تأكد فشل الانقلاب العسكري في إدارة البلاد والتغيير هو الحل
في الثالث من يوليو من كل عام نتذكر الانقلاب العسكري على الإرادة الشعبية عام 2013. ذلك الانقلاب الذي أطاح بأول تجربة ديمقراطية حرة في مصر، وأساء إلى وجه مصر المشرق بعد عامين ونصف من ثورة يناير الملهمة. نتذكره بعد أحد عشر عاماً من الفشل في إدارة الدولة، وفي تحقيق آمال الشعب، وقد استنفد النظام كل فرص البقاء.
فلم يكن الانقلاب سوى حلقة من حلقات الصراع على السلطة؛ والذي بدأ مع أول يوم من أيام الثورة، يوم استرد الشعب حريته وسيادته، وسعى لتأسيس دولته المدنية على قيم يناير، في مواجهة محاولات فرض الوصاية على الشعب بمبادئ فوق دستورية، مرورا بحل البرلمان، وإثارة المشكلات، ووضع العراقيل وصنع الأزمات لأول تجربة حكم مدني.
“ولم يكن مشهد ليلة الثلاثين من يونيو 2013 سوى لقطة عابرة، مهدت لها دعاية سوداء، لتصنع الذريعة للانقلاب على إرادة الشعب الحقيقية. وإزاحة الحاكم المدني المنتخب ديمقراطياً، بغض النظر عن انتمائه السياسي. وقد أظهر الانقلاب عداءه الكامل لكل ما يتعلق بقيم العيش والحرية والكرامة الإنسانية، التي بثتها روح يناير في نفوس المصريين. فكان جناية على مصر وشعبها، أكثر مما هو جناية على شخص الرئيس المنتخب ووزرائه وداعميه، وهذه هي الحقيقة المجردة”.
وقد تأكد فشل حكم الفرد على مدار أحد عشر عاماً في تحقيق وعوده للشعب، بل تراجع عنها وأنكرها جميعاً. حيث فرط في سيادة مصر على أراضيها، وموانئها، وغازها ومائها. وعلى يده تم سحق المواطنين بالغلاء والمرض والبطالة، واتسعت رقعة الفقر. وعلى يده تم إضعاف القطاع الخاص، وتخريب القطاع العام بوقف الإنتاج وتعطيل المصانع والشركات لبيعها بأبخس الأثمان.
وعلى يده تضاعفت ديون مصر، بما يرهن مستقبل أجيال قادمة لسدادها. كما زاد الانحلال الخلقي والتفسخ الاجتماعي جراء الحرب على الهوية والدين، وانتشرت ظواهر الانتحار والطلاق والهجرة والجريمة المنظمة. ولن ترى مصر الخير على يد نظام استنفد كل الفرص، واستوفى شروط الرحيل بعد أن أصبح عبئاً على الدولة وجيشها وشعبها.
ومن هنا؛ تؤكد جماعة "الإخوان المسلمون" على عدة أمور بشأن أطراف المشهد المصري؛ الشعب والجيش والقوى الوطنية:
أولاً: أن الجيش هو درع الوطن أمام الأعداء الخارجيين. وأن الحكم المدني، والتداول السلمي للسلطة، والمنافسة عليها وفق الدستور والقانون، والاختيار الشعبي الحر هي ضمانات الدولة المدنية المستقرة. وأن العصا الأمنية، والقوة العسكرية ليستا من أدوات السياسة وتداول السلطة.
ثانياً: أن للمواطن المصري على الدولة حقوقا دستورية وشرعية في توفير الأمن والعيش والحرية والصحة والتعليم؛ لا يجوز التقاعس عن أدائها، في إطار العدالة في توزيع الموارد السياسية والاقتصادية للبلاد.
ثالثاً: أن جماعة "الإخوان المسلمون" من نسيج الشعب المصري، موجودة في كل قطاعاته وفئاته، تتبنى همومه وتسعى في حاجته، ولها تاريخ من العطاء المجتمعي، ولها تضحيات عظيمة من أجل الدفاع عن الشعب وإرادته وحريته. وستواصل هذا مع كل الحريصين على مصر والمصريين دون التفات لإجراءات القمع والإقصاء.
رابعاً: أن كافة القوى السياسية وقوى المجتمع وفئاته المختلفة معنيون بالعمل على إنقاذ مصر في إطار من التلاحم الوطني. وتحت شعار "مصر لكل المصريين" دون إقصاء أو تمييز. مع تأكيد الجماعة مجددا أنها لن تخوض صراعا على السلطة.
“ أصبح التغيير اليوم واجبًا أكثر من أي وقت مضى، وأول مطالب التغيير فتح المجال السياسي العام، وإجراء انتخابات حرة على كافة المواقع التنفيذية والتشريعية بكل مستوياتها، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات”.
حفظ الله مصر وشعبها، وأعاد إليها مجدها وعزها.
م. أسامة سليمان
المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمون
الأربعاء 27 ذي الحجة 1445هـ؛ الموافق 3 يوليو 2024م