 103)، ويتأكد ذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾ (الأنفال).

 

رابعًا: التحرك فيما نتفق عليه متحدين، وترك ما نختلف فيه لحين: هذا قانون يجعل منًّا صفًّا واحدًا، ويدًا واحدة، ويمكننا من الوصول إلى أهدافنا، ولا أدل على صواب ذلك من أننا حين نزلنا إلى الميدان في 25 يناير بأهداف اتفق عليها الجميع، كان لنا نصر الله.. ولهذا فأنا أهيب بكلِّ الفصائل أن تقوم اللجنة التنسيقية بالثورة بدورها بينهم، وألا ننزل إلى الميدان إلا بما اتفقنا عليه من مطالب.

 

خامسًا: احترام رأي الأغلبية، فهذا هو أساس الديمقراطية، وألا تتصور فئة من الناس أو نخبة من أصحاب الرأي أن الشعب قاصر وعاجز عن إدراك مصلحته، أو أنه غير قادر على الفهم في السياسة، ومن هذا التصور الخاطئ تُعيِّن نفسها وصيًّا عليه، حتى يبلغ رشده، ويستكمل وعيه، كما كان يفعل النظام البائد.

 

وإننا لنقول إن شعب مصر شعب عظيم، ومعدنه أصيل، لا تغيره عوامل الزمن، ولا يؤثر عليه طول المحن، وإن التراب الذي قد يعلوه أو المستنقعات التي قد تحيط به، لا تنال من أصالته وجوهره، والتاريخ يشهد بنضارته وحضارته، ومصرنا العزيزة ما مرَّ بها غاصب محتل أو نزل قريبًا منها، إلا وكان لشعبها الدور العظيم في وقف زحفه ودحره خاسئًا على أعقابه.. وصدق نبينا فهم خير أجناد الأرض.. بل وخير العلماء.

 

وإن شعبًا يقوم بهذه الثورة العظيمة شعب عظيم صاحب إرادة وهمة عظيمة وفهم يستطيع أن يميز به بين ما ينفعه وما يضره، ويدرك أين تكون مصلحته، ويعرف كيف يحافظ على ثورته لتصل إلى غايتها.

 

سادسًا: ضوابط لا بدَّ منها لنجاح الديمقراطية: ولكي تنجح الديمقراطية ونجني منها ثمارًا طيبة مباركة لا بدَّ من مراعاة هذه القواعد الأساسية عند التطبيق:

 

- أن تكون الأقلية التي لم يؤخذ برأيها أول مَن يسارع إلى تنفيذ رأي الأغلبية.

 

- وأن تنفذه بإخلاص باعتباره الرأي الواجب الاتباع.

 

- وأن تدافع عنه كما تدافع عنه الأغلبية.

 

- وليس للأقلية أن تناقش رأيًا اجتاز دور المناقشة، أو تشكك في رأي وضع موضع التنفيذ.

 

سابعًا: الإمساك عن تبادل الاتهامات عند الاختلاف في الآراء ظاهرة صحية، ولكلِّ شخص أن يدافع عن رأيه، وأن يدعو إليه.. ولا أحد يحجر على العقول في فكرها، فحرية الفكر والرأي حقٌّ مكفول للجميع دون تمييز لفئة على أخرى، لكننا مع إقرارنا بهذا الحق، نهيب بكلِّ صاحب رأي أن يعبِّر عن رأيه قبل اتخاذ القرار، دون أن يجرح أصحاب الآراء الأخرى، ولا يليق بحرٍّ كريمٍ أن يكيل الاتهامات لِمَن يخالفه الرأي.. أو أن يتطاول عليه بالطعن والتجريح.. وليكن شعار الجميع في هذه المرحلة الحرجة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)﴾ (الحجرات: 12).

 

ومن هنا كانت وصية الإمام البنا- رحمه الله- للإخوان المسلمين: "تجنب غيبة الأشخاص، وتجريح الهيئات، ولا تتكلم إلا بخير".

 

ثامنًا: الصبر من ضرورات المرحلة وخير ما يعيننا في اجتياز هذه المرحلة بسلام، أن نوطن أنفسنا على الصبر والمصابرة، فالفساد التراكمي لستة عقود، لا يمكن تغييره في شهر أو شهرين، بل قد يحتاج إلى سنين، فنحن بدأنا الخطوة الأولى على الطريق، وواجبنا أن نواصل المسير، وألا تحرفنا الأهواء والمصالح الشخصية عن جادة الطريق، ودائمًا نغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأن نكون على يقين بأن الزمن جزء من العلاج.. وإذ عزَّ علينا أن نتفق، فليصبر كلٌّ منَّا على الآخر، وليكن سلاحنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾ (آل عمران: 200).

 

تاسعًا: بالعمل نبني نهضتنا: إن مصرنا العزيزة في حاجة إلى التعاون بين كلِّ أبناء الأمة: المسلم والمسيحي، والرجل والمرأة، والشاب والفتاة، من أجل البناء والتعمير الذي يتطلب تضافر الجهود، وتجميع القوى الفاعلة، واليد العاملة، والعقول المفكرة، وتوظيف كلِّ الطاقات والإمكانات من أجل بناء الأمة والنهوض بها دينيًّا وأخلاقيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وعسكريًّا، حتى نتحرر في كلِّ هذه الجوانب، وحتى لا نمكِّن لأحد أن ينتقص من حريتنا، أو ينال من كرامتنا، وتكون لنا السيادة على أرضنا، والعزة والكرامة في أوطاننا، وليكن نبراسنا من الآن:﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (التوبة).

 

عاشرًا: ونصيحتي إلى الإخوان: لا تخافوا من كثرة السهام المصوَّبة نحوكم من بعض وسائل الإعلام التي لا تكف عن الحديث عنكم، والنيل منكم، والتشكيك في نياتكم، والسعي الدءوب في صرف الناس عنكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وتذرعوا بالصبر والتقوى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (آل عمران: 120).

 

ولا تشغلوا أنفسكم بالردِّ عليهم بالأقوال، واجعلوا من أعمالكم أبلغ رد، وأقطع جواب.. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)﴾ (يوسف: 21)، ولا تعطوهم الفرصة بأخطاء الكلام، وزلات اللسان، فمن كثر كلامه قل عمله.

 

واعلموا أيها الإخوان أن الله ينظر إلى قلوبكم، فأخلصوا نياتكم، وواصلوا العمل: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)﴾ (محمد: 35).