

في ذكرى الحريق.. المسجد الأقصى عنوان هويتنا.. ودعم خيار المقاومة واجب
الحمد لله الذي أسرى بعبده محمد ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فشرفه بإسراء النبي، وجمع له الأنبياء والمرسلين فصلى بهم إمامًا، ليعلن للعالمين إمامته وقيادته من هذه الأرض المباركة.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أيها المسلمون.. تمر اليوم على الأمة ذكرى أليمة، يوم أقدمت يد الغدر الصهيونية على إحراق المسجد الأقصى المبارك، ذي المكانة العظمى في نفوس المسلمين، فالتهمت النيران منبر صلاح الدين وجزءًا من قبلة المسجد، قبلة المسلمين الأولى. تمر الذكرى وقد أشعل العدو النار في كل فلسطين، بل أشعلها في أفئدة كل المؤمنين في أنحاء العالم الإسلامي، بحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضد قطاع غزة.
نتذكر هذا الحدث الأثيم لنؤكد مكانة المسجد الأقصى في نفوس المسلمين وعقيدتهم، ونحذر من خطر داهم يتهدده، خطر عدو حقود متربص، يطلق قطعانه كل يوم ينتهكون حرمة البيت المقدس، ويتحينون الفرصة لهدمه. ولقد كان الحريق الأليم صرخة مدوّية أيقظت ضمير الأمة يومًا، فاجتمعت على إثره إرادة الدول الإسلامية لتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي اليوم)، لتكون مظلة للدفاع عن القدس وفلسطين.
وإننا إذ نذكر أن نشأة المنظمة جاءت إعلانًا عن التضامن العربي والإسلامي في أقدس القضايا "قضية فلسطين"، نلفت انتباه القادة رؤساء الدول الأعضاء، إلى أنه مع عقد خمسة اجتماعات للمنظمة على مستويات مختلفة منذ أكتوبر 2023، بلغت حصيلة العدوان على غزة 62 ألف شهيد، وتسعة آلاف مفقود و145 ألف مصاب. وهناك أكثر من 120 ألف مستوطن دنسوا قدسية المسجد الأقصى. وإننا نتساءل – وللشعوب الحق في أن تتساءل – عن مدى فاعلية قرارات القمة، وعن العلاقات الطبيعية التي تقيمها بعض الدول الأعضاء مع الكيان المحتل. ولماذا لا يستخدم العرب والمسلمون أوراق الضغط - السياسية والاقتصادية على الأقل - لكبح جماح العدوان الصهيوني؟!
إننا في هذه الذكرى نهيب بالسادة العلماء والدعاة والمربين أن يعظموا قيمة المسجد الأقصى في نفوس المسلمين، فالأقصى قبلتنا الأولى، وثالث الحرمين، وإليه تشد الرحال. كما نهيب بالكتاب وقادة الرأي والمثقفين أن يحتفوا بالمسجد الأقصى في منتدياتهم وعلى منصاتهم؛ فالأقصى عنوان هويتنا، ورمز كرامتنا، وهو جوهر صراعنا مع العدو الصهيوني. فتحدثوا عن بيت المقدس، واذكروا أن بأكناف بيت المقدس طائفة من أمة محمد ﷺ حماة أباة يذودون عنه ويضحون في سبيل ذلك بالنفس والنفيس، هم اليوم يشكون إلى الله الخذلان.
وإننا في هذا الصدد نؤكد دعمنا الكامل للمقاومة الفلسطينية، معتبرين أن دعمهم وإسنادهم واجب علينا وعلى الأمة الإسلامية كلها شعوبًا وحكومات. وإننا نوجه نداءنا إلى الأمة جمعاء، وإلى منظمة التعاون الإسلامي خاصة، لتجديد العهد مع الله في الدفاع عن الأقصى وفلسطين، والتحرك الجاد على كل المستويات، وحشد الطاقات والقدرات خلف خيار المقاومة، حتى يتحقق وعد الله: ﴿...وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7]
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون
الخميس 27 صفر 1447هـ؛ الموافق 21 أغسطس 2025م