التاريخ : الجمعة 25 أكتوبر 2024 . القسم : فنون وآداب
عامٌ على الطوفان
للشاعر محمد عبده
عامٌ بِغَـــــــــــــزَّةَ تحت القصف لم تنمِ | أرضَ الرِّبــــــــاطِ بحبل الله فاعتصمي | |
يا غزَّة النَّصر أنتِ اليوم صامــــــــــــدةٌ | رغم الجراحِ ورغم النّزف والألـــــــمِ | |
رغم ارتقاءٍ لآلافٍ من الأُســــــــــــــــر | شيخٍ وطفــــــــــــلٍ أبٍ وكذلك الأمِّ | |
رغم الحصـار وبعض العُشب مطعمكم | ولربما سُرِّبَتْ بعضٌ من اللّقـَـــــــــــــمِ | |
أســــــــــــرٌ بأكملها تمضي ولم يجدوا | أحداً لتعزيةٍ في الأهل والرِّحـــــــــــــــمِ | |
والأمُّ تمضي وقد يبقى لها الطفــــــــلُ | عيناه ترمق تحت حجارة الـــــــــــــردمِ | |
والأمُّ والزوجةُ والابنــــــــةُ احتسبت | أغلى الأحِبَّة تحت القصف والهــــــــدمِ | |
والناس تخرج وسط الليــــــل في فزعٍ | متنقلين من الخيمِ الى خيــــــــــــــــــمِ | |
صُوَرُ الصحابة هل عادت بأمثلـــــــــــةٍ | في أرض غزةَ تُحيي سالفَ الهمــــــــمِ | |
كم من ثكالى هنا تَرضى وصابـــــــرةٌ | وكم صغار لهم عانوا من اليُتـــــــــــــمِ | |
وكم جراح هنا في القلب غائــــــــــــرة | تشكو إلى ربها بالدمع منسجــــــــــــــمِ | |
أمّ الشهيـــــــــــــــد تزغرد عند رؤيتها | وجه الشهيــــــــــــد يضيء مُعَطَّرا بدمِ | |
قد احتسبتُك عند الله يــــــــــــــــا ولدي | فِدىً لديني وللأقصى وللحـــــــــــــرمِ | |
وكم تكرَّر للخنســــــــــــــــاءِ مشهدُها | والأمُّ تَرضى بدمع القلب منكتـــــــــــمِ | |
خذ من دِمانا إلهي إن رضِيـــــــــتَ فقد | نلنا المنى ربّنا يا سابغَ النِّـــــــــــــــــعَمِ | |
ترى التنافس في نيل الشهــــــــادة مِن | جُندٍ وقادتِهم صعدوا إلى الأنجـــــــــمِ | |
مستبشرين بفضل الله في فــــــــــــــرحٍ | يا حُسْنَ مبتدأٍ يا طِيبَ مُختَتَــــــــــــــــمِ | |
صِفْ يا " هنيّةُ " كيف الحال عندكـمو | ما بين مُنشرحٍ منكم ومُبتســـــــــــــــمِ | |
| *** | |
والطائراتُ تحومُ غيرَ عابئــــــــــــــــةٍ | بحقوق إنسانٍ أو هيئة الأمــــــــــــــــــمِ | |
تلك الحقوق لإنسان وقد زعمـــــــــــوا | محض افتراءٍ فبئس الزيف والزَّعــــمِ | |
لا يضربون سوى مِن خلف أقنعــــــــةٍ | جُدُرٍ مُحصّنةٍ بالجُبن تتســــــــــــــــــــمِ | |
طوفان غزة قد قلب المعادلـــــــــــــــــةَ | ليَظهَرَ الحقُّ فوق الشكّ والتُّهــــــــــــم | |
عامٌ بغزة أحيا الروح في الهمـــــــــــــم | بدءُ الصعود إلى العلياء والقمـــــــــــم | |
مستبشرين بنصـــــــــــــــــر الله نرقبه | رغم الضحايا ورغم الفقد والألــــــــمِ | |
