بيان مفتوح إلى القمة العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال:74].
حضرات الرؤساء والملوك والأمراء العرب
السلام عليكم ورحمة الله
نكتب إليكم وأنتم تستعدون لعقد قمتكم المرتقبة في أرض الحرمين؛ في حين يتعرض إخوانكم في الحرم الثالث لحرب إبادة على مرأى ومسمع من العالم وبدعم حلف غربي يستدعى صورة أحلاف الحروب الصليبية. نكنب إليكم وأنتم وجميع شعوبكم تتابعون الدمار الشامل لغزة: بيوتها ، ومخيماتها، ومستشفياتها، ومدارسها، ومساجدها، وكنائسها. مع قتل لنسائها وأطفالها، ودكها بأطنان من القنابل كل يوم، من أجل إجبار سكانها على النزوح، والقضاء على المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
نكتب إليكم وواجب النصرة يناديكم كأولى أمر، وشعوبكم تتحرق شوقا لدعم إخوانهم في فلسطين، في وقت يجدون فيه الصعوبات التي تحول دون ذلك. وواجب النصرة معقود على الحكام قبل الشعوب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل امرأ مسلما عند موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته. وما من امرئ ينصر امرأ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".
حضرات الملوك والرؤساء والأمراء..
إننا نؤكد أن الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني على غزة لا تستهدف- فقط- غزة، ولا تصفية القضية الفلسطينية؛ بل تستهدف "الأمن القومي العربي"، وتغيير جغرافيا المنطقة كلها ، وقد توعد رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أنهم سيغيرون ملامح الشرق الأوسط؛ في تهديد واضح لكم ولشعوبكم. فالحشد العسكري المتربص بسواحلنا يكشف عن الصراع التاريخي بين قوى الغرب وعالمنا العربي، ذلكم الغرب الذي زرع الكيان الصهيوني في قلب أمتنا ، وجعل أمنه وقوته مقدمة على أمن وقوة الجيوش العربية مجتمعة.
كما نؤكد أن ما قامت به المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر في عملية "طوفان الأقصى" هو دفاع مشروع عن وطن محتل، ضد إرهاب كيان صهيوني، ومسيرته الاستيطانية، والقتل والأسر. فالمقاومة جزء من مسيرة تحرر وطني، تسعى إلى وطن فلسطيني حر ومستقل عاصمته القدس الشريف.
ونحن نطالب بإصدار موقف عربي موحد باعتبار المقاومة الشعبية الفلسطينية، حركات تحرر وطني تكافح على أرضها، ككل حركات التحرر العالمية ولا يمكن وصفها بالإرهاب.
حضرات الملوك والرؤساء والأمراء
إننا إذ نحيي هبة شعوبنا والشعوب الحرة في العالم الذين انتفضوا لنصرة الأشقاء، وإذ نحيي الدول التي سارعت بسحب سفرائها من الكيان الصهيوني، فإننا ندعوكم لاتخاذ قرار ات جماعية بقطع العلاقات تماما مع العدو الصهيوني، وبوقف مسار التطبيع تماما، وبإحكام الحصار السياسي على العدو؛ حتى يرتدع عن عدوانه، ويعيد الحقوق إلى أصحابها.
إننا نتطلع إلى قرارات جريئة تدفع الظلم ، وتردع العدوان. فنطلب أول ما نطلب: الإشادة بكفاح الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، ومباركة حركات المقاومة باعتبارها حركات تحرر وطنى تكافح ضد عدو محتل، يغتصب الأرض ويعاند قرارات الشرعية الدولية. كما نطالب بدعم المقاومة بشتى صور الدعم، واتخاذ قرارات من شأنها إنهاء الكارثة الإنسانية التي حلت على أهل غزة. وذلك بالعمل على وقف القتال، وفك الحصار، وفتح المعابر بشكل دائم، وتقديم المساعدات العاجلة الضرورية.
كما ندعو المشاركين في قمتكم لرفض التدخل الأمريكي وفرض الوصاية على الشأن الفلسطيني. فالدول العربية والإسلامية تملك أوراقا وأدوات تمكنها من التصدي للضغوط الأمريكية.
كما نطالب بإعادة تشكيل وتفعيل مكتب المقاطعة العربية، وتحذير الشركات والأفراد الذين يتعاملون مع الكيان، وتأسيس صندوق غزة، مع تحديد نسب لمساهمة كل دولة، بهدف إعمار القطاع ومساعدة أهله، وإصدار قرار من الجامعة العربية بمقاضاة الكيان الصهيوني أمام محكمة الجنايات الدولية على جرائم الإبادة الجماعية، ومحاكمة نتنياهو كمجرم حرب.
السادة الملوك والرؤساء والأمراء .. نخاطبكم وكلنا أمل أن تكونوا عند حسن ظن شعوبكم، فلا تخذلوها وتتجاهلوا مطالبها، وهذه فرصتكم لتسجيل صفحة بيضاء في سجل التاريخ، يذكرها لكم الأولون والآخرون.
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [40:الحج].
أسامة سليمان
المتحدث الرسمي باسم جماعة “الإخوان المسلمون”
الجمعة 26 ربيع الثاني 1445هـ · 10 نوفمبر 2023 م