التاريخ : السبت 12 ابريل 2008 . القسم : بيانات

بيان من الإخوان المسلمين بخصوص الموقف الأخير من قطاع غزة


لا نحسب أن أحدًا قد نسي أن الفلسطينيين في الضفة والقطاع تعرَّضوا لحصار ظالم في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جاءت بمنظمة حماس إلى السلطة، وتمَّ تضييق الخناق حول قطاع غزة في أعقاب ما حدث بين منظمتَي فتح وحماس، وظل الحصار يضيق حول الشعب الفلسطيني في القطاع لدفعه للتمرُّد على حركة حماس وإسقاطها، وبالتالي إسقاط خيار المقاومة للاحتلال الصهيوني، وترك الفلسطينيين تحت رحمة الصهاينة يحرمونهم من كافة حقوقهم المشروعة، وأبسط مقوِّمات الحياة.

 

وللأسف فقد شارك في هذا الحصار الخانق كلّ القوى العالمية الباغية، بل ومعظم الحكومات العربية، حتى وصل مليون ونصف مليون فلسطيني إلى شفا الموت جوعًا وبردًا ومرضًا، إضافةً إلى الموت نتيجة الغارات الصهيونية الوحشية المستمرة؛ الأمر الذي دفعهم منذ فترة إلى اقتحام الحدود مع مصر؛ استغاثةً بإخوانهم المصريين من أجل كسر طوق الحصار القاتل، وبالفعل تجاوب معهم أفراد الشعب المصري وأمدُّوهم بما يحتاجونه من طعام وشراب ودواء، مؤثِرين إياهم في ذلك على أنفسهم، رغم ما بهم من خصاصة.

 

وتعاونت الحكومة المصرية مع شعبها في بداية الأزمة، إلا أنها عادت لإغلاق المعبر، وبناء سور عازل على الحدود، وتكثيف الوجود الأمني هناك، والتضييق على الحركة عبر المعبر، والأدهى من ذلك انطلاق الأبواق الإعلامية والتصريحات الرسمية بأن الأمر يهدِّد السيادة المصرية، فضلاً عن أن هناك اتفاقياتٍ دوليةً تحكم قضية فتح المعبر، وتُشيع أن حماس تريد أن تستولي على أجزاء من سيناء، وتحاول تصدير مشكلاتها إلى مصر، وبالتالي فقد كان الهدف من هذه الحملة الإعلامية القضاء على التعاطف الشعبي المصري تجاه إخوانهم الفلسطينيين، وتصويرهم على أنهم أعداءٌ يعملون ضد مصلحة مصر، في الوقت الذي يسعى فيه نفس الإعلام إلى تصوير الأمريكان والصهاينة على أنهم حلفاء لمصر؛ في محاولة لمحو الذاكرة، وقلب الحقائق والموازين.

 

ولكي لا ننسى ينبغي التذكير بالحقائق التالية:

1- الكيان الصهيوني قام على أنقاض دولة فلسطين العربية المسلمة، في احتلال استيطاني عنصري يستهدف طرد كل الفلسطينيين من أراضيهم.

2- هذا الكيان كيان توسعي عقائدي، يرمي إلى إقامة دولة صهيونية من النيل إلى الفرات، ثم الهيمنة على كل مقدَّرات المنطقة.

3- أنه كيان إرهابي عدواني لم تسلم من عدوانه كلُّ الدول العربية المحيطة به، بل وصل عدوانه إلى تونس، وهدَّد بعض قادته يومًا ما بتدمير السد العالي لإغراق مصر، كما أنه الآن يهدِّد بالعدوان على إيران.

4- هذا الكيان مدجَّج بكلِّ الأسلحة الفتاكة، بما فيها أسلحة الدمار الشامل.

5- هذا الكيان هو المتسبِّب في إشعال كل الحروب في المنطقة منذ تأسيسه، وبالتالي فقدت هذه المنطقة من العالم استقرارَها وأمنَها، وهو ما أدَّى إلى ضعفها وتخلّفها الاقتصادي والتنموي؛ نتيجة الإنفاق الضخم على وسائل الدفاع.

6- هذا الكيان المغتصب وحاميته الكبرى أمريكا يقومان بتفتيت المنطقة وإثارة النزاعات بين دولها، بل بين القوى السياسية داخل البلد الواحد.

7- رغم توقيع معاهدات سلام بين بعض الدول العربية وبين هذا الكيان، إلا أنه لا يزال يخترق هذه الدول وينتهك أسرارها عن طريق العملاء والجواسيس.

 

 الصورة غير متاحة

 مظاهرة في غزة تطالب بفك الحصار الظالم

واليوم تتكرر المأساة الإنسانية في قطاع غزة، ويضيق حبل الحصار على عنق أفراده، ويبلغ الضغط عليهم مبلغه، ويوشِك القطاع أن ينفجر من جديد، ولا ريب أن علينا نحن المسلمين والعرب جميعًا والمصريين بصفة أخصّ واجبًا بحكم الاتصال الجغرافي، هذا الواجب يفرضه الدين والعروبة والوطنية والأمن القومي والشعور الإنساني، وهو أن نسعى لإنقاذ هؤلاء الإخوة من خطر الموت الذي يتهدَّدهم، لا سيما وقد صرَّح أحد المراقبين الغربيين أنهم يعيشون في ظروف أسوأ من أي سجن في العالم.

 

ولذلك فنحن ندعو الحكومة المصرية أن تتعالى على الخلافات السياسية، وأن تتجاوب مع مقتضيات الواجب ومع الإرادة الشعبية لكسر الحصار ورفع المعاناة عن أهل القطاع، وذلك عن طريق فتح المعبر، مع ضبط إيقاع حركة الدخول والخروج، ولا نطلب منها أكثر من هذا؛ لعلمنا بالظروف الاقتصادية التي تمر بها، وأن تترك الجهود الشعبية المستعدة لاقتسام اللقمة والشربة وقارورة الدواء وعبوة الوقود مع إخواننا الفلسطينيين، وألا تعيرَ الضغوطَ الأمريكية والصهيونية اهتمامَا، وإلا كنا مشاركين في جريمة القتل للشعب الفلسطيني الشقيق.

 

كما نطلب من الصحفيين والإعلاميين أن يتقوا الله، وأن يذكروا الحقائق، وأن يقدِّموا المصالح القومية العامة على مصالحهم الشخصية، وأن يكفوا ألسنتهم وأقلامهم عن الصامدين المجاهدين الصابرين المستضعفين؛ الذين يمثلون حائط الصد وخط الدفاع الأول في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة: 119) "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه".

والله يقول الحق وهو يهدي إلى سواء السبيل.

محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 6 من ربيع الآخر 1429هـ= 12 من أبريل 2008م