وأهل غزة لم يعطوا الدنيـّــــــــــــــةَ، بل | مستمسكون بحبلٍ غيرِ مُنفصــــــــــــــمِ | |
حبلٍ من الله ربّ الناس خالقهــــــــــــــم | عليك معتمدي يا واســــــــــــــــعَ الكرمِ | |
مســـــــــافة الصفر قد صارت هنا مثلا | في الرّمي والقذفِ والتفخيـــخ باللّغمِ | |
دبابةٌ قد أتت حصناً محصنــــــــــــــــــةً | بالجند في جوفها بالرّعبِ مُنهـــــــــزمِ | |
يسعى إليها الفتى شـــــــــــوقا يفجرها | أكرم به من فارسٍ أنعم به من ضِرغَــمِ | |
فَتَىً يفاجئُهـــــــــــــــم ما همُّه أن يُرى | من غير سترته أو عاريَ القـــــــــــــدم | |
أُسْدُ الشَّرى تنبري تنقضُّ في فجـــــــأةٍ | تُذيق جند العدا الكأس من علقـــــــــــم | |
وقد أعدّوا لهم قدْرَ استطاعتِهــــــــــــم | من مبلغ الجهد من سيفٍ ومن قلــــــمِ | |
والناس تحتضن تلك المقاومـــــــــــــةَ | كمثل أسورةٍ تحيط بالمِعصــــــــــــــــــمِ | |
يا نعم حاضنة ترعى مقاومـــــــــــــــــةً | لتنوبَ عن أمّتي وتبَرَّ بالقَسَــــــــــــمِ | |
" والظلم إن تلقه بالســـــلم ضِقتَ به | ذرعا وإن تلقه بالسيف ينهــــــــزم " | |
| *** | |
ظنّوا التجوُّل في غزّةَ نزهـــــــــــــــــــةً | وقالوا في ساعةٍ تُلقَى إلى اليـَـــــــــمِّ | |
فإذا بهم وجدوا في غـــــــــــزةَ صخرةَ | تردُّ كيد العدا في كلِّ مُصطـــــــــــــــدمِ | |
وكم بغزةَ من صبرٍ ومن ألـــــــــــــــمٍ | لكنّ عند العدا الأضعافُ من ألــــــــــــمِ | |
لكننا نرجــــــــــــــــــــــو من ربِّنا ما لا | يرجو العدوُّ من الأفضال والنِّعــــــــــمِ | |
والله غايتنا نعم الولِيِّ لنــــــــــــــــــــــا | نرجو رضاه ونرجو حُسن مختتـــــــمِ | |
شهداؤنا في جنة متنعمين بهـــــــــــــــا | مستبشريــــــــــــــن بلا خوف ولا همِّ | |
يا غزة النصر ان الحق منتصـــــــــــــر | بالحق فاستمسكي بالله فاعتصــــــــمي | |
وَقَفْتِ كالشوكةِ في حَلْقِ باطلهــــــــــم | مرفوعةَ الرّأس في عِزٍّ وفي شَمَــــــمِ | |
ضريبة العــــــــــــــزّة عن أمتي سُدِّدَتْ | من غزةِ العزة بالبذل والغُــــــــــــــرمِ | |
| *** | |
طوفان غزَّةَ كم أعطى الدروسَ لنــــــــا | للشرق والغرب أو للعرب والعجــــــمِ | |
طوفان غزةَ لا نُحصي فوائــــــــــــــــده | للوعي في أمتي أو سائر الأمـــــــــــــمِ | |
عن عودة الرّوح في أجيالنــــــا عَرَفت | معنى الدفاع عن الأقصى عن الحــــرمِ | |
من كان يحلم بالتطبيع من حُكَّامِنـــــــــا | طوفان غزةَ بدَّد سكــــــــــــــــرةَ الحلمِ | |
طوفان غزةَ بعْثٌ في النفــــــــوس أتى | يخاطب الفطرة تشتاق للقيــــــــــــــــــمِ | |
