الموقع الرسمي للإخوان المسلمون

رسالة الإخوان

رسالة فضيلة القائم بأعمال فضيلة المرشد العام

التجويع في غزة.. وانحطاط الحضارة

التجويع في غزة.. وانحطاط الحضارة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

هل خلا العالم من قوة توقف (الكيان الصهيوني) ورئيس وزرائه (مجرم الحرب المطلوب للعدالة الدولية) عن جرائمه التي يشاهدها العالم كله على مدار الساعة -ولمدة عشرين شهرا- في حق الفلسطينيين المدنيين الأبرياء أصحاب الحق وأبناء الأرض لآلاف السنين؟ 

كل أنواع الجرائم البشعة ارتكبها هذا (الكيان المجنون) في حق البشر والحجر والشجر (٥٣ ألف) قتيل جلهم نساء وأطفال، ٢٠٠ ألف جريح ومعاق. ٩٠٪ من المساكن والمدارس والجامعات والمستشفيات هدمت، فضلا عن هدم المساجد والكنائس، وقصف خيام النازحين، وحرق البشر وهم أحياء، وقتل ٢٩٠ من الكوادر الطبية، و٢١٥ من الصحفيين. كما دمرت الأفران، ومحطات المياه والكهرباء، وجرفت الأرض، وأحرق الزرع وأشجار الزيتون.

إن الوحوش الضارية تقتل لتأكل، فإذا شبعت توقفت عند القتل، أما هذا العدو الغاشم فإنه لا يكف عن القتل. ولم يكفه القتل بالقصف والحرق، بل لجأ إلى (سلاح التجويع) ليحصد الأرواح، ويوهن العزائم فى جريمة (تطهير عرقي) من أبشع الجرائم، لا تتفتق إلا من كيان مشبع بالإجرام وكراهية البشر. 

ونتساءل: هل يقف العالم - بملياراته السبع – وبأسلحته وإمكاناته السياسية والقانونية عاجزا عن ردع هذا الكيان المجرم، وإيصال المساعدات عنوة للمحرومين من الأطفال والنساء والعجائز؟ ألا يسمع العالم(الحر) صراخ أطفال غزة وهم يتزاحمون بأوعيتهم الفارغة على تكايا الطعام، ثم يعودون محرومين جائعين مقهورين إلى خيام النزوح الممزقة؟

هل عجزت (دول أوربا وأمريكا التي تزعم التقدم والحضارة) عن ردع هذا (الكيان المارق)؛ أم أنها اصطفت معه، وأمدته بأحدث طائراتها وقنابل الألفي رطل -حتى دمرت كل مظاهر الحياة – من أجل دفع الفلسطينيين (للهجرة القسرية)؟ هل هذه حضارة التقدم أم أنها (حضارة الموت والفناء)...؟!!

وهل عجز أكثر من 400 مليون عربي - بثرواتهم- أن يضغطوا على (العالم اللاهي)، لإيصال الطعام الى الجوعى المحاصرين من القطاع المنكوب ولو بمساومة (النفط مقابل الغذاء) كما فعل الأمريكان مع أهلنا فى العراق؟؟

وهل عجز 2 مليار مسلم في أنحاء الأرض عن إظهار الغضب ليل نهار، وأن يُوقفوا العالم على قدميه حتى يصل الطعام إلى الجوعى في القطاع المنكوب؟؟

وهل عجزت دول الطوق (مصر والأردن على الأقل) أن تفتح الحدود وقد تكدست وراءها ألوف الشاحنات محملة بالطعام والدواء، وقد أهدر الكيان الصهيوني كل المعاهدات واتفاقات الحدود؛ بل احتل معبر رفح ومحور فيلاديلفيا.. غير عابئ بحكام وجيوش وشعوب المنطقة؟!

ألا يشعر كل ضابط وجندي في جيوش العرب والمسلمين بالخزي والعار! والأسلحة مكدسة فى المخازن حتى صدأت، وبإمكانهم ردع العدوان ووقف الظالمين عند حدودهم؟؟

ألا يخشى العالم أن ينزل على الأرض غضب الرب سبحانه وتعالى: بالبراكين المحرقة أو الزلازل المهلكة أو الأوبئة المبيدة.. أو يبتليهم بالقحط والمجاعات.. أو بالحروب والكوارث والدمار؟؟؟!!

 إن الصهاينة يحاولون الآن جر العالم كله إلى (حرب عالمية ثالثة)؛ لو قامت - لا قدر الله - لكان فيها فناء البشرية بأسرها.  فهل يستجيب مليارات البشر لكيدهم؟؟. ولا عجب، فهم (قتلة الأنبياء) ومشعلو نيران الحرب على مدار التاريخ ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: 64]. وهذا ديدنهم وتلك حضارة تدعمهم.

في ديننا الحنيف أن قتل نفس واحدة -بغير حق- كقتل الناس جميعا ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة:32].

 وفي زمن الحروب كانت تعاليم النبي الكريم: (لا تقتلوا طفلاً، ولا امرأة ولا شيخا كبيرا ولا تهلكوا حرثاً ولا نسلا). وأمرنا بحفظ النفوس وإن كانت لحيوان، (دخَلَتِ امرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ، ربَطَتْها، فلَمْ تُطْعِمْها، ولَـمْ تَسْقِها، ولَـمْ تُرْسِلْها فتَأْكُلَ مِن خَشَاشِ الأَرْضِ).

أما أنتم - أيها الأبرياء الأطهار المدافعون عن أرضهم ومقدساتهم فلن تذهب دماؤكم هدرًا... ولن تضيع تضحياتكم سدى، وقد ضربتم للعالم كله أروع الأمثلة في الصمود والصبر والتحمل، والنزاهة والبراءة، بل الرحمة حتى بالأعداء إذا وقعوا أسرى لديكم، وأصبحتم نبراسا للإنسانية المعذبة، حين تبحث عن أمثلة للطهر والنقاء، والإيمان الواثق، والصلة الصحيحة والعميقة برب الأرض والسماء. (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) أخرجه الطبراني.

وبقي الآن دور ملياري مسلم في أنحاء الأرض، وقد ثار في قلب كل واحد منهم ثأرٌ لن تنطفئ ناره حتى ينتقم من هذا (الكيان المجرم)، ويُزال من على وجه الأرض، ويعودون مشتتين كما كانوا، عقابا لهم على إجرامهم في حق الله أولا، ثم في حق البشر والشعوب ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الأعراف: 167].

فلابد من نبذ هذا (الكيان المجرم) ومقاطعة كل داعميه - دولاً أو شركات ومنظمات.. ولا بد من الاستعداد ليوم (التحرير الكامل) والتطهير لهذه (الأرض المقدسة) و(المسجد الأقصى) ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ [الإسراء:104].  وقال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7]. 

ومن الآن؛ أصبح من الواجب نبذ الكيان المشؤوم عربياً وإسلاميًّا-فلا تطبيع ولا معاهدات استسلام- بل عالميا كذلك، بعد أن فضح هذا العدو الغاشم والكيان الغاصب نفسه، وكشف عن حقده للبشرية، وسعيه للدمار، والقتل والإفساد. 

وسوف يبعث الله عليهم من ينتقم منهم في المرة الثانية ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7].   

والله أكبر ولله الحمد

 

الدكتور صلاح عبد الحق

القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين

الأحد 20 ذو القعدة 1446هـ؛ الموافق 18 مايو 2025م