التاريخ : الجمعة 07 يونيو 2024 . القسم : رسالة الأسبوع
أيام الله وبشائر النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد..
تطل علينا الآن أيام مباركات هي خير أيام الدنيا كما أخبر المعصوم ﷺ حين قال: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.
فما بالنا لو اجتمعت تلك الأعمال الصالحة من حج وعمرة وصلاة وقيام وصدقة ونسك وذكر ودعاء وتلبية وتكبير مع جهاد حقيقي وقتال لأعداء الله في بقعة مباركة بأكناف بيت المقدس خرج فيها المجاهدون بأنفسهم وأموالهم ومتاعهم ومنازلهم وأهليهم – دفاعا عن أوطانهم ومقدساتهم فنالهم ما نالهم في سبيل الله، ولم يرجعوا بشيء، بل ارتقى الآلاف منهم إلى عنان السماء، شهداء أطهار أبرار، أوفوا بعهد الله وصدقوا ما عاهدوا الله عليه.
هم في الطليعة المباركة (لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم). ومِن خلفهم شعوب مسلمة تعود إلى دينها وتلهج بالدعاء لتثبت هذه الفئة المباركة، وتنفض عن نفسها غبار القعود والمذلة وتحشد قواها لنصرة المجاهدين.
وإن من بركة هذا الجهاد الصادق في تلك الأيام المباركات أن انكشف الزيف والخداع عن البشرية بأسرها، فاتضحت حقيقة الصهاينة المعتدين كأسوأ صنف من البشر ظهر في هذا الزمن، لا يضمرون للإنسانية إلا كل شر وحقد وتعصب وكراهية، وتعطش للدماء وإزهاق للأرواح، وتدمير لكل مظاهر الحياة حتى ملاجئ الإيواء والنازحين.
وبعد؛ لقد أقبلت علينا نحن شعوب الأمة الإسلامية تلك الأيام المباركات، ونحن في مسيس الحاجة إلى نفحاتها كي نتقرب أكثر إلى الله تعالى، (مصدر القوة الحقيقية) فينزل علينا رحماته، ويفيض علينا ببركاته، ويمد أبطالنا المجاهدين بمدد من عنده؛ يثبت أقدامهم ويسدد رميهم ويعينهم على تطهير الأرض المقدسة من رجس أعداء الله.
وكلما أخلصنا في العمل الصالح قولاً وفعلاً بذلا وجهدا، اقتربت ساعة النصر.. وقد بدت تباشيره.. ونحن نرى ثباتاً عجيباً بطعم المعجزات لفئة صابرة وشعب مجاهد صامد، يدافعون نيابة عن الأمة بأسرها لتحرير أرضنا ومقدساتنا، أمام جحافل عدو قادر ومدعوم من الحكومات الغربية ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾[ القمر: 45]
ودعوة خاصة إلى أولياء أمور المسلمين أن يرتفعوا إلى مستوى الحدث.. فيصطلحوا مع الله تعالى، ويجعلوا ولاءهم لله تعالى أولاً، ثم إلى شعوبهم المسلمة ففيها الخير الكثير. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة آل عمران: 118]. لقد منحتنا معركة طوفان الأقصى فرصة لمراجعة مواقفنا تجاه أمتنا، وتجاه أعدائها. فرصة للعودة إلى الله والإنابة إليه، والاستعانة به، وتوحيد الأمة تحت راية الإسلام الحنيف، فإن فعلوا ذلك فلن يغلبهم أحد ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]. ولنستجب جميعاً لدعوة الله.. دعوة الحياة.. أفراداً وجماعات.. شعوبا وحكومات ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 24]
تقبل الله منا ومنكم الطاعات، وفتح علينا وعليكم أبواب الخيرات، ومنحنا وإياكم نفحات الأيام المباركات، وكل عام وأنتم بخير.
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون
الجمعة 1 ذي الحجة 1445هـ؛ الموافق 7 يونيو 2024م