في الجامعـــــــــــــــات بأمريكا وأوربا | ثار الشباب كسيـــــــــــــــــلٍ هادرٍ عَرِمِ | |
والناس تسأل عن سر الصّمـــــود هنا | رغم الدّمار ورغم النار والهــــــــــدمِ | |
رغم الحصــار ورغم القصف والحمم | لماذا غــــــــــزةُ ما هانت ولم تستسلمِ | |
رغم النزوح بلا أمنٍ ولا سكـــــــــــــنٍ | سوى العراء ومِن خيمٍ الى خيـــــــــــمِ | |
رغم الضحايا بآلافٍ مؤلفــــــــــــــــــــةٍ | رغم الجراح تئنُّ بشدة الألـــــــــــــــــم | |
رغم استغاثتهم هل ثمَّ معتصـــــــــــــــمٌ | وليس ثمَّة مأمون ومعتصــــــــــــــــم | |
سِرُّ الصمودِ بغزة ليس نفهمـــــــــــــــه | فمن يدلُّ على الأسباب والحكــــــــــــمِ | |
قالوا لهم إنه القرآن مِن هدْيـــــــــــــــه | طوبى لمستلمٍ طوبى لمستلهـــــــــــــــمِ | |
والبعض يُقبِل في شـــــوقٍ وفي لهفٍ | والبعض يقرأ في شغفٍ وفي نهـــــــمِ | |
ترى مياديــــــــــــــــــن أمريكا وأوربا | فيها مظاهرةٌ بالحشد مزدحِــــــــــــــــمِ | |
هتافهم أوقفوا فورا إبادتكـــــــــــــــــــم | لشعب غزةَ في حـــــــــــربٍ وفي جرمِ | |
تلك الضرائب هل تُجْبى لخدمتنــــــــــــا | أم للسلاح ليحرق ساكني الخيـــــــــــــمِ | |
طوفان غزة أحيا الناس أفهمـــــــــــــها | ما كان من قبل يستعصي على الفهـــمِ | |
رؤساء أمريكا والغرب في قبضــــــــةٍ | بيد الصهاينة كعبادة الصنــــــــــــــــــمِ | |
حرب الإبادة في وحشية أيقظــــــــــــت | حُرَّ الضمائرِ من عرب ومن عجــــــمِ | |
رغم الدمار ورغم القصــــــف مستعرٌ | مازِلت يا غزةُ مرفوعة العلــــــــــــــــمِ | |
تلك الأباطيل قد حيكت وقد نُسجـــــــت | من الصهاينـــــــــــــة أفضت إلى العدمِ | |
وأن ما يدعون اليوم من سَفَــــــــــــــهٍ | فُضِحت سخافتُه في سائر الأمــــــــــــمِ | |
فليس للمعتدي حقٌّ بأرضٍ لنـــــــــــــــا | سوى افتراءات لغاصب مجــــــــــــــرمِ | |
| *** | |
حقوق إنســــــــــــــان والغرب روَّجها | عدلٍ وحريةٍ أو سائرِ القيـــــــــــــــــــمِ | |
تلك الحقوق شعـــــــــــــــــاراتٌ مزيفة | حسب الهوى عندهم تعطى وتُقتــــسمِ | |
بئس المكاييـــــــــــلُ إن كيلت بمُختِلِفٍ | من القياس بحسب الجنس والقـــــــومِ | |
إن كان من عجم يُعطى كأوكرانيــــــــــا | أو كان في غزةَ فالقصف بالحمـــــــــم | |
والعدل إن لم يكن في الناس مشتـــركا | على السواء فذلك أبغض الظلـــــــــــــم | |
| ||
نعود للعرب إذ حكامهـــــــــــم أعرضوا | عن الوفاء بحق الجار والذمــــــــــــــمِ | |
أين الجيوشُ وأين نشيدُنــــــا الوطني | أين العروشُ وأين تحيةُ العــــــــــــــلمِ | |
مصر العريقة قد ديست بمعبـــــــــــرها | من العدو بلا عتبٍ ولا لـــــــــــــــــــومِ | |
