التاريخ : الجمعة 22 مارس 2024 . القسم : بيانات
دماء الشيخ المجاهد أحمد ياسين.. وقود طوفان الأقصى
في ظلال معركة طوفان الأقصى المظفرة تمر علينا اليوم الثاني والعشرين من مارس؛ ذكرى استشهاد إمام الجهاد والمقاومة ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية: الشيخ أحمد ياسين. الذي لمع اسمه، وعلا ذكره بسبب الإرث العظيم الذي تركه، والأثر الهائل الذي أحدثه في فلسطين، بل في الأمة الإسلامية جمعاء، حتى بات علماً من أعلام الأمة، وصفحة مشرقة في تاريخ فلسطين المعاصر.
لقد كانت فلسطين على موعد مع هذه الشخصية الفذة في ظروف بائسة عصيبة، ومنعطف تاريخي كبير، مر بالقضية الفلسطينية في ثمانينيات القرن الماضي. وذلك بعد تحييد الدعم المصري والعربي، جراء توقيع معاهدة سلام مع العدو المحتل؛ عام 1979. وجراء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإخراج مقاومة منظمة التحرير الفلسطينية منها؛ عام 1982، والقضاء على رموزها. حتى ظن العالم أن قضية فلسطين انتهت. في هذه الظروف بالغة الصعوبة جاء الشيخ ياسين، وجاء تأسيس الحركة.
لقد صنع تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والقضاء على المقاومة، مناخاً سلبياً، شجع على قبول حلول جزئية. فتراجعت أولوية المقاومة في القاموس الوطني الفلسطيني، وحلت محلها المفاوضات. وتقزمت أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية من التحرير إلى الاستقلال، ثم من الدولة إلى السلطة، فجاء الشيخ ياسين وحركته المباركة لتصحح المسار، وتعيد قضية تحرير فلسطين إلى ثوابتها الفكرية والسياسية، وأهدافها الوطنية، غير عابئة بظلال اليأس التي ألقتها تلك الهزائم.
ولقد ساهم التكوين العلمي والديني للشيخ ياسين، وخبرته ووعيه المبكر بطبيعة الصراع، وقراءته الواعية للواقع الفلسطيني والعربي والدولي، ساهم - كل ذلك- في تصوره للحل؛ فعمد إلى إعداد وتربية جيل مقاوم؛ يملك المؤهلات الروحية والثقافية والفكرية؛ لكي يكون قادراً على خوض المعركة. كما عمل على تقوية أواصر التماسك الاجتماعي بين أبناء الشعب الفلسطيني، وحرص على كسب التّعاطف الخارجي لتوفير الدعم للمقاومة.
وها هو اليوم غرس الشهيد المجاهد أحمد ياسين ورجاله الأبطال يقودون معركة التحرير ضد العدو الإسرائيلي، ومن خلفه قوى الاستكبار العالمي، يُبلون في سبيل الدفاع عن دينهم ومقدساتهم وأرضهم وأعراضهم بلاءً حسناً. وها هي معركة طوفان الأقصى تمرغ هيبة الجيش الذي لا يقهر في التراب، وتقدم قادته للمحاكمة الدولية، وتعيد كتابة معادلات الصراع في المنطقة، وتغير الرأي العام العالمي تجاه قضية تحرير فلسطين.
لقد أعاد الشيخ ياسين القضية الفلسطينية سيرتها الأولى، حية في نفوس أبناء فلسطين والأمة الإسلامية؛ سيرا على خطى الشهيد عز الدين القسام والإمام الشهيد حسن البنا. وها هم أبناء الياسين ومعهم كل فصائل المقاومة يحيون الأمل بقرب تحرير المسجد الأقصى وفلسطين، ويقدمون الفداء من أرواحهم ودمائهم؛ كما دفع الشيخ ياسين حياته رخيصة في سبيل هذه الغاية. وها هو الشعب الفلسطيني البطل الصامد المجاهد يصطف موحداً خلف طلائع التحرير والفداء، ويقبل الثمن راضياً محتسبا.
رحم الله الشيخ ياسين ورضي عنه، وتقبله في الشهداء والصالحين، ورضى الله عمن اقتفوا أثره، وعملوا على تحرير فلسطين والمسجد الأقصى. قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: آية 23]
الدكتور صلاح عبدالحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون
الجمعة 12 رمضان 1445هـ؛ الموافق 22 مارس 2024م