بيان من الإخوان المسلمين تعليقا على بيان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي
درج الاتحاد الأوروبي على إصدار بيانات بين الحين والآخر يصف فيها حقيقة ما يجري في مصر، وبعد أن يبدي قلقه الشديد إزاء الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها السلطة الانقلابية في حق شعب مصر؛ يطالبها بالكف عن هذه الانتهاكات، وذلك حتى يوهم الشعوب الأوروبية بأنه منحاز إلى المبادئ الإنسانية وقواعد الديمقراطية، ويوهم الشعب المصري بتعاطفه مع حقوقه وحرياته، بيْد أنه يتخذ في نهاية بياناته موقفا عمليا يهدم كل ما قرره في معظم البيانات، وكأنه يقدم للشعوب كلاما مخدرا باللسان، ويعطي السلطة الانقلابية الدموية المغتصبة الدعم المادي ووسائل القمع والقتل والإرهاب، ويقدم لها أسباب البقاء.لقد قرر الاتحاد الأوروبي في بيانه الأخير قلقه إزاء أحداث العنف أثناء الاستفتاء المزعوم على الدستور، وفي الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، واستخدام القوة المفرطة والذخيرة الحية ضد المتظاهرين، كما أعرب عن قلقه مما سماها العدالة الانتقائية ضد المعارضين السياسيين، وحرمانهم من حقوقهم القانونية، ودعا إلى التحكم المدني الكامل لجميع أفرع الحكومة (أي حكومة مدنية)، ودعا إلى محاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي، وأخيرا أعرب عن قلقه تجاه حالة الاقتصاد المصري وتزايد الفقر.
وقد تغافل الاتحاد الأوروبي عن الحقيقة الكبرى التي ما يزال يدفن رأسه في الرمال حتى لا يراها ولا يقرَّ بها ولا يلتزم بنتائجها، ألا وهي أن انقلابا عسكريا دمويا قد وقع في مصر تسبب في كل هذه المصائب، وهو انقلاب باطل بكل المقاييس الإنسانية والدستورية والقانونية والديمقراطية، اختطف الرئيس الشرعي المدني المنتخب، وعطل الدستور المستفتى عليه والبرلمان المنتخب بحرية ونزاهة، وأهدر إرادة الشعب في خمسة انتخابات واستفتاءات نزيهة، وقتل حوالي سبعة آلاف، وأصاب أكثر من سبعة عشر ألفا، واعتقل ما يزيد على واحد وعشرين ألفا من المصريين والمصريات، في جرائم من أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ.
وإذا كان هناك من يدعي بأن قسما من الجماهير لم تكن راضية عن أداء الرئيس المنتخب، فميراث الفساد والتخلف في البلاد كان ضخما، والتقدم كان يسير إلى الأمام رغم كل محاولات الإفشال، والرئيس المنتخب لم يستمر في الحكم إلا سنة واحدة، ولو قارنا هذا مثلا بالموقف من الرئيس الفرنسي أولاند الذي تدنت شعبيته إلى 19% في 6/2/2014 بعد سنتين من توليه الحكم، ولم يطالب أحد بعزله، ولا تدخل الجيش الفرنسي لفرض ذلك، لرأينا صورة صارخة لازدواجية المعايير، إذ أن وسيلة التغيير في الديمقراطيات هي الانتخابات وليست الانقلابات العسكرية.
وبدلا من أن يقف الاتحاد الأوروبي الموقف العادل ويقول كلمة الحق، ويدمغ ما حصل في مصر بأنه انقلاب عسكري، ويلتزم بما يوجبه ذلك إنسانيا ودستوريا وقانونيا، إذا به – للأسف الشديد - يختم بيانه بأن مصر لا تزال شريكا مهما لأوروبا، وأن دعم الاتحاد الأوروبي مستمر، وكنا نتمنى أن يكون هذا الدعم مستمرا للشعب المصري، لا لسلطة الانقلاب العسكري الفاقد للشرعية.
إن الشعب المصري لن تخدعه الكلمات المعسولة في صدر البيان، لأنه يعلم أن الاتحاد الأوروبي لو وقف الموقف الصحيح بعدم دعم الانقلاب العسكري لسقط على الفور، وسيظل الشعب المصري يصب غضبه وكراهيته على أولئك الساسة الذين لا يأبهون لأنهار الدماء التي تسيل منه، ولا يريدون لشمس الحرية والديمقراطية أن تشرق عليه ويدعمون قاتليه وسجانيه وناهبي ثرواته.
والله أكبر ولله الحمد، وعاشت مصر حرة مستقرة.
الإخوان المسلمون في الثلاثاء 11 ربيع الثاني, 1435 هـ الموافق 11فبراير2014