التاريخ : السبت 23 يوليو 2022 . القسم : رسالة الأسبوع
النظم المستبدة و حق الشعوب في حكم عادل رشيد
"وَكذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ " [البقرة من الآية 143]
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" [النساء، آية 135]
((الحكم الاستبدادي تهديم للدين وتخريب للدنيا فهو بلاء يصيب الإيمان والعمران جميعا. وهو دخان مشؤوم الظل تختنق الارواح والأجسام في نطاقه حيث امتد، فلا سوق الفضائل والآداب تنشط ولا سوق الزراعة والصناعة تروج)). محمد الغزالي – الاسلام والاستبداد السياسي
((الاستبداد وباء دائم بالفتن وجدب مستمر بتعطيل الأعمال وحريق متواصل بالسلب والغصب وسيل جارف للعمران وخوف يقطع القلوب وظلام يعمي الأبصار وألم لا يفتر وصائل لا يرحم وقصة سوء لا تنتهي)).
(الكواكبي – طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)
يمر سبعون عاما هذه الأيام على انقلاب يوليو 1952 (أو ما سمي وقتئذ بحركة الضباط الأحرار) وكان قد سبقه انقلاب آخر في سوريا (انقلاب حسني الزعيم، 30 مارس 1949) والذي عرف بدعم الولايات المتحدة له، وقد نعته مفكرو ذلك الزمن بأنه أعظم كارثة حلت بالبلاد في العصر الحديث، إلا أن انقلاب 52 كان الأكثر شهرة وتأثيرا وتبعته انقلابات عديدة في شرق البلاد وغربها وحظيت القارة السمراء بالنصيب الأوفر منها، ربما حتى يوم الناس هذا!، وهي القارة الأكثر فقرا وتخلفا – رغم مواردها وثرواتها المتعددة – بين قارات العالم.
ويُذكر أنه بعد رحيل الاحتلال الأجنبي المباشر عن مصر وعن المنطقة العربية والإسلامية في القرن الماضي تطلعت شعوب المنطقة لاسترداد حريتها وكرامتها وامتلاك إرادتها، وتعلقت آمالُها بالعيش في ظل حرية وعدل وكرامة وعز، وهي تحفظ من مبادئها قول الفاروق بن الخطاب لعامله على مصر: عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) : {متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا}، وتعرف أهمية العدل ودوره في إرساء الأمن وتحقيق الرخاء كما نسب للهرمزان، القائد الفارسي، أنه قال للفاروق (رضي الله عنه) : {حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ}، وتعرف دور ولي الأمر المسئول، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : {كلكم راع وكلكم مسئولٌ عن رعيته}، ولذلك تجاوب الناس وتعاطفوا بقوة مع الشعارات والأناشيد التي تبناها إعلام الحركة وقتها تخاطب مشاعرهم الوطنية والدينية:
على الإله القوي الاعتمـــــــــاد النظام والعمل والاتحــــــــاد
فانهضي يا مصر يا خير البلاد واصعدي للمجد وامضي للرشاد
جيشنا وشعبنا كلنا شعارنـــــــــــا إن دعا النداء ..نبذل الدماء .. للوطن فداء
للأمام للأمام في الحرب والسلام نتقي الإله .. نبتغي رضـــاه .. جل في علاه
والتي مازالت مقاطعها محفورة بين الملايين ممن عاشوها، تهيج عندهم الذكريات والحنين للحظات صادقة قبل أن يكتشفوا أنها مجرد شعارات خادعة يستخدمها العسكر لخداع الشعوب والتفرغ لمآربهم الخاصة في السيطرة والاستبداد.
