نداء من المرشد العام للفصائل الفلسطينية من أجل الوحدة وحقن الدماء
بسم الله الرحمن الرحيم في هذا الظرف العصيب كلمة إلى الفصائل الفلسطينية عليكم بالحوار.والحوار وحده فوحدة الفصائل والدم الفلسطيني خط أحمر لا يجب المساس به أو الاقتراب منه إن القضيةَ الفلسطينية هي قضية المسلمين جميعًا، وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، فضلاً عن أن تكون قضية فصيلٍ من الفصائل الفلسطينية، ومن ثَمَّ لا يحق لأحد أن يتنازل عنها أو يُفرِّط في ثوابتها، ولا شك أن الحصارَ الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي ومن يسير في ركابهم بغيةَ إرغام الشعب الفلسطيني على التنازل عن أرضه ومقدساته والاعتراف بحقِّ الصهاينة في اغتصابها، والتخلي عن الدفاع عنها إنما هو جريمةٌ أخلاقيةٌ وإنسانية وجريمة بمقتضى القانون الدولي.
هذا الحصار الآثم يفضح نفاق الغرب كله- وعلى رأسه أمريكا- في دعوى رعايتهم للديمقراطية واحترامهم لحقوق الشعوب وحقوق الإنسان، فإذا جاءت الديمقراطية بمَن يهوون كانت سليمة، وإذا جاءت بمَن يخالفهم سعوا إلى إسقاطهم ولو بقتلِ الشعوب؛ لذا وجب على الأمة العربية والإسلامية وحكوماتها أن تتصدى لهذا الحصارِ وأن تتحداه وتكسره، وتساعد الشعب الفلسطيني على الحياة والمقاومة لاستعادةِ حقوقه المسلوبة، فهذا واجب يفرضه الدين والعروبة والأمن القومي.
إنَّ الحكوماتِ العربية والإسلامية بتقاعسها المزري عن القيام بهذا الواجبِ يدمغها بالتواطؤ مع العدو، والاصطفافِ معه ضد الفلسطينيين وضد قضية المسلمين الأولى، وحصار الشعب الفلسطيني المجني عليه بدلاً من حصارِ الصهاينة الجناة.
وإذا كانت السلطة في تصورنا مغرمًا وليست مغنمًا، وهي في ظل الاحتلال مغرم أثقل وعبء أكبر وتضحية بالغة، فلا يصح لمَن أخلص لقضيته وشعبه ووطنه أن يتصارع عليها، وعليه أن يرتضي اختيار الشعب وينزل عليه، وإذا جازت- فرضًا- المناورات والألاعيب السياسية في الظروف العادية، فهي لا تجوز قطعًا في ظروف يقدم فيها الشعب الفلسطيني ضريبة الدم والشهادة كل يوم.
ولذلك فينبغي اعتبار قضية وحدة الفصائل ووحدة الشعب الفلسطيني قضية مقدسة تعلو على كل القضايا، وأن تتقدم المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية والشخصية، ومن ثمَّ فإنَّ مسألةَ استعادة الحقوق وتحرير الأرض ينبغي أن تسموَ على مسألة استعادة المناصب، وينبغي أن يكونَ إفشال مخططات العدو هدف الجميع، وليس إفشال الحكومة الشرعية المنتخبة.
إنَّ الخلافَ في الرأي ينبغي أن يُحلَّ بالحوار الصادق وبمنتهى الشفافية والوضوح والمصارحة، فيجب توزيع الصلاحيات توزيعًا عادلاً بين مؤسستي الرئاسة والحكومة لتحقيق الصالح العام.
مع تقديرنا للأسرى جميعا يجب أن تنتهيَ محاولة الالتفاف على الشرعية بفرض وثيقةٍ طرحها بعض الأسرى للحوار، واعتبارها وثيقة وحيدة على الجميع أن ينصاع لها رغم تخليها عن بعضِ الثوابت، لن يخدم إلا العدو الصهيوني الذي درج على أن يأخذ كل شيء ولا يرد أي حق إلى أصحابه.
إن التهديدَ بإجراء استفتاءٍ على هذه الوثيقة وفي ظل حالة الحصار، وفي ظل العدوان الصهيوني المتواصل، وفي ظل الترويع الأمني الداخلي من شأنه أن يعمق الشرخ ويزكي نار الخلاف بين الفصائل الفلسطينية لا يعلم إلا الله مداه؛ لذلك فنحن ندعو إلى التعقل والتريث والاستمرار في الحوار دون فرض رؤية مسبقة.
فالدم الفلسطيني دم حرام لا يحل إراقة قطرة واحدة منه بيد فلسطينية، فضلاً عن إزهاقِ روح واحدة.
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)﴾ (النساء).
فيا إخوة الإسلام والعروبة والوطنية والجهاد، يا أمل هذه الأمة وشرفها، يا مَن اختاركم الله للدفاع عن مقدساته، ارتفعوا على أنفسكم، ارتفعوا على خلافاتكم وحدوا صفوفكم، أخلصوا قلوبكم، وجهوا سلاحكم لمَن اغتصب أرضكم ودياركم وفقكم الله وسدد خطاكم ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103).
محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين القاهرة في: 19 من جمادى الأولى 1427هـ الموافق 15 من يونيو 2006م