التاريخ : الأربعاء 12 يونيو 2013 . القسم : بيانات
"لَبَّيْكِ سُورْيَا الحَبِيبَة".. بيان للإخوان المسلمين
لا تزال الدِّماء تسيل، والجُرُوح تنزف، والأَرْوَاح تُزْهَق، والأشلاء تَتَطاير، والأطفال والنساء والشيوخ والشباب يتساقطون على أرض سوريا الحبيبة، ولا يأتي يوم إلا والذي بعده أَشَدُّ منه، لا يحمل قلب الطاغية فيه رحمة ولا شفقة ولا تهتزُّ فيه شعرة لحرمة امرأة، أو صرخة طفل، أو دموع عجوز، أو أنَّات ثكلى ودعوات شيوخ ركع.
ولا ندري كيف أُشْرِبَت قلوب هؤلاء الطغاة كل هذه القسوة، وكل هذه الغلظة على شعوبهم؟!!.. ولَكَمْ تمنَّت الأمة كلها أن تُصَوَّب هذه الغلظة تجاه أعدائنا، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث.
إن جماعة الإخوان المسلمين لتؤكد على موقفها الثابت منذ البداية، وهو الوقوف إلى جانب الشَّعْب السُّوري الشقيق في ثورته ضِدَّ الظُّلم والطغيان والاستبداد، وحقِّه في الحصول على كل حقوقه، واستعادة حريته، وبخاصة حريته في اختيار حكامه ونظام الحكم بما يضمن تداولاً للسلطة، وحياة حرة كريمة يكون للشعب فيها كامل الحرية في الإرادة والاختيار مستعيدًا أمجاده العريقة وتاريخه التليد.
إننا ونحن نؤكد دعمنا الكامل للشعب السوري في ثورته- مثله في ذلك مثل بقية شعوب بلدان الربيع العربي- نُؤكِّد كذلك أنه لا بد من الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ووحدة الشعب السوري، فلا مجال بأي حالٍ من الأحوال للحديث عن أي شكلٍ من أشكال تقسيم الأراضي السورية أو تفتيتها، ولا مجال أيضًا للحديث عن تقسيم طائفي أو عشائري أو عنصري أو على أي معيار آخر، ولا يقبل إقصاء فصيل أو إبعاد أحد فإن هذا كله مرفوض رفضًا قاطعًا ولا مجال للمساومة فيه، وليعلم الجميع أن هذا كله لا يَصُبُّ إلا في مصلحة المتربِّصِين بهذه الأمة المستفيدين من تفكُّكِها وضعفها.
إن الإخوان المسلمين يُعْلِنون رفضهم التام والقاطع لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في شئون سوريا، ويؤكدون أن التجارب السابقة كلها تثبت أن التدخل الأجنبي لا يزيد الأزمة إلا تعقيدًا، ولا يزيد الوضع إلا تدهورًا، وما أوضاع العراق منا ببعيد.
إن الإخوان المسلمين يطالبون جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تضطلع كلٌّ بدورها، وأن تتحمل مسئوليتها كاملة، وأن تستكمل جهودها وتواصل دورها المنوط بها بشكلٍ حثيثٍ؛ مستعملة كل صلاحياتها؛ لتحقيق كل ما يصبو إليه شعبنا في سوريا الشقيقة.
إن التحديات التي يواجهها الشعب السوري الحُرُّ الآن تستوجب أن يجمع شمله، وأن يُوَحِّد صَفَّه، وأن يُحَدِّد رؤيته، وينبذ خلافاته؛ ليكون يدًا واحدةً قوية تستطيع بإذن الله تعالى تحقيق أهدافها "ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال: 46).
وإزاء هذه النازلة التي نزلت بشعبنا الحرِّ في سوريا، وأمام هذا الجبروت والصلف لحاكم سوريا.. نهيب بكل الشعوب العربية والإسلامية أن يقفوا إلى جانب إخوانهم السوريين، سواءٌ منهم من بقي داخل البلاد أم من اضطرَّ اضطرارًا إلى اللجوء إلى إحدى الدول المجاورة، فلا ينبغي لنا أن نظلمهم أو نُسلِمَهم أو نخذُلَهم، بل من الديانة والرُّجولة والنخوة أن نكون في حاجتهم ودعمهم ماديًّا ومعنويًّا، فنمدّ يد العون لهم، ونُفرِّج كربتهم من غير أن نمُنّ أو نتفضل، فهذا حقهم علينا، وشعارنا في ذلك: "ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" (الحشر: 9).
أما الحكومات العربية والإسلامية فعليها دورٌ كبيرٌ في مساعدة اللاجئين السوريين واستيعابهم، وتيسير أمورهم، والقيام على شئونهم؛ حتى يعودوا إلى ديارهم قريبًا بإذن الله تعالى، وتقديم الدعم الرَّسمي والشَّعبي من الدول العربية والإسلامية للمبادرة الرباعية التي أعلنها الرئيس المصري محمد مرسي، ودعا إلى تبنِّيها من دول الجوار، وبعدما عبثت بمقدراتها تلك الأيدي الآثمة.
ويا شعبنا الحر في سوريا، ويا كل شعبٍ مضطهد على أرضه ليس بعد الصبر إلا النصر، وليس بعد العسر إلا اليسر، وليس بعد الضيق إلا الفرج بإذن الله تعالى، فارفعوا أَكُفَّ الضراعة، واستغيثوا ربكم، واستمْطِرُوا رحماته، وانصروه ينصركم ويثبت أقدامكم.
"واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".
الإخوان المسلمون
القاهرة في: الأربعاء 3 من شعبان 1434هـ، الموافق 12 من يونيو 2013م.