وعلى الجانب الآخر من هذا الانبهار الجارف والانخداع بالشعارات البراقة، كان هناك وطنيون مخلصون وفي القلب منهم الإخوان المسلمون، سريعا ما اكتشفوا حقيقة الأمر في طبيعة هذا الحكم العسكري الذي انقلب على وعوده باحترام إرادة الشعب والعودة إلى ثكناته وإجراء انتخابات نزيهة، وقد فَرَضَت أمانةُ الدعوة وصدق الريادة على الإخوان المسلمين ألا يسايروا هذا الباطل وهذا الاستبداد، وربما لو سايروه لتقلدوا أعلى المناصب ولأعفوْا أنفسهم من معاناةٍ وتضحياتٍ كثيرة كان من أبرزها تحمل نظرات الناس وعداءاتهم التي شحنتهم بها أجهزة إعلام هذا الانقلاب، وهم الذين تحملوا ما تحملوا وقدموا ما قدموا، حسبة لله، لدعوة قومهم ورغبة في الخير والصلاح لهم، تطبيقا عمليا لما قاله مؤسس دعوتهم : "ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام"
وبدأت المعالم الأساسية لحكم العسكر ولكل النظم المستبدة! تتضح مظاهرها شيئا فشيئا، ذلك أنه يمكن القول أن لمثل هذه النظم بوجه عام، ثلاث وسائل أساسية للسيطرة: خداع الإعلام، وبطش الحكام، وجور الأحكام، ولهذه النظم كذلك، سمتان بارزتان لا تخطئهما عينان: تزوير الانتخابات، والعمالة للأجنبي، ولها أيضا صفتان متلازمتان: تقريب السفهاء الفاسدين، وإبعاد الشرفاء المصلحين، وهذه الوسائل والسمات والصفات تفاوتت في درجاتها وترتيبها مع تناوب حلقات الحكم العسكري الذي بدأ في مصر منذ سبعين عاما.
فأولى الحلقات كانت مع الزعيم "الملهم" الذي أتى بزخم الشعارات والأغاني والأناشيد و"الكاريزما" وتميزت بسرعة إجراءات الانقلاب والتنكر للإخوان، بل لكل من مدَّ له يد العون في يوم من الأيام، لدرجة أنه غدر بكبيرهم "اللواء محمد نجيب" وهم الذي استعانوا به كواجهة في البداية، والذي كتب في مذكراته ليسوا بضباطٍ ولا بأحرار، ومضى الزعيم بصلفه وغروره واستبداده، فجَرَّ البلاد إلى حربٍ في اليمن خسر الجيش فيها من خيرة أبنائه، وترك جرحا غائرا هناك يعارض ما يدعيه من شعارات القومية العربية، ثم جاءت قاصمة الظهر الهزيمة المنكرة في حرب 1967 (والتي عرفت بعد ذلك، تخفيفا لبشاعتها، بنكسة 67) فإذا بالناس تكتشف أنه كما يقول القائل: "أسدٌ علىَّ وفي الحروب نعامة"!
وكانت هذه الهزيمة المنكرة، للأسف نتيجة طبيعية لما ارتكب من جرائم الاستبداد، والتي منها ملء السجون بعشرات الآلاف من الإخوان وغيرهم لأنه لا يقبل رأيا ولا يسمع نصحا وشعاره ككل مستبد "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ".
وتبدأ الحلقة الثانية من حلقات حكم العسكر وهي حلقة "بطل الحرب والسلام" أو "الرئيس المؤمن"، فبدأ بإجراءات بدت مبشرة بحقبة جديدة في الحكم، فأبعد بعض سدنة النظام السابق (أو ما عرف باسم مراكز القوى)، وأخرج الكثير من المعتقلين والمحبوسين (وأغلبهم من الإخوان) من سجون عبد الناصر، وقاد حرب العاشر من رمضان عام 1393 هـ (السادس من أكتوبر 1973) مع الكيان الصهيوني، أبلي فيها الجيش والشعب بلاء حسنا، وقدموا فيها تضحيات كثيرة أثمرت نصرا، ربما كان منقوصا، ولكنه غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي - الصهيوني وسيظل محفورا في ذاكرة الأمة.
وقدر الله تعالى أن يكون خروج الإخوان من السجون ومواصلة دعوتهم مع الكثيرين خاصة من الشباب داخل مصر وخارجها فتحا لهذه الدعوة المباركة التي تتجاوب معها الفطرة السليمة لبساطتها وحسن تمثيلها لمبادئ الإسلام السمحة الوسطية التي لا إفراط فيها ولا تفريط، ولكن الرئيس "المؤمن" ختم حياته بعد مبادرة السلام المزعومة والتي أجهضت انتصار أكتوبر، وتسببت في تراجع القضية الفلسطينية حتى يوم الناس هذا !، بالاقدام على اعتقال مجموعة كبيرة من الشرفاء والوجهاء والعلماء والخطباء وأصحاب الرأي من الإخوان ومن غيرهم.