"مسافة السِّكَّةِ " هل كان مقصــــــدها | حصراً إلى ليبيا أو قل إلى شـــــــــــــرْمِ | |
دول الجوار فأين اليوم نخوتُهــــــــــــــا | ذهبت معونتهم للمعتدي المجـــــــــــرم | |
ومن تسلل يبغي نصر إخوتـــــــــــــــه | يبغي الشهادةَ يلقى المنع في حــــــــزمِ | |
إلا من احتال في حرصٍ وفي حـــــــذرٍ | ينوي الشهادة والإقدام في عـــــــــزمِ | |
طوفان غزة قد جلَّى الأمور لنــــــــــــــا | حكامنا للعدو اليوم كالخــــــــــــــــــــدمِ | |
شعوب أمتنا تغلي الدمــــــــــــــــاء بها | لنصرة الجار والقربي ذوي الرحــــــمِ | |
وإن هنا أحد أبدى تعاطُفــــــــــــــــــــه | تلقى له عندهم سيلاً من التُّهــــــــــــــمِ | |
دول الجوار بها حرس الحـــــــــدود له | الأمر بالمنع للشهم وللدعـــــــــــــــــــم | |
| *** | |
والناس تسأل أين المسلمــــــــون إذن | أين الدعاة ذوو الإقدام والهمـــــــــــــمِ | |
أين الجماعة ملء السمع والبصــــــــر | أين الأصول بإخلاص مع الفهــــــــــــمِ | |
ومنهم الأسد خلف الســـــــــور تنتظر | قد لُفِّقت لهمو إفكا من التُّهَـــــــــــــــــمِ | |
والأســـــــــدُ قالت لهم فلتخرجونا إذن | نحرر الأرض والأقصى مع الحــــــرم | |
والمسلمون كحبَّاتٍ بمسبحــــــــــــــــــةٍ | والخيط يلزم للتجميـــــــــــــع والضمِّ | |
لا تحقرن من المعــــــــروف ما وسعَت | به استطاعتُك بالبذل والدَّعـــــــــــــــــمِ | |
من الدعاء ومن وعي وتوعيـــــــــــةٍ | شارك بجهدك مِن قلم ومن درهــــــــمِ | |
ومن تقاربنـــــــــــــــــا صفّاً إلى صفٍّ | ومن مقاطــــــــــــــــــــعةٍ لتجنُّبِ الإثم | |
| *** | |
يا دعوةَ الحـــــــــــقِّ إن الحقَّ منتصرٌ | مهما تكبر بالطغيان ذو غشـــــــــــــــــمِ | |
يا ربّ فرِّجْ بنا ما حلَّ مِن كُــــــــــربٍ | واحفظ بلاداً لنا من ظالم مجـــــــــــرمِ | |
فرق جموع العدا من كل مغتصـــــــــب | وردَّه ربّنا بالخزي منهــــــــــــــــــــزم | |
وافضح نفاقا هنا في زي أنظمــــــــــة | أُسْدٌ علينا وللأعداء كالغنـــــــــــــــــــمِ | |
خذلان حكامنا إجرام حكامهــــــــــــــــــم | نشكو إليك وأنت خير منتقِـــــــــــــــــمِ | |
بك نستغيث لغزة هاشـــــــــــــــــمٍ تقفُ | للهول مقتحـــــــــــــــــــمٍ للموج ملتطمِ | |
وارحم شهيدا لهم واشف مريضهمـــو | وائذن لجرحٍ لهم بالعفو يلتئــــــــــــــــم | |
وانصرهمو ربنا واكتب لأمتنـــــــــــــا | فرحا بنصرهمو وبرفعة العلـــــــــــــمِ | |
هيئْ لنا ربنا من أمرنا رشــــــــــــــــــدا | حتى نحرر أرض الحل والحـــــــــــرم |