التاريخ : الاثنين 30 نوفمبر -0001 . القسم : رسالة الأسبوع
رسالة الإخوان المسلمون بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته وهديه إلى يوم الدين.
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )
يا أبناء الأمة الاسلامية
الإخوة والأخوات
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مع استقبال شهر رمضان المبارك نتوجه بالتهنئة للمسلمين جميعا في شرق العالم و غربه ، ندعو الله سبحانه و تعالى أن يجعلَنا فيه من المقبولين ، و أن يجعلَه شهرَ مغفرةٍ و رحمة ، و شهر عزَّةٍ و نصرٍ و رفعة للأمة الاسلامية جمعاء وهداية للدنيا بما فيه من رحمات الخالق عز وجل.
اللهم بلِّغنا رمضان ... دعاءٌ تلهج به الألسنة ، اشتياقا للشهر الكريم الذي أنزل فيه القرآن .. و حنيناً إلي نفحاته و رحماته، نستظلُّ بها من حرِّ الحياة و ماديتها القاسية . . . شهرٌ تتفتح فيه أبواب الجنة و تتضاعف فيه الحسنات .. إنه الضيف الكريم الذي نشتاق إليه و ننتظره من العام إلي العام ، شهرٌ يُطِبُّ الجراح ، و يبعث الأمل ، و يرفع الهمم .. شهر التوبة و الإنابة إلي الله، شهر المودة و الصلة، شهر القرآن و شهر الصيام و القيام ، شهر البر و الإحسان و المواساة، شهر العزيمة و الإرادة ، شهر العلم و المدارسات النافعة، شهر الدعاء و الإجابة، شهر العفو و القبول، شهر لقاءات الأهل و الأحباب، ثم هو من قبل هذا و من بعد ، شهر التقوى،
"يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيامُ كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
و إذا كان لكل عبادةٍ رُوحٌ: فالصلاة روحها الخشوع، و الزكاة روحها التزكية، و الحج روحه الإذعان لله تعالي، فإنّ رُوحَ الصيام: التقوى ، فهو عبادةٌ لا رياء فيها و لا يجزي عليها إلا الله سبحانه وتعالى، كما جاء في الحديث: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، " .
و تقوي الله ليست في مظاهر خادعة ! و لكن هي الامتناع عن الحرام و إقامة الفرائض و ردّ المظالم و التزام الصدق و نصرة المظلوم و الوقوف مع الحق و الدعوة إلي الخير و كلُّ هذا يحتاج إلي عزيمةٍ و إرادة، و الفرصة سانحة لذلك كله في هذا الشهر، شهر الصبر، شهر النصر و الجهاد.
إنها تقوي الله التي تحفظ الأمة وشبابها و تَقِيي الجميع من السهام التي يرمي بها شياطين الإنس والجن، فيعرف كلُّ منهم مكانته و رسالته ، و يعرف دوره لرفعة أمته و يعرف مصدر قوته، فرمضان محطةٌ للزاد " و تزوَّدوا فإنَّ خيرَ الزّادِ التقوي "، فيُقبل كلٌّ منا على نفسه، فمن أرقى ما نزكي به أنفسنا أعمال القلوب من صدق وإخلاص وتوكل ورجاء، عسى الله أن يتقبلنا جميعا في هذا الشهر الكريم.
رمضان هو شهر الأمة الإسلامية كلِّها ، يُذَكِّرُنا بترابطنا و وحدتنا ، حيث تُمْسِكُ عن الطعام و الشراب في وقت واحد و تفطر و تدعو ربها عند الفطور في وقت واحد، فيزداد الحنين إلى زمن الوصال بوحدة الصف و اجتماع الكلمة و بروح المودة و التراحم بين الجميع.
الإخوة والأخوات
كأننا برمضان وهو يذكرنا بانتصار الفئة القليلة في غزوة بدر في السابع عشر من أيامه وبفتح مكة في العشرين من أيامه، ويذكر الأمة الاسلامية بما كانت عليه طيلة أكثر من ألف سنة وهي بِعزةٍ و مَنَعَة، مجتمعة علي كلمة الله تعالي، تسعد بطاعته و تطبيق منهجه، و يسعد غيرها من الأمم بجانبها لما يجدونه من أمن و عدل و حضارة هي من ثمار شريعة الاسلام الغراء، فإن كان الحال قد تبدل فتفرقت الكلمة و نُحِّيت الشريعة و احتُلَّت المقدسات، و هُدِّدَت الديار بحجج مختلقة و أكاذيب باطلة، فإن رمضان مازال يحمل للامة ما تستعيد به سالف المجد و العز ة بمعاني وأسرار قوله تعالى " لعلكم تتقون ".
