التاريخ : الأربعاء 24 مايو 2017 . القسم : بيانات
رسالة القائم بأعمال المرشد العام: هيا إلى الله في شهر القرآن
اكتسب رمضان منزلته من نزول القرآن فيه، وكانت فريضة الصيام عملاً صالحًا؛ شكرًا على ما أنزل الله من الفرقان بين الحق والباطل (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة: من الآية 185)، وصار اسم الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن "ليلة القدر"، ومن عظم قدرها أنها خير من ألف شهر؛ فإن الروح الأمين والملائكة يعاودون فيها النزول كل عام بالسلام على القائمين إيمانًا واحتسابًا، بعد أن انقطع نزولهم بلحاق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر)، ونحن مقبلون بعد ساعات على رمضان؛ فاللهم بلغنا رمضان، وأشهدنا ليلة القدر منه، فهل من عودة للأمة إلى الله في رمضان!!.
أيها المسلمون والمسلمات جميعًا..
من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.
أيها المسلمون والمسلمات جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها..
لا يكون الصيام أو القيام إيمانًا واحتسابًا إلا إذا تركنا قول الزور والعمل به؛ فـ"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، "وربَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر".
وتشهد الأمة طلائع العودة إلى الله من أولئك الأحرار المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، ثم في سجون العسكر الانقلابيين، وفي مقدمتهم أول رئيس مصري منتخب؛ عودة إلى الله بالاستمساك بالحقوق والحريات، ومقاومة الظالم والاحتلال، وبالصدع بالحق، والدعوة إلى وحدة الأمة.
فيا أيها المسلمون والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها..
عودوا إلى قرآنكم، في خلواتكم التي تذرف فيها الدموع من خشية الله، وعودوا إلى قرآنكم في حلقات التلاوة والتجويد؛ ليتعلم من لم يتعلم، وليحسن التلاوة من أراد أن يرتقي الدرجات العٔلا مع السفرة البررة.
عودوا إلى مساجدكم، كونوا من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وقاوموا الذين يسببون الخراب لبيوت الله، قاطعوا الفجور والفسوق في أجهزة الإعلام، واحرصوا على الاطلاع على البديل النافع العفيف، يزِدْكم الله فرحًا وسعادة وانشراحًا، عودوا لذكريات يشتاق إليها كل الأجيال؛ من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، الذين جمعتهم التراويح والتهجد وختام القرآن في كل بقاع الأرض، في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المرابطين في المسجد الأقصى، أو المحاصرين في غزة، أو آخرين لهم أجمل الذكريات في قيام رابعة وتهجده، أو نظائره في حلب وبغداد وصنعاء وليبيا.
عودوا إلى أخلاق الصائمين؛ فاحفظوا دماءكم، وصونوا أعراضكم، ولا تقتلوا أنفسكم ولا أولادكم، ولا تُخرجوا أنفسكم من دياركم، فمن صام إيمانًا واحتسابًا وسابَّه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم.. (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28المائدة).. الصائم أو القائم إيمانًا واحتسابًا لا يوالي الظالمين، سواء كانوا محتلين غاصبين، أو من عشيرته أو قبيلته أو طائفته.
لا تتخذوا أعداء الله وأعداءكم أولياء، ولا تتخذوا بطانة من دونكم، لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبر، والمحتل الغاصب والمستبد الغادر والمنافق الخبيث؛ بعضهم من بعض، لا يرقبون فينا عربًا أو كردًا أو عجمًا إلاًّ ولا ذمة أينما كنا..، في مصر أو فلسطين والأرض المحتلة، أو في سوريا والعراق وليبيا واليمن، أو كنا في تركيا والسعودية أو غيرها.
أما الثوار عمومًا، والإخوان خصوصًا؛ فميداننا الأول أنفسنا، فلنتزود من القرآن حتى يصير خلقنا القرآن، فنحيا به ونُحيى به أمتنا، فاتقوا الله وأصلِحوا ذات بينكم، وسوُّوا صفوفكم، واصبروا وصابروا كما يصابر الأسرى في سجون الاحتلال، والرئيس، والثوار في سجون الانقلاب؛ لنَيل الحقوق وجمع الصفوف، وصِلُوا من قطعكم، وأحسنوا لمن أساء إليكم.. ألا تحبون أن يغفر الله لكم!! وكونوا من الذين يطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، قلوبكم معلقة بالمساجد، شجعوا أولادكم على الصيام والصبر على الحر والعطش، وعلموهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأظهروا شعائر الإسلام وفضائل رمضان، وبشروا ولا تنفّروا، وأدخلوا السرور على أسر الشهداء والمعتقلين، واصدعوا بالحق في وجوه الظالمين، لا تخشوا في الله لومة لائم؛ فإن ذلك حياة للثورة، فيذهب الله اليأس عن المستضعفين والمقهورين ويقي الأمة من الانزلاق للعنف أو الغلو في الدين، فمن نصر الله وصبر وصابر وصدع بالحق فله البشرى بعلوّ الذكر والنصر القريب، ومن أنكر بقلبه واعتزل وأهلَه قول الزور والعمل به فقد نجا بنفسه وأهله (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء) (الفتح: 25) (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف).
وتذكروا إن شئتم غزوة بدر الكبرى ومعركة حطين، وعين جالوت، والعاشر من رمضان، وغيرها من الانتصارات التي تحققت في هذا الشهر الكريم عندما أخذت الأمة بأسباب النصر، وأولها التصالح مع الله تعالى، والتربية الإيمانية التي تربط القلوب بالله، وتغرس قيم الإسلام في شغاف القلوب.
نسأل الله أن تتحرر الأمة، وترتفع راية الإسلام خفاقة عالية، ويقولون: متى هو قل عسى أن يكون قريبًا.
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام
الأربعاء 27 من شعبان 1438 هـ = 24 مايو 2017م