انتهت إحدى الجولات.. وتبقى حرب المقاومة مستمرة
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين بسم الله، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله ومَن والاه، وبعد!! فقد توقَّف القتالُ في لبنانَ يوم الإثنين الماضي بين القواتِ الصهيونيةِ الغازيةِ وحزبِ اللَّهِ المقاومِ بعدَ صدورِ قرارِ مجلسِ الأمنِ رقم 1701 وقبولِ الطرفينِ له، وكَمَا هو الحالُ في كلِّ المعاركِ يبدأُ كُلُّ طرفٍ بعد نهايةِ المعركةِ في إحصاءِ مكاسبِه وخسائرِه.ولأنَّ الأمةَ العربيةَ والإسلاميةَ كانت طَرَفًا في تلكَ المعركةِ، ولو بشكلٍ غيرِ مباشرٍ بعد أنْ حِيلَ بينها وبينَ الاشتراكِ المباشرِ، ولأنها في مُجملِهَا كانت ولا تزالُ هي المستهدفةَ من الحربِ.
كان ضروريًّا أن نقفَ لإجراءِ جردةِ حسابٍ لمعرفةِ ما تحقَّقَ من مكاسبَ وخسائرَ.
إنَّ أخطرَ ما يُواجهُنا من تحدياتٍ هو محاولةُ قُوى الهيمنةِ الأمريكيةِ والصهيونيةِ إخضاعَ المنطقةِ لإرادَتِهَا وتحقيقَ الانقيادِ السَّلِسِ لرغباتِهَا وسياساتِهَا وثقافتِهَا، وهو الأمرُ الذي لم يتحقَّقْ حتَّى اليوم على المستوى الشعبيِّ؛ بسببِ تمسُّكِ المجتمعاتِ العربيةِ والإسلاميةِ بهويَّتِهَا وعقيدتِهَا وثقافتِهَا وتُراثِهَا.
لقد حاولتْ تلكