التاريخ : الأحد 07 يوليو 2024 . القسم : مع الشباب

ما لم يقله أبو عبيدة!!


يطلع علينا كل حين -على شوق منا- أبو عبيدة..

ذلكم الملثم الذي يبثنا في دقائق من معاني العزة وكلمات الإباء؛ ما يكفينا لأسابيع، بل لشهور، وربما لأعوام.

فيخبرنا عما أوقعه المجاهدون في صفوف العدو من إثخان في جنوده، وتدمير لآلياته، ومفاجآت قتالية لقادته.

ولا تخلو بياناته دائما من تذكير الأمة بواجباتها نحو الأرض المقدسة والمنافحين عنها… بدءاً من الدعاء وانتهاء بفعل ما يمكن فعله للتخذيل عنهم.

وكثيرا ما كنت أشعر أن أبا عبيدة يريد أن يقول أكثر، ويطلب منا أكثر.

لكنَّ الوقت لا يسعفه، أو ربما القنوات الناقلة قد لا تقبل كلاما صريحا يهيج الصهاينة وأولياءهم أكثر مما هم هائجون متحفزون، أو ربما، أو ربما..

المهم أنني أخذت أستجمع في نفسي ما الذي كان يمكن للرجل قوله لو كان الوقت أكثر سعة، والحديث أكثر مباشَرةً؟

فتخيلته يريد أن يقول لكل صاحب عقل وفكرة ومختَرَع:

أمدونا بما عندكم من أفكار؛ فقد آن الأوان لكي تجدوا سبيلا شريفا كريما لتوجيه نتاج عقولكم، بحيث لا تستحوذ عليه حكومات الغرب، ولا يؤذيكم من أجله خونة الشرق!!

وقد رأيتم كم فعلت عقول شبابنا في العدو..

وما أمر هندسة الأنفاق، وتقنيات الصواريخ، وبرمجيات تعطيل أجهزة العدو منكم ببعيد!!

تخيلت أبا عبيدة يستصرخ المترهلين المتثاقلين من شباب الأمة.. العاكفين على أجهزتهم الإلكترونية حتى تيبست مشاعرهم وضمائرهم أنْ هلمُّوا إلى أجسادكم فأصلحوها، وإلى النوادي الرياضية فاحملوها؛ واصنعوا من أنفسكم ردءًا للمجاهدين، واحتياطا للمرابطين؛ فمعركة التحرير قد بدأت، ولن يكون ما بعدها كما كان قبلها، ونية الجهاد لا يكون معها طول رقاد، أو تيبس أجساد!!

تخيلت أبا عبيدة يصرخ في الأمة أن الله تعالى سيحاسبكم على الوُسع لا الفعل..

وقد علم الله أن في وسعكم الكثير من أعمال النكايات في العدو.. فلِمَ توقف جهدكم عند مظاهرة أو مظاهرتين، أو دمعة أو دمعتين، أو دينار أو دينارين، أو مقال أو مقالين قدمتموها أول الأمر ثم عدتم لحياتكم تعيشونها، ولأنفسكم تعذرونها؟! في حين أن عدوكم لم يتوقف قصفه ودكُّه، ولا قتله، ولا تدميره يوما منذ بدأ معاركه معنا إلى اليوم..

ولعلكم رأيتم الشباب في الغرب كيف انتصروا لقضيتنا العادلة، حتى غيروا قناعات باطلة عنها في عقول آبائهم وأمهاتهم وساساتهم…على حين أن إخواننا في الشرق قصرت أنفاسهم، وانعدمت حيلهم إلا من بلد أو بلدين..

فالحيلة الحيلة، والنكاية النكاية، لأن عدوكم جبان؛ لو رأى منكم ما يخيفه؛ لرجع عن قتلنا ألف خطوة!!

وقديما -بالحيلة وصدق الشعور- أسقط شباب من قريش -كانوا يومئذ على الشرك-خطة أكابرهم التي حاصروا بها النبي وصحبه؛ ولم يهدأ لهم بال حتى أبطلوا الحصار، وأطعموا الجوعى، واستنقذوا الناس. أفيكون المسلم أعجز من الكافر في فك الحصار؟!!

تخيلت أبا عبيدة كذلك يستصرخ فيكم الإمداد المادي..

لأن جهاد المال مقدم على جهاد النفس في جُلِّ مواضع القرآن..

والمجاهدون في فلسطين ما أكثرهم؛ لكن العتاد ما أقله!!

ومعارك التحرير لا تحتاج لعطاء يوم وانقطاع شهور؛ إنما تحتاج لبذل دائم وإن قل.

ولو أوقف كل مسلم ثمن وجبة غداء أو عشاء في الشهر لإخوانه ما احتاج المجاهدون بعدها لأحد.

ولا يقولن أحدكم: كيف أوصل مالي؟

فمن صدق البذل لم يعدم الوسيلة!!

فأوقفوا في نفوسكم وبيوتكم الأموال، حتى يحصلها منكم الأبطال!!

أتخيل أبا عبيدة يريد أن يصرخ فينا بتربية العيال، وحسن إعدادهم لأيام النزال..

أتخيله يستصرخ النساء: البذلَ البذلَ كما فعلت أمهاتهن يوم تبوك، ويستصرخهن حمل البيوت على بقاء التأثر، وحياة الضمائر كما كانت تفعل أمهاتنا قريبا عند موت الجار أو فقد القريب؛ فكيف بفقد وجرح ما يزيد عن مائة ألف حبيب؟!

أتخيله وأتخيله.. فأجد الكثير مما يريد قوله؛ لكنه يستحي من القوم أن يستكثروا عليه مطالبه.

وهي والله أضعف الإيمان، وأقل الإحسان..

فليتنا نكفيه وإخوانه إياها. فإني أحسبهم وأهل غزة قد أدوا ما عليهم، وبقي أن نؤدي ما علينا.

فوالله لو ضاعت من الأمة فرصة كهذه لِتصحو؛ فربما تحتاج إلى عشرات السنين لتكرارها.

فأجيبوا أبا عبيدة فيما قال، وما كان يريد أن يقول!!

لينجوا وننجوا  معهم، وتنتصر القضية المقدسة العادلة، وننتصر معها.

د. خالد حمدي

داعية إسلامي ومستشار تربوي