رسالة الأسبوع.. فلسطين هي القضية
تمر هذه الأيام -على أمتنا وعلى فلسطين الحبيبة- الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة... ذكرى المأساة الإنسانية المتعلقة بقتل وتشريد الشعب الفلسطيني واحتلال أراضيه عام 1948م، على أيدي عصابات الحركة الصهيونية؛ ذكرى تُجدد الآلام والأحزان بسبب احتلال جزء عزيز من جسد أمتنا الإسلامية، وتُذكر بالمجازر الصهيونية المتوحشة، والتطهير العرقي لمئات الألوف من الفلسطينيين، وهدم مئات القرى والمدن، ومحو هويتها العربية والإسلامية.
تأتي الذكرى مع استمرار تجدد العدوان الإسرائيلي الظلوم على شعبنا الفلسطيني الصابر الصامد، الذي يدافع عن أرضه ودينه وعرضه في حلقات متواصلة من الصراع لم تهدأ منذ النكبة حتى اليوم.
إن شعبنا الفلسطيني المناضل هو خط الدفاع الأول لأمتنا عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، الذي يقف دون محاولات الهدم والتهويد والتدنيس. هذا الشعب الأبيّ كان -وما يزال- مضرب المثل في الرباط والتضحية والفداء، بما قدمه ومازال يقدمه؛ على الرغم من اشتداد الحصار عليه من كل جانب، وعلى الرغم من قلة العدة والعتاد، وخذلان الأقربين، في مواجهة عدو غاشم ظلوم.
إن جماعة "الإخوان المسلمون" تعتبر فلسطين، قضية كل المسلمين العادلة، قضية العالم الإسلامي بأسره، وليست قضية الشعب الفلسطيني وحده؛ وأن الدفاع عن الأرض والمقدسات واجب على الأمة كلها دولاً وشعوباً وحكومات، ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء: 92]. وإن اعترى الضعف أمتنا حينا من الدهر، أو كبلتها قيود وحدود، فلا يعنى ذلك أن الواجب قد سقط، ولكنها العقبات تحول دون تحقيقه.
ومن هنا ندرك أن الذي زرع هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب في جسد أمتنا- ومنذ صدور وعد بلفور بتأسيسيه عام1917- عملَ بكل جهد على مدار قرن مضى على عزل فلسطين عن امتدادها العربي والإسلامي، ووضع الحدود والقيود، وغرس الأسوار بين أبناء الأمة الواحدة، وحال دون الوحدة والنصرة، واستعمل في سبيل ذلك أنظمة تابعة، عزلت شعوبها عن ركب القوة والتقدم، وقهرتها بالحديد والنار.
وشعوب أمتنا الإسلامية -رغم ذلك كله، ورغم اختلاف اللون والعرق واللسان، ورغم معاناتها الداخلية لقضاياها المحلية، ورغم احتلال أجزاء أخرى منها هنا وهناك والاضطهاد العرقي والديني.. إلخ - مازالت تحفظ لفلسطين مكانتها الدينية، وتعتبر فلسطين قضيتها الأولى؛ ففيها مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وموضع معراجه، ومصلى الأنبياء (عليهم صلوات الله وسلامه)، والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
ولطالما أظهرت أمتنا في غير موضع كيف تهبّ دفاعاً عن رموزها ومقدساتها. من هنا تدعو جماعة "الإخوان المسلمون" أن تكون ذكرى النكبة موسماً لتجديد الدعم للشعب الفلسطيني البطل، والتعريف بقضية فلسطين في العالم الإسلامي، وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني أمام شعوب العالم، وفي كل المحافل الدولية. كما تدعو أن تكون الذكرى موعداً لتجديد الأمل بقرب زوال الاحتلال، وتحقيق حلم العودة لكل فلسطيني لاجئ، وقرب تحقيق وعد الله بتحرير المسجد الأقصى وكل فلسطين. ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء: 104].
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: 4-5].
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة “الإخوان المسلمون”
الجمعة 29 شوال 1444 هـ؛ الموافق 19 مايو 2023 م