التاريخ : الأربعاء 20 مارس 2024 . القسم : رسالة الإخوان

رسالة الإخوان عن طوفان الأقصى


الحمد لله منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، القائل في محكم التنزيل ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 39]، والصلاة والسلام على البشير النذير، الذي أخبرنا في سنته الشريفة عن صدق ما نراه رأي العين:  “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟، قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.

أما بعد..فإن الله تعالى إذا استيأس الناس من ضيق الحال، وتعاظم الضلال، ومظنة الهلاك، أرسل من آياته ما يثبت به فؤاد كل مؤمن، وشق بعصا قدره بحر الظلمات، فتتفجر الأرض من تحت الباطل فإذا هو زاهق.

تُذكر فلسطين فيُذكر الإخوان المسلمون... ويُذكر الإخوان فتُذكر فلسطين... تُذكر فلسطين بقضيتها العادلة، ويُذكر الإخوان بتاريخهم باذخ الشرف. فلسطين هى قضيتنا.. وقد بذلنا فيها وسعاً، وكسبنا فيها جولات، واختبرنا قوة عدونا، وأذقناه طعم ضرباتنا، فإذا هي قابلة للكسر، ممكنة للقهر هذا تاريخنا لقد تمادى المحتل في سياسة التدنيس والتهويد لمقدساتنا، وتعدى جيشه ومستوطنيه على نسائنا وعبّادنا في المسجد الأقصى المبارك، وأطلق يد المستوطنين في مصادرة أراضي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس، وأحكم حصارا خانقا على قطاع غزة منذ 16 عاما، وحوله إلى أكبر سجن في العالم، يحتجز به مليونين ونصف فلسطيني، يهدم بيوتهم ويصب على رؤوس أطفالهم ونسائهم حمم النار. 

كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع العالم، ولم يدرك المحتل ولا العالم أنه لم يعد في قوس الصبر منزع، وأن الأوضاع الإنسانية والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني تنتهك رغم كل قرارات الشرعية الدولية. 

وعبثا تحاول الدول الداعمة للمحتل لي عنق الحقيقة التي يقر بها المنصفون، حتى رفع رئيس وزراء الاحتلال خريطة في أكبر محفل دولي محا منها كل فلسطين، وبعد ذلك يتساءل البعض يتساءل لماذا انفجر بركان الغضب وطفح طوفان الأقصى؟ 
إننا نبارك لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية هذا النصر المتوج، الذي قامت به سواعد العزة والإباء، في عملية “طوفان الأقصى” لكتائب القسام وفصائل المقاومة، والتي شفت قلوب ملايين العرب والمسلمين وأحرار العالم. 

أولئك الذين حيل بينهم وبين ما يشتهون من حرية وتحرير، وغلبتهم أنفسهم حزنا وهم يشاهدون صلف المحتل وبطشه وتنكيله بالأسرى في أقبية السجون. 
إن التاريخ يحتفظ في ثناياه بالعبر، فقبل خمسين عاما، عبر الجندي المصري هاتفا الله أكبر فحقق المعجزة وحطم خط بارليف، واستعاد سيناء الحبيبة، وتوهم المرجفون أن هذه ستكون نهاية الحروب، فعملوا على كبح جماح الشعوب، والاطاحة برغبات التغيير السلمي، كل ذلك من أجل عزل فلسطين عن حاضنتها الطبيعية. 

لكن عقودا من التضليل لم تنطلِ على شعوبنا الحرة، وتبين للقاصي والداني أن روح أكتوبر تسري في الأمة رغم محاولات مسخ هويتها ومسح ذاكرتها. إننا نستنهض علماء الأمة وأبناء الحركات الاسلامية من طنجة إلى جاكرتا، إلى القيام بواجبهم في وضع قضية فلسطين والاقصى على أولى أولياتهم، ودعوة شعوبنا إلى مواصلة الإسناد المادي والمعنوي عملا بواجب النصرة الشرعي، ولا يفوتنا هنا أن نثمن دور الأزهر الشريف في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ودفاعه عن الأقصى الشريف، وندعو كل مؤسساتنا الدينية إلى إصدار مواقف عملية مماثلة تدعو إلى الدعم والمناصرة حتى تتحرر فلسطين ومسجدنا الأقصى المبارك، مسرى رسولنا الكريم.

رسالتي إلى المجاهدين على أرض الرباط.. وقد خصكم الله بشرف المواجهة، فأنتم اليوم خط الدفاع الأول عن مقدساتنا، وأنتم شرف الأمة وعزها، وأنتم كذلك أملها فأخلصوا لله نياتكم قال تعالى:(وَمَا رَمَيْتَ اِذْ رَمَيْتَ وَلٰكِنَّ اللّٰهَ رَمٰى) [الأنفال:17] واعملوا وجاهدوا. واعلموا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) [محمد:35]
وإلى أسر الشهداء والمصابين... إن الشهادة شرف عظيم لمن نالها، فهي اختيار الله لمن اصطفاه من عباده، قال تعالى (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ)[آل عمران:140] فهنيئاً لمن اصطفاه بحياة أبدية سعيدة. 

وهنيئاً لمن كتب اسمه على درب الشهادة بأحرف النور، درب المجاهدين الأوائل، فلكم منا خالص العزاء والمواساة. مع خالص دعواتنا بالشفاء للجرحى والمصابين من ضحايا القصف والعدوان. بارك الله جهودكم، وأمدكم بمدد من عنده، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.
والله أكبر ولله الحمد

الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون