التاريخ : الأربعاء 24 يناير 2024 . القسم : بيانات

في ذكرى يناير الأمل في الشعب باقٍ.. والشعوب تصنع التغيير


خرجت الجماهير المصرية في الخامس والعشرين من يناير تطالب برحيل النظام، وتؤكد حقها في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية؛ فتحقق لها ما أرادت. ووضعت أقدامها على طريق تحقيق دولة مدنية حرة، تنافس في أمن ورخاء وتقدم، لولا الانقلاب- قاتله الله- على إرادة الشعب! 
واليوم تحل الذكرى الثالثة عشرة للثورة، ومصر العزيزة يتردى حالها من سيئ إلى أسوأ، عاما بعد عام، وتتراكم فيها أسباب الغضب والاحتقان -كمثل التي دفعت إلى ثورة يناير- أضعافاً مضاعفة.

فعلى المستوى الاجتماعي، بلغ الظلم مداه، وأهدر حق المواطن في العيش الكريم والصحة والتعليم، واتسعت رقعة الفقر، وتآكلت الطبقة المتوسطة! وزاد التمييز بين طبقات المجتمع، وسحق الغلاء كبد الفقراء. وقد ساهم الظلم الاجتماعي في خلق ظواهر شديدة السلبية؛ مثل: ارتفاع معدلات الانتحار والجريمة، والطلاق بشكل غير مسبوق، وانتشار المخدرات، والترويج للسحر، والإلحاد، والانحرافات الأخلاقية.
وأما على المستوى الاقتصادي؛ فقد فشل نظام يوليو على كل الأصعدة، جراء سياسات احتكار الثروة، والعمل على تفكيك بنية الاقتصاد الوطني. وجراء سياسات البذخ والإسراف في غير فائدة، والتوسع في الاستدانة من الخارج، ورهن مقدرات مصر وإخضاعها لإملاءات الدائنين. وهنا تكفي الإشارة إلى التضخم، وانهيار سعر الجنيه عشر مرات خلال عشر سنوات، الأمر الذي ضاعف من الغلاء، وأعجز النظام عن تلبية احتياجات المواطن الأساسية، فضلاً عن رهن مستقبله بأعباء ديون لا ذنب له فيها.

وأما على المستوى السياسي؛ فقد تراجعت الحريات السياسية، والحق في المنافسة وتداول السلطة، وتعمق الاستبداد، وتسيدت الأجهزة الأمنية على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وما زالت السجون تعج بالمعتقلين السياسيين، وبابها مفتوح لكل من يسعى للمنافسة. وأما على مستوى السياسة الخارجية والأمن القومي؛ فقد خسرت مصر مكانتها ودورها الإقليمي والدولي، وفشل النظام في تأمين مياه النيل صمام الأمن الغذائي لمصر، وفرط في غاز المتوسط، وفي سيادة مصر على أراضيها وموانيها وثرواتها، كما فشل في تأمين الجوار الليبي والسوداني والفلسطيني.
إلى غير ذلك من مستويات التراجع والفشل في الفنون والآداب والثقافة والإعلام، الأمر الذي قزم مصر، وجعلها دولة مقبلة على الفشل والانفجار. ومن الخطير أن مصر رغم كل ذلك مستمرة في نفس السياسات التي أوصلتها إلى هذه الحال، وكأن إفشال الدولة وتقزيمها، وإفقار الشعب وإلهائه بالأزمات؛ هو الهدف. أو على أحسن الظن أن نظام يوليو فاقد للبوصلة. وفي كل الأحوال مصر في خطر!!

وفي كل الأحوال أيضا؛ على الشعب المصري - وفي القلب النخب السياسية المعبرة عن الجماعة الوطنية بكل أطيافها- على الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه التغيير، وأن يرفعوا أصواتهم كما فعلوها أول مرة، عسى أن يستجيب القدر. فإن السكوت على الظلم والفشل لا يعنى إلا المزيد من هضم الحقوق والمعاناة والألم. وإن المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية -المكفولة دستوريا- واجب على كل مواطن. وتحقيق ذلك ليس أمنية عزيزة المنال؛ إذا الشعب يوما أراد وقال كلمته. والشعوب هي التي تصنع التغيير، والأمل في الشعب باق. وستظل تجربة يناير بنجاحاتها وإخفاقاتها ملهمة لنموذج التغيير المستحق؛ وإن طال الزمن.

وإن غدا لناظره قريب.. والله أكبر ولله الحمد

أسامة سليمان
المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمون
الأربعاء 13 رجب 1445هـ؛ الموافق 24 يناير 2024م