وفي رمضان مع ذكرى شهدائنا الذين تسرح أرواحهم في جوف طير خضر تسرح في الجنة، تجتمع الأسر على مائدة الإفطار، والتي ربما يغيب عنها شهيد أو أب أو ابن أو أخت أو بنت أو أم، ومنهم من حبسهم حابس مرابطا في سبيل الله فأرسل من أناته دعاء ومناجاة يصبر أهله، أنات فيها صبر واحتساب وأمل ورجاء، نتذكرهم جميعا عند فطرنا بالدعاء، وكما أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد، فإن للمظلوم دعوة مستجابة كذلك (فإنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللَّهِ حجاب)
و في رمضان يتجدد الرجاء و الأمل ، فمع ما تمُرُّ به الأمة و الدعوة من محن و عقبات، فإننا نحتسب على الله تعالى أن يكون صبرهم و ثباتهم هو أحد أسباب و بشارات الفرج و النصر القريب بإذن الله و الذي بدت له إشارات من هنا و هناك " إن الله ليُملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته " .
و في رمضان تتجدد بين المؤمنين روح الحديث الشريف: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " ننادي معه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها المتهيئون لاستقبال شهر رمضان أن هذا الحديث النبوي الكريم هو دعوة لنصرة قضايا الأمة وإحقاق الحق ولو بالجهود المحاصرة كما يحدث وبما بتحمله القائمون به الآن، فما يحدث في شهر الله هذا الذي نستقبله وعلى أرضه سبحانه بسبب حرب أعلنتها إحدى الدول الخمس المتحكمة في العالم ( روسيا) على دولة جارة لها (أوكرانيا) من جرائم حرب وتهجير قسري واستنفار أصحاب القوى لنصرة المظلوم، فقد أظهرت حضارتهم أنها تكيل بمكيالين فخمسة أيام فقط بعد بدء هذه الجريمة الجديدة بدأ التحقيق في محكمة الجنايات الدولية حول جرائم روسيا في أوكرانيا، بينما عشر سنوات من أفعال الروس في سوريا من جرائم حرب وإبادة جماعية وتهجير قسري لم تحرك ساكنا لدى هذه المحاكم حتى ظهر من بينهم وفي برلماناتهم صاحب ضمير حي يقول على الملأ ( معترفا بالحقيقة) لماذا إذن لا تنكرون جرائمكم في حق شعب فلسطين، ومثل ذلك يقال عن أفعال الروس والأمريكان وغيرهم في أفعانستان وكشمير وأفعال الصرب في كوسوفا وفي الكثير على الأرض !!
أيها المسلمون في مشارق الأرض و مغاربها المتهيئون لاستقبال رمضان، إن العالم من حولكم قد أنهكته الصراعات و أرهقته الماديات و تقاذفته أمواج الغفلة، و كثير منهم متعطشون لبشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا ".
لقد وصف الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل بأمة محمد بقوله (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)
فلنكن جميعا خيرَ تُجارٍ لخير بضاعة ، و لنؤد زكاة هذه النعمة بأن نعتصم بالله، ربنا ، و نعتز بالاسلام ، ديننا، و لنقدم القدوة لغيرنا و لنثق جميعا و نوقن بأن العاقبة للمتقين و أن الفلاح و النجاح و الفوز في الدنيا و الآخرة هو في العودة الصادقة لكتاب ربنا و سنة نبينا عليه الصلاة و السلام .
وفقنا الله جميعا لحسن اغتنام الخيرات في هذا الشهر الكريم و جعله على الأمة الإسلامية كلها شهر أمن و خير و بركة و نصر و عزة .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،،
إبراهيم منير
القائم بعمل المرشد العام
للإخوان المسلمين
31 مارس 2022