لتبدأ الحلقة الثالثة من حكم العسكر هادئة نسبيا ربما من أثر الأحداث السابقة لها، ويُسألُ صاحب "الضربة الجوية" عن الإخوان في بداية عهده وهو في إحدى سفرياته فيمدحهم ويقول إنهم فصيل وطني معتدل، ولكن بعد عدة سنوات يبدأ في الاعتقالات ويعيد المحاكمات العسكرية، وللإخوان بالطبع النصيب الأوفر منها، ويدمن نظامه تزوير الانتخابات بأشكال وأساليب متنوعة ليبلغ التزوير مداه في 2010 فيكون الشعب قد طفح به الكيل من جراء استبداد 30 عاما، وتقوم ثورة 25 يناير2011، ليضطر العسكر للانحناء قليلا أمام عنفوانها، تلك الثورة التي شارك فيها الملايين والتي كان أي مواطن يعتز بمشاركته فيها ويقول تيها وافتخارا "لقد نزلت في ميدان التحرير".
ولم يكن العسكر وحدهم هم من انحني للعاصفة، وإنما أولياؤهم من الغرب الذين أخذوا في التخطيط كيف يتعاملون مع هذه الثورة العارمة، واضطروا للتظاهر بتأييد الثورة ومدح شبابها وهم يدبرون للكيد لها، وأمام مطالب الشعب الملحة تمت أول انتخابات نزيهة تحت حكم العسكر ليفوز بها مرشح الإخوان كأول رئيس مدني يتولى حكم مصر في عصرها الحديث، فتظاهر العسكر وأولياؤهم من الغرب بقبوله في العلن وأضمروا منذ أول يوم التخطيط لإسقاطه، فبدأوا بإثارة الناس عليه بالتضييق على إمداداتهم الأساسية من وقود وطحين، وعدم التعاون معه لإفشاله، ولكنه ظل مثابرا صابرا معتصما بربه يعطي من نفسه قدوة العدل وقدوة ولي الأمر الذي يخشى مساءلة ربه عن شعبه فكان شعاره : "وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ".
وبدأ رغم محاولات تعويقه بشتى الوسائل والأساليب الفاسدة، يطرق مجالات النهضة في زراعة القمح وفي التصنيع وفي إرساء دستور غير مسبوق خرج إلى النور بعد مكايدات كثيرة بإيحاء من العسكر، وبدأ يطرق أبواب الاتصال الخارجي دون إذن من غرب أو شرق ليتلمس التعاقدات التي تفيد بلاده في كل المجالات، وصدح بحب النبي (صلى الله عليه وسلم) في الأمم المتحدة وبالترضي على الصحابة في طهران، وظهر للقاصي والداني اعتزاز الرجل بمسئوليته أمام شعبه واعتزازه بمبادئه وبالتفاني هو والذين تحملوا المسئولية معه ومن حوله، في الارتقاء بالبلد في جميع المجالات، وبدا للعسكر ومن خلفهم جليا أنه لا سبيل لإفشاله بالطرق التي يسلكونها، لأنه ماض فيما أعلنه صراحة بأن يوفر لشعبه غذاءه ودواءه وسلاحه، وبدأت محبته تغزو قلوب المخلصين من الشعوب داخل مصر وخارجها، فعلموا أنه لا سبيل لهم لإفشاله، وأنهم لا طريق لهم لإيقافه إلا بالانقلاب الصريح عليه، ثم قضى في سجونهم، رحمه الله وتقبله في الشهداء والصالحين، بعد أن أدي ووفّى في ساحة المحكمة وهو يردد:
"بلادي وإن جارت على عزيزة .. وأهلي وإن ضنوا علىَّ كرام"
وبدأت بانقلاب 2013 البغيض، الحلقة الرابعة من الحكم العسكري والتي جاوزت الحد في الكذب والفجور والسفاهة وتجاوز كل الخطوط الحمراء من قتل، واعتقال، ومصادرة الأموال والممتلكات، وتكميم الأفواه، وعمل انتخابات هزلية شكلية . . . وفي المقابل وظنا من الطاغية أنه يمكن لحكمه ويضمن استمراره، فتراه يغدق على أركان نظامه (المؤسسة العسكرية والأمنية والقضائية والإعلامية . . . ) بالمزايا والاستثناءات، دون باقي الشعب البئيس! ولا يدري أنه بهذا التمييز "الانتقائي" يحدث خللا عميقا في النسيج المجتمعي للأمة! ربما يحتاج علاجه لآماد بعيدة!
