

الإخوان المسلمون: ندعو إلى نفير عام وعمل عاجل لإنقاذ غزة
في لحظة تاريخية تُسفك فيها دماء الإنسانية على أرض غزة الصامدة، ويُحاصر أكثر من مليوني إنسان حصار الجوع والقتل والإبادة، يقف الكيان الصهيوني عاريًا، مكشوفًا بجرائمه أمام العالم كله، متحديًا كل القوانين الدولية والقيم الإنسانية.
إن ما يجري اليوم في غزة ليس مجرد مأساة إنسانية طارئة، بل هو امتدادٌ لهجمة استعمارية ممنهجة يقودها الكيان الصهيوني المدعوم من قوى الاستكبار العالمي، هدفها النهائي تصفية القضية الفلسطينية، وإبادة شعبها أو تهجيره، وفرض هيمنة الاحتلال على القدس وأكنافها، وتحويل حجارة فلسطين إلى منصة لإشعال الحروب في المنطقة بأسرها. وما العدوان المتواصل على لبنان واليمن وإيران وسوريا، إلا البرهان القاطع على أن مشروع هذا الكيان لا يعرف حدوداً، ولا يتوقف عند جغرافيا، حتى يشعل نيران الفتنة والفوضى في كل أرجاء المنطقة، ويقتل روح المقاومة فيها.
يا أبناء أمتنا الإسلامية
إن الفقه الإسلامي نصّ نصاً قاطعاً بأن الجهاد يصبح فرضَ عين عند اعتداء العدو على أرض المسلمين؛ فلا يجوز لقادر التخلف، ولا يسقط الواجب عن أحد حتى يُدحر العدوان وتُرفع المظلمة. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]. وهذا التكليف لم يتوقف عند أبناء غزة فحسب، بل امتدَّ شرعًا إلى جيرانهم الأقربين من دول الطوق، ثم إلى سائر الأمة فردًا فردًا، حاكمًا ومحكومًا، كلٌ بحسب قدرته ووسعه وموضعه في صناعة القرار، حتى يتم دفع العدوان.
ونؤكد هنا أن الجهاد ليس شعورا عاطفيا أو شعارًا يُردد في المجالس والمنابر، بل هو عملٌ واجبٌ يبدأ بنية خالصة لله، ويترجم إلى استعداد وعمل، وبذل، ونصرة بالمال والكلمة والفعل، كلٌ بحسب قدرته. ومن حِيل بينه وبين الجهاد فعذره القاهر مسطورٌ في ميزانه، شريطة أن تصحب نفسه نية الجهاد في كل حين، وأن يحرض من حوله، وألا يرضى بالذل والقعود والاستسلام للواقع الآسن. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: 159].
إلى قادة دول الطوق:
إننا نؤكد على أن هذا التمادي الصهيوني ما كان ليحدث لولا هذا الخذلان المشين والغلق المحكم للمعابر والحدود، ذلك أن الشرع والضمير الإنساني يجعلكم أوّل المخاطبين بنصرة المستضعفين وإغاثة الشعوب المقهورة، وأنتم اليوم تتحملون الوزر الأعظم في هذا الخذلان، ولا تبرئكم الاجتماعات الشكلية ولا بيانات الشجب العقيمة والصور البروتوكولية، فأنتم المسؤولون شرعًا وقانونًا أمام الله وأمام شعوبكم وأمام التاريخ، وأنتم المعنيون أولاً بإغاثة أهل غزة وكسر الحصار الظالم المفروض عليهم.
إن استمرار إغلاق المعابر، وحرمان قوافل الإغاثة والدواء والغذاء من الوصول لأهل غزة، ليس خذلانا فحسب، بل هو اشتراكٌ في الجريمة، مهما حاول المتواطئون تزيينه بالذرائع الواهية. نطالبكم اليوم، دون مواربة أو مداراة، بفتح المعابر فورًا، ورفع كل الحواجز أمام تدفق المساعدات الإنسانية، بل ونصرة أهلنا في غزة بكل وسائل الدعم الممكنة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا. وإلا فأنتم شركاء العدو، وإن الله لن يتقبل منكم صرفًا ولا عدلا حتى ترفعوا الظلم وتدفعوا العدوان.
وختامًا، فإن الإخوان المسلمون تدعو إلى نفير عام وعمل عاجل لإنقاذ غزة. إن الواجب في أعناقنا جميعًا الآن ألا نترك أهل غزة يواجهون آلة التجويع والموت وحدهم. فليتحرك الرأي العام، ولنكسر الأصنام السياسية التي تحول بينا وبين أداء واجبنا الأخلاقي والديني والإنساني.
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40]
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21]
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال جماعة الإخوان المسلمون
الأحد 20 يوليو 2025م