التاريخ : السبت 15 يونيو 2024 . القسم : الأخبار
كلمة الدكتور صلاح عبدالحق إلى الأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الإخوة والأخوات في مصر والعالم الإسلامي.. أيها المسلمون في كل مكان، يطيب لي أن أهنئ الجميع بحلول عيد الأضحى المبارك، وأخص بالتهنئة فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع وإخواننا من الفضلاء، أعضاء مكتب الإرشاد. فما العيد إلا رمز للنصر بعد جهاد.
كما أخص بالتهنئة إخواننا المجاهدين من أهل الرباط في مصر وفلسطين وما حولها، الذين يرفعون راياتنا عالية خفاقة في الأفق، رغم ما يصيبهم من الشدة واللأواء. فإن ما عند الله خير لنا مما نحن فيه.
كما أهنئ هؤلاء الصابرين المرابطين من أسرانا خلف الأسوار في فلسطين، وفي غيرها من بلدان العروبة وأوطان الإسلام.. ونقول: إننا لن نسكت على هذه الحال، سنبذل كل ما نستطيعه، وما نقدر عليه من وقت وجهد، من أجل أن ينالوا حريتهم، وأن ترد إليهم كرامتهم وعزتهم، كي يعيشوا أحرارا في بلادهم، سادة في أوطانهم، يختارون أشكال الحكم التي تلائمهم. سوف نتكلم باسمهم، ونطالب بحقهم في كل محفل وطني، وتجمع عالمي يلفت الأنظار، ويزيد الأنصار.
ثقتنا أن الله لن يخذلنا أبدا، وكذلك شعوبنا المجيدة الكريمة الأبية، فضلا عن أحرار العالم الأوفياء الذين يدركون، أن الله والحرية لا ينفصلان.
كما أكرر تهنئتي في هذه الأيام الصالحات لمن لبوا نداء ربهم في حجتهم وعمرتهم، أن يتقبل الله منهم، وأن يتم لهم النية كما أتم لهم الخطوة، فإن الله وحده له المن، وهو ولي الجزاء.
وأعتقد أنه من آيات الحكمة والتقدير أن تجتمع شعائر الحج الأكبر مع مظاهر طوفان الأقصى، لنتذكر أن الجهاد في سبيل الله من شعائر ديننا، ومن أركان دعوتنا كذلك. فليس مع الجهاد راحة، بل الأجر الجزيل، والثواب الجميل.
ونحب أن يعلم غيرنا أننا لن نسعى من غير حاجة، ولن نخطو من غير غاية، ولن نضحي من غير ربح، ولن نجرح دون إصلاح، رائدنا المصلحة، وكفى. إن الله تعالى قد قرر حريته للشعوب والجماعات، والأفراد، وهي التي نادى بها نبيهم قديما، (من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا). وهتف بها الفاروق يوما، فأصغى الله له مسمع الدهر: "مذ كم يا عمرو، استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟".
إننا نطالب بالحرية لأنفسنا وللآخرين كذلك، فكلانا في حاجة إليها، الظالم والمظلوم، أما المظلوم: فحتى يتحرر من سجنه وقيده. وأما الظالم: فحتى يتحرر من جوره وظلمه. ثقتنا أن العالم في حاجة إلينا، حين نناديه بفكرة الإسلام، وهي أقوى الفكر؛ لأنه حين يعلم الناس أنهم عبيد لله وحده، ينتفي القهر والتسلط.
وحين ندعوه بدعوة الله- وهي أسمى الدعوات- لأنها تمنح العالم اطمئنان الباطن، واطمئنان الظاهر كذلك. أما اطمئنان الباطن فحين تدعوه للإيمان بقوة في الغيب، تختار له الأصلح والأكمل، وأما اطمئنان الظاهر فحين تقيم له دولة في الأرض تقيم له العدل، وتحرث الطريق. وحين نقدم إليه شريعة القرآن، وهي أعدل الشرائع، لأن القرآن منهاج وثقافة عالية، ونظام شامل. ليس فيه أي معنى رجعي أبدا، فلن يكون نقضا لاتفاقيات دولية، ولن يكون اعتداء على أقليات مواطنة أو أجنبية، ولن يكون إلغاء لنظم حكم نيابية، ولن يكون إحياء لأي مظهر رجعي يتنافى وأصول المدنية الصحيحة، فالقرآن خير كله، وقد وضع لذلك من النظم أعدلها وأفضلها، [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].
أقول لإخواننا في الرباط من أرض فلسطين لا يضركم ما نزل بكم، فإن قتل الصديقين والصالحين في هذه الدنيا ليس بالأمر الصعب، واقرؤوا إن شئتم، {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (البقرة: آية 87)، أقول لهم لقد أديتم لله واجبكم، حيث أقامتكم أقداركم، وإن الأمة اليقظى قلما تموت. ولقد ضربتم المثل لمن وراءكم بالأسوة والقدوة، وإن الأمم إنما تتربى بالأسوة، والقدوة، لا بالأمر والشدة.
ثقتي أنه لن يمضي وقت طويل حتى يقول التاريخ النظيف فينا كلمته، ويروي الراوي الصادق عنا يوما قصته، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} (الرعد: آية 17).
وأقول لإخواننا المجاهدين المرابطين في كل مكان، لا تيأسوا، فليس اليأس من أخلاق المؤمنين. سنربي أنفسنا حتى يكون منا الفرد المسلم، وسنربي شعوبنا حتى يكون منا الشعب المسلم، وسنمضي معا إلى تمام الشوط الذي وضعناه لأنفسنا، بل الذي وضعه الله لنا، وسنعمل عمل المجد الآمل، والله المستعان، وها هو الفجر يرمقنا من بعيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وكل عام وأنتم بخير
أخوكم صلاح عبد الحق
السبت 9 ذي الحجة 1445هـ؛ الموافق 15 يونيو 2024م