التاريخ : الأربعاء 26 ابريل 2006 . القسم : بيانات

بيان الإخوان المسلمين بشأن قضاة مصر الشرفاء وضرورة استقلال السلطة القضائية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

القضاةُ هم سَدَنةُ العدلِ وصمامُ الأمنِ وضمانُ الاستقرارِ للوطن، وحيثُ يسودُ العدلُ تنتشر الطمأنينةُ ويعمُّ السلامُ على مستوى الفردِ والجماعاتِ والمؤسساتِ والحكوماتِ، وقد كان القضاءُ في مصر دومًا ملاذَ الخائفين وملجأَ الضعفاءِ، وثقةَ الشعبِ المصريِّ على مرِّ الدهورِ والعصورِ.

 

ولا شكَّ أن توفيرَ الاستقلالِ الكاملِ للسلطةِ القضائيةِ هو أحدُ أهمِّ سماتِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ في المجتمعات المتقدمة، وهو ما تحرصُ عليه هذه المجتمعات ضمانًا لنهضتها ورقيِّها، فضلاً عن قدرتِها على مواجهةِ التحدياتِ الداخليةِ والخارجية، ولا شكَّ أيضًا في أن النُّظُمَ الاستبداديةَ تحرص على النَّيلِ من هذا الاستقلالِ والوقوفِ عقبةً كؤودًا أمامه؛ حتى تتمكنَ من بسطِ سيطرتِها ونفوذِها، وإحكامِ قبضتِها وهيمنتِها على الشعوبِ، وقهرِها وسلبِ حقوقِها وحرياتِها.

 

لذلك كان من أهم مطالب الإخوان المسلمين والقوى السياسية والوطنية في مصر بالنسبةِ للإصلاحِ السياسيِّ هو ضرورةُ صدورِ قانونِ استقلالِ السلطةِ القضائية، والذي صاغه وطالب به نادي قضاة مصر؛ حتى يتمكنَ السادةُ القضاةُ من الإشرافِ الكاملِ والحقيقيِّ على الانتخاباتِ العامةِ؛ كي تخرجَ معبِّرةً بحقٍّ وصدقٍ عن الإرادةِ الحرةِ للشعب.

 

ولقد قام قضاةُ مصر العِظامُ بدورِهم الخلاَّق في الإشرافِ على الانتخاباتِ النيابيةِ الماضيةِ، وحاولوا بكل ما أوتوا من طاقةٍ وجهدٍ تحمُّلَ الأمانة والقيامَ بالمسئولية والتبعة على أفضل وجه ممكن.

 

وقد تعرض عددٌ من هؤلاء القضاة أثناء قيامهم بدورِهم المشرِّف إلى كثيرٍ من العَنَت والإهانةِ والعدوانِ على يدِ أجهزةِ الأمنِ، ثم اندفعت السلطةُ التنفيذيةُ إلى منزلقِ تحويلِ بعضِ السادةِ المستشارين إلى التحقيقِ أمامَ نيابةِ أمنِ الدولة العليا، ثم بعد ذلك إلى لجنةِ الصلاحيةِ، وهو أمرٌ يدلُّ على عُنفِ التحدي والإهانةِ، ليس للقضاةِ فقط ولكن للشعبِ المصري كله.

 

ثم كانت الطامةُ الكبرى، وهي الاعتداءُ بقسوةٍ ووحشيةٍ على أحدِ السادةِ القضاةِ، وهو المستشار محمود حمزة الذي ساقَه قدرُ اللهِ إلى الوقوعِ في أيدي رجالِ الشرطةِ قبل فجرِ يوم الإثنين 24/4/2006م، وذلك أثناءَ اعتدائِهم على بعضِ المعتصِمين من الحركةِ المصريةِ من أجل التغيير (كفاية)؛ تضامنًا مع السادةِ القضاة.

 

إن ما حدثَ يُعدُّ جريمةً كبرى بكل المقاييس في حقِّ شعبِ مصرَ، الذي يقف الآن بكل شرائحِه وفئاتِه وقواه الحيةِ خلفَ القضاةِ الشرفاءِ بكلِّ الصمودِ والثبات والتصدي لنَيْلِ استقلالِ السلطة القضائية مَفخَرَة مصر وأملها.

﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُوْنَ﴾ (يوسف:21).

                                 محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 28 من ربيع الأول 1427هـ= 26 من أبريل 2006م