بيان من الإخوان المسلمين حول أحداث المقطم
الحُريَّة فريضة والكلمة أمانة تصدَّى الإخوان المسلمون للنظام السابق وتظاهروا في الشوارع والميادين لأسباب كثيرة؛ بعضها للاعتراض على قانون الطوارئ، والمحاكمات العسكرية، وتزوير الانتخابات، واستمرار مُدَد الرئاسة للرئيس المخلوع، والتمهيد للتوريث، وكذلك من أجل استقلال القضاء، وأسباب أخرى، وتحمَّلوا من أجل ذلك أذى كثيرًا من الضرب والاعتقال والتعذيب والمحاكمات العسكرية ومداهمة المنازل في منتصف الليل ومصادرة الأموال، ومع ذلك لم يستخدموا العنف ولا البذاءة ولا الخروج على الأخلاق.قامت الثورة وشارك الإخوان فيها بقوَّة، وقدَّموا التَّضحيات وحافظوا على سلميتها وأخلاقيتها، ودافعوا عنها دفاعًا مجيدًا شهد به الجميع وقتئذ.
اشترك الإخوان في عديد من المليونيات في ميدان التحرير، وكانوا يمثلون الأغلبية الغالبة من المتظاهرين، وكان معهم أعداد من أحزاب وتيارات أخرى، وكان بعضهم ينتقد الإخوان، بل يهتف ضدَّهم في هذه المظاهرات، ومع ذلك لم نتعرَّض لهم بأي سوء قوليّ أو فعلي، بل كنا نقول إن الميدان مِلْك لجميع المصريين، ومن حقِّ الجميع أن يُعبِّروا عن آرائهم ولو كانت معارضة لنا.
كان كل همنا إنجاح الثورة وتحقيق أهدافها، وعلى رأسها التحول الديمقراطي، فشاركنا في كل الاستفتاءات والانتخابات التي أعادت بناء المؤسسات الدستورية وإنجاز الدستور نفسه، حتى تستقر البلاد، احترامًا للسيادة والإرادة الشعبية واتباعًا لمبادئ الديمقراطية.
بعد الانتخابات الرئاسية ونجاح الدكتور محمد مرسي بدأت قوى عديدة في الداخل والخارج تسعى لإفشاله بمحاولة تعويق إصدار الدستور، وتعويق استكمال الانتخابات البرلمانية، والتظاهر في الشوارع والميادين واستخدام العنف ضدَّ مؤسسات الدولة في عديد من المحافظات، إضافة إلى القاهرة وحرق وتدمير ما يقرب من ثلاثين مقرًا من مقرات الإخوان المسلمين، وقتل بعضهم، والهتافات البذيئة والشتائم ضدَّ رموزهم، ومنعهم من الوجود في الميادين والشوارع التي يوجد أو يعتصم فيها أفراد هذه القوى؛ مهدرين مبادئ الحريات العامة والديمقراطية.
استنتجنا أن هناك من يريد ويخطط لإشعال حربٍ أهلية ويسعى لانهيار اقتصادي لتدمير الوطن، فقرَّرنا أن نُفوِّت عليهم فرصة تحقيق أهدافهم، وعندما قررنا أن نتظاهر في ميدان عابدين، وكانوا معتصمين في ميدان التحرير آثرنا أن نبتعد لنتظاهر في ميدان النهضة أمام الجامعة؛ حتى لا يحدث احتكاك وحتى لا تسيل دماء ولا تُزْهق أرواح.
في الوقت الذي كانوا يُخرِّبون ويحرقون مقرات الشرطة ويعتدون على ضُباطها وجنودها ويهاجمون دواوين المحافظات ومديريات الأمن، ويدمرون الفنادق، ويسعون لتخريب قصر الاتحادية كنا نقوم بالبناء والتعمير في كل أنحاء البلاد في مشروعات نافعة تحت عنوان "معًا نبني مصر.
" عندما تمَّ العدوان على حزب الوفد وقفنا ضد هذا العدوان وأدنَّاه بشدة، وطلبنا حماية مقرات جميع الأحزاب ومعاقبة المفسدين في الأرض.
للأسف الشديد كان هناك من يُشجِّع البلطجية ويحرضهم على مزيدٍ من التخريب ويمنحهم الغطاء السياسي ويقدمهم للناس على أنهم ثوار، في الوقت الذي كان من أسس الوطنية والإخلاص للشعب وإيثار المصلحة العامة أن تتضافر كل الجهود؛ لإيقاف العنف والذهاب إلى صناديق الانتخاب في إجراءات حضارية راقية تحترم الشعب وإرادته الحرة.
كل ذلك كان بهدف إسقاط مؤسسات الدولة وإقصاء الإخوان، غير مبالين بإرادة الشعب وبالديمقراطية وبحقوق الإنسان.
كانوا كلما اتخذت الرئاسة قرارًا يحقق مصلحة الشعب؛ رفعوا من وتيرة عنفهم، وكلما فشل لهم مخطط صعَّدوا في مخطط جديد.
وأخيرًا.
جاءوا إلى المقر الرئيسي للجماعة بالمقطم وهو مكان سكني هادئ يثيرون فيه الشَّغب، ويُصعِّدون من أعمالهم الخارجة إلى أن وصل بهم الأمر لإطلاق هتافات وشتائم بذيئة تناولت الجماعة ورموزها، بل أمهاتهم، وقاموا بكتابة هذه الشتائم على جدران المبنى واستفزوا الشباب الذين يحرسون المبنى، وكان هؤلاء المعتدون مسلحين بسكاكين وعصيّ وزجاجات مولوتوف، الأمور التي أدَّت إلى اشتباكات بينهم وبين من يحرسون المبنى، وهنا تجاهل الإعلام كل ما فعله هؤلاء المعتدون، وصوَّر الأمر على أنه عدوان من شباب الإخوان عليهم متغافلاً أنهم هم الذين صَعَدوا المقطم وذهبوا إلى مركزهم، وهم الذين أساءوا وسبوا وأهانوا واستَفَزُّوا، ثم بدءوا في الهجوم على المقر بالحجارة وقنابل المولوتوف والعدوان على الشرطة بالخرطوش، الأمر الذي أوقع عددًا من رجال الشرطة مصابين، ودفع الشرطة للتصدي لهم لمدة عدة ليالٍ، ورغم ذلك كله فإننا نتعهَّد بالتحقيق، وإذا وجدنا تجاوزًا من أي من حرَّاس المبنى فسوف نقوم بمحاسبته، ونطالب في الوقت نفسه الجهات القضائية بالتحقيق ومحاسبة الطرف المعتدي.
والآن يتنادون للذهاب يوم الجمعة بأعداد كبيرة لاستكمال العدوان، ونحن نؤكد أن حماية المنشآت العامة والخاصة هي مسئولية الشرطة بالدرجة الأولى، وإن كان من حقنا أن ندافع عن أنفسنا ومقراتنا وممتلكاتنا ولن نُفرط فيها.
وأخيرًا.
فإننا ندعو الجميع للكف عن العداوة والبغضاء والحوار البنَّاء، والتعاون على البر والخيرِ والتقوى، والحرص على الاستقرار والنهوض والتقدم، والسلام الاجتماعي والأمن الوطني؛ حتى نستطيع أن نحقق أهداف الثورة.
( ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ ) (الأعراف: 56( القاهرة في: الأربعاء 8 من جمادى الأولى 1434هـ، الموافق 20 من مارس 2013م.