بيان من الإخوان بمناسبة مرور عام على صدور الأحكام العسكرية على مجموعة من قيادييهم
مر عام على صدور الأحكام العسكرية بحق مجموعة من أشرف الناس وأخلص الناس وأطهر الناس وأحرص الناس على مصلحة وطنهم ومجتمعهم وأمتهم.مجموعة من أساتذة الجامعات والعلماء ورجال الأعمال والمهنيين، بتهم مفتراة باطلة أو جرَّمها الحزب الحاكم لعجزه عن منافسة جماعة الإخوان في مجالات السياسة والخدمة العامة والفوز بحب الشعب وتأييده، الذي يمثل الشرعية الحقيقية.
ليس ذلك فحسب، بل إن النظام الحاكم لم يجرؤ- رغم ترسانة القوانين الجائرة لديه- أن يقدمهم إلى قاضيهم الطبيعي حسب نص الدستور، ولكنه يلجأ إلى القضاء العسكري، مستخدمًا قانون الطوارئ المفروض على رقاب الشعب منذ نحو ثلاثين عامًا، رغم انعدام أسباب بقائه؛ فلا الدولة في حالة حرب، ولا فيها حرب أهلية، ولا ينتشر في أرجائها وباءٌ عامٌّ، ولكنه باقٍ ليُطلق يدَ الحاكم في أن يظلم كيف يشاء، كما أن القضاء العسكري إنما هو جزءٌ من السلطة التنفيذية، ومن ثمَّ تصبح السلطة التنفيذية هي الخصم والحكم، كما أن قضاته ليس لهم أي استقلال أو حصانة ضد العزل.
كل هذا يدلُّ على فداحة الظلم الذي طال هؤلاء الناس وأزواجهم وأبناءهم وبناتهم، بل والمجتمع كافة، وإذا كان الظالم يظلم وينسى فالمظلوم يقظان لا ينسى، والله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ (إبراهيم: 42، 43)، وإمعانًا في الظلم فإن النظام يطلق سراح الجواسيس والقتلة وتجَّار المخدرات بمرور نصف مدة السجن، ويأبى أن يفعل ذلك مع هؤلاء المصلحين الشرفاء.
إن العدل أساس الملك، والدولة العادلة تبقى ولو كانت كافرةً، والدولة الظالمة تفنى ولو كانت مسلمةً.
هذه عبرة التاريخ، فهل من معتبر؟! ولعل الضعف والتخلُّف والتبعية والاضمحلال الذي نعاني منه هو ثمرة هذا الظلم، بل إن الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات التي طالت كل فئات الشعب وامتدت على كل مساحة في الوطن هي صيحة النذير للظالمين؛ أن كفُّوا عن ظلمكم وفسادكم واستبدادكم.
ورغم الظلم الشديد المستمر والواقع بنا كجماعة- بغية تشويه صورتنا وإقصائنا عن المجتمع- إلا أننا سنستمر بإذن الله على مبادئنا ونهجنا، هادفين إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وإقامة العدل بين الناس، وخدمة المجتمع، وإشاعة السلم والاستقرار الحقيقي والتقدم العلمي والحضاري؛ حتى تستعيد مصر مكانتَها بين شقيقاتها العربية وفي المنطقة وعلى مستوى العالم، مهما كلَّفنا ذلك من تضحيات.
وإليكم أيها الرجال الأعزاء القابعون خلف الأسوار.
إن تهمتكم شرف، وإن غيابكم- رغم المعاناة- صبرٌ وثباتٌ وإيمانٌ ورباطٌ، ونظرةُ الناس لكم تكريمٌ وإجلالٌ، وفوق ذلك كله تقديرُ الله تعالى لكم.
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).
إن قلوبنا معكم ودعاءنا لكم.
حفظكم الله بعينه التي لا تنام، وركنه الذي لا يُضام، وعجَّل الله لكم ولنا وللأمة بالفرج.
﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (هود: 123).
الإخوان المسلمون القاهرة في: 18 من ربيع الثاني 1430هـ/ الموافق 14 من أبريل 2009م