التاريخ : الأحد 14 سبتمبر 2025 . القسم : بيانات

رسالة القائم بأعمال المرشد العام إلى قمة الدول العربية والإسلامية بالدوحة


السادة قادة الدول العربية والإسلامية المجتمعين في قمة الدوحة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد


أود بداية أن أعرب عن خالص دعواتي بالتوفيق لكم في قمتكم هذه التي تنتظر منها الشعوب العربية والإسلامية موقفا واضحا يؤسس لمعادلة ردع ضد الغطرسة الإسرائيلية التي تسعى لفرض هيمنة عسكرية على المنطقة، بعد نحو عامين من الإبادة والتجويع في غزة، والاعتداء على لبنان وسوريا وإيران واليمن؛ دون أن تجد موقفا إقليميا موحدا. وإن تداعيكم إلى الدوحة يمثل استجابة مقدرة، ورسالة التضامن اللازمة في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

إن الاعتداء الإرهابي الذي قام به جيش الاحتلال على العاصمة القطرية(الدوحة)؛ هو اعتداء على كافة دول المنطقة، وتهديد يوضح المدى الذي يمكن أن تذهب له عدوانية هذا الاحتلال. وهو الأمر الذي يترك دول المنطقة كلها غير بعيدة عن هذا التهديد، المتمثل في عدو لا يقيم أي وزن لسيادة الدول، ولا لقانون دولي، ولا لأعراف دبلوماسية، ولا حتى لعلاقات مع وسطاء يلجأ إليهم لتحرير أسراه.

السادة قادة الدول العربية والإسلامية..

إن المنطقة باتت في حاجة ماسة إلى هيكل دفاع مشترك تتعاون فيه دولها على مواجهة التهديد العسكري الإسرائيلي. لقد انهارت أوهام التحالفات الأمنية مع الاحتلال، بعد أن تأكد أنه هو التهديد العسكري الأول لدول المنطقة، وأظهرت حكومة الاحتلال بوضوح- لايقبل الشك- أنها لا تكترث لاعتبارات دول المنطقة الأمنية، وأنها ستواصل سياسة فرض الأمر الواقع المستند إلى العدوانية العسكرية، من أجل مواصلة خطط حكومة نتنياهو في غزة، بما في ذلك تهجير أهلها، وضم الضفة الغربية، والهيمنة الأمنية على لبنان وجنوب سوريا ومحور فيلادلفيا، فضلا عن التهديد بتكرار العدوان العسكري على إيران.

إن هذه التهديدات لا يمكن ردعها بالتضامن السياسي والدبلوماسي بين دول المنطقة فحسب، ولكن بإجراءات حاسمة، تشمل ما يلي:

أولا: تطوير آليات دفاعية مشتركة على المستوى الإقليمي، لا تكون دول الاحتلال جزءا فيها، بل تستهدف مواجهة التهديد العسكري الذي تمثله.

ثانيا: بدء تحرك استراتيجي يستهدف استقلال دول المنطقة عن أي نفوذ دولي لا يخدم مصالحها، وتنويع بدائل التحالفات العسكرية، واعتبار أن الاستقلال العسكري الإقليمي من خلال برامج التصنيع  العسكري المشتركة- أولوية ملحة.

ثالثا: غلق المجال الجوي لدول المنطقة في مواجهة طيران الاحتلال، وفرض عزلة تامة عليه.

رابعا: معاقبة الاحتلال اقتصاديا، من خلال وقف كافة أشكال التعاملات التجارية معه، سواء الحكومية أو التي تتم عبر القطاع الخاص، واستخدام النفوذ الاقتصادي لدول المنطقة لتوسيع هذا الإجراء على المستوى الدولي.

خامسا: ملاحقة حكومة الاحتلال قانونيا على المستوى الدولي، والعمل على معاقبتها على جرائمها في غزة، وعلى الاعتداء على الدوحة.

سادسا: إغاثة أهل غزة، وفرض دخول المساعدات الأساسية والضرورية، وربط كافة إجراءات معاقبة حكومة الاحتلال بوقف حرب الإبادة التي تستهدف تهجير أهل غزة.

إن المنطقة ودولها في لحظة تاريخية حاسمة، وإن التضحيات الهائلة التي بذلها الشعب الفلسطيني يجب ألا تذهب سدى، ويجب ألا يكافأ الاحتلال على جرائمه. ولذلك؛ فإن الشعوب العربية والإسلامية تنتظر منكم موقفا يليق بجلال هذه التضحيات، وبحرمة هذه الدماء، وخطورة التهديدات القائمة، وإلا فإن الاحتلال يعتبر غياب هذا الموقف هو تفويض له باستمرار القتل والإبادة، ومواصلة العدوان الذي لم يعد بعيدا عن أي دولة في المنطقة.

وفقكم الله وسددكم إلى ما فيه خير البلاد والشعوب العربية والإسلامية

د. صلاح عبد الحق
القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
الأحد 22 ربيع الأول 1447هـ؛ الموافق 14 سبتمبر 2025م