في ذكرى النكبة.. نذكر جهاد الشعب الفلسطيني بالعزة والفخار
تمر اليوم؛ الخامس عشر من مايو-أيار الذكرى السادسة والسبعين للنكبة.. نكبة أمتنا العربية والإسلامية في بقعة هي من أغلى بقاع الأرض وأشرفها مكانة: إنها فلسطين؛ مهد الرسالات، ومصلى الأنبياء، ومعراج الرسول الأعظم إلى السماء، وقبلة المسلمين الأولى. فليس غريباً أن ندعي أن النكبة لم تكن فلسطينية، وقد أصابت جرائم المحتلين سويداء القلب من أمتنا، وكان الكيان الغاصب دوما السبب الرئيسي في إضعافها.
نذكر اليوم المأساة الإنسانية التي خلفتها جرائم عصابات الحركة الصهيونية في فلسطين على مدار سنوات قبل عام 1948 من القتل والتهجير والتطهير العرقي واغتصاب الأرض والعرض. حيث تحول أكثر من 750 ألف فلسطيني إلى لاجئين، وارتكبت عشرات المجازر وأعمال النهب، وهدمت أكثر من 500 قرية، ودمرت المدن الفلسطينية، ومحيت هويتها.
وبالرغم من أن العدو الإسرائيلي ما زال -بعد ثمانية عقود- مستمراً في عدوانه بدعم من القوى الغربية. فإنه ثمة متغيرات هامة في المشهد الفلسطيني بين الأمس واليوم، أهمها أن عملية طوفان الأقصى المظفرة في السابع من أكتوبر قد بددت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأنهت ما يسمى باستراتيجية الردع، وأن الشعب الفلسطيني وعي درس التهجير، وأصبح أكثر تمسكاً بأرضه، والتفافاً حول قضيته ومقاومته الباسلة، وأن الرأي العام العالمي قد تحول إيجابياً تجاه القضية الفلسطينية.
غير أن الذي لم يتغير في المشهد بين الماضي والحاضر، هو عزل الشعوب الإسلامية وجيوش العالم الإسلامي عن الوقوف إلى جانب فلسطين في مواجهة الاحتلال!! رغم ما بيننا من أواصر الدين واللغة والأرض والمصير. ورغم عدالة القضية من منظور القانون الدولي والحق الإنساني!! وقد وقفت جماعة "الإخوان المسلمون" في مصر والأردن والعراق وسوريا وغيرها من الدول إلى جانب الحق الفلسطيني، وحاربت العصابات الصهيونية، وسطرت تاريخا ساطعا مشهودا في هذا الباب، حتى حيل بينها وبين الجهاد على أرض فلسطين.
ومن هنا تؤكد جماعة الإخوان المسلمون على أهمية الوحدة الإسلامية، وعلى مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية، وأن الحدود لا تفصم روابط وعرى أودعها الله بين شعوبها. ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء: 92]. وتؤكد الجماعة أن القضية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولا العرب فحسب. وأن واجب الجهاد من أجل تحرير المسجد الأقصى معقود على أمة الإسلام، لا تسقطه حدود، ولا تحول دونه عقبات، وما زالت صور الجهاد السياسي والإعلامي والقانوني والمالي ممكنة.
ونخاطب أهلنا في فلسطين، مع رحى معركة طوفان الأقصى، أن سدد الله رميكم، وخذل عدوكم، وخذل من خذلكم. إننا ننظر بعين الإكبار لأولئك الذين ضحوا من أجل فلسطين، وإلى الدماء الذكية أريقت في سبيل الله، والأرواح الطاهرة ارتقت دفاعاً عن أرضها وعرضها ومقدساتها. وتحية لفتية أذلوا العدو أيما إذلال، وكسبوا قلوب أحرار العالم، وأذاقوا العدو طعم النكبة والخوف والموت والشتات. وأذاقوا المسلمين طعم العزة والفخار. فإلى هؤلاء نقول: أبشروا فإن الله منجز وعده لعباده المؤمنين، وناصر جنده.
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ، وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55]
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة “الإخوان المسلمون”
الأربعاء 7 ذو القعدة 1445هـ هـ؛ الموافق 15 مايو 2024 م