باختصار جمعت هذه الحلقة من الحكم العسكري كل مساوئ ومفاسد ما سبقها من الحلقات الثلاث في أقسى وأشد صورها، ولكن لا ننسى قول الله الفصل: "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد"، وأن هناك المرابطين الثابتين على مبادئهم الرافعين أكفهم يدعون ليل نهار موقنين بأن الظلم عاقبته وخيمة، وأن للمظلوم يوما على الظالم أشد من أيام الظالم على المظلوم، وأن من طال عدوانه زال سلطانه، وأنه مهما طال ليل الظلم فإنه :
"وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر"
وبدأ الناس يعرفون ويعيشون حقيقة انقلاب 2013، وتتسرب لهم مخازيه وفضائحه، ويعرفون حقيقة غدره وألاعيبه، وليت هؤلاء الظلمة ينظرون إلى من كانوا أكابر مجرميها في حلقات الظلم التي سبقتهم ويعتبرون ولو للحظة، أن نهايتهم وشيكة وأن العاقبة للمتقين، وأن الشعوب الآن ما عاد ينطلي عليها أساليبهم من الخداع.
إن الشعوب الآن تتوق إلى العدل، ومهما صبرت وتحملت فقد أصبحت تدرك حقوقها وتعرف من عدوها ومن صديقها، ولعل الفجر أصبح وشيكا بإذن الله، بعد حلقات الحكم العسكري البغيض الذي بدلا من أن يؤدي أمانة شعبه الذي يشترون أسلحتهم من أقواته فيكونون درعا حاميا لإرادته، فإذا بهم يخونون أمانتهم ويصطلحون مع الصهاينة ومن وراءهم ضد مصالح شعوبهم، ويستقوون بأعداء الشعب على الشعب بحجج واهية باطلة مختلقة.
وعلي كل من لا يزال مناصرا لهذه الأنظمة، إن كان عسيرا عليهم أن يدركوا أن العدل فيه نجاتهم وفلاحهم، فليدركوا أن الظلم وكبت الحريات فيه هلاكهم القريب، ولن ينفعهم يومئذ أولياؤهم من غرب وشرق الذين يسارعون فيهم.
إن العدل بين الناس فوق أنه من المطالب الأساسية للشعوب، فإنه أمر من الله تعالى لكل من يتولى أمرا من أمورهم "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا".
إن أول المستفيدين من المظالم في أرضنا هي النظم الغربية التي يواليها الحكام الظلمة، فرغم أن شعاراتهم هي الحرية والعدالة وحقوق الانسان، إلا أن ذلك لهم وليس لنا، بل يحرصون على بقاء الظلم في أرضنا ليسهل لهم التدخل في شئوننا ونهب خيراتنا، مقابل وعود زائفة للظالمين لحماية كراسيهم، ومقابل فتات المليارات مما يسرقونه من خيراتنا يسمحون به لهؤلاء الحكام.
ولمن في قلبه ذرة من إيمان نذكره بالحديث الشريف {من اقتطع حق امرىء مسلم أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة} ، فقال رجل : يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولو كان شيئا يسيرا، قال: {ولو كان قضيبا من أراك}. فما بالنا إذا كانت حقوقا لا تعد ولا تحصى من دماء وأموال وأعراض، وفي الحديث أيضا {إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه}، وكذلك: {إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته}.
إن السبيل الوحيد لنهضة هذه الامة هو العودة لصحيح دينها وشريعة ربها، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِۚ نَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" ويقول عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
وقال عمر (رضي الله عنه) : {نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله}.
إن الجيش هو درع الأمة وسيفها، ومهمته الكبرى أن يذود عن حياض الوطن ويحمى بيضته، وهي مهمة مقدسة لا تؤدى بحقها إلا أن يستفرغ لها كل طاقاته، وإمكاناته، وفكره، وجهاده، والأمة كلها من ورائه وفي ظهره تضحي في سبيل نصرة دينها وحماية وطنها وتفوق جيشها، عددا وعدة وتميزا، بكل غال ونفيس وبالمال والولد والنفس جميعا ... أما إدارة الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . . . فمهمة المتخصصين من السياسيين والاقتصاديين ورجال الدولة من كافة المجالات وذلك وفق منظومة الحكم التي يختارها الشعب (أو الأمة) اختيارا حرا مباشرا.
" فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"
"إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"
والله أكبر ولله الحمد
إبراهيم منير
نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" والقائم بالأعمال
السبت 24 ذو الحجة ١٤٤٣هـ، ٢٣ يوليو ٢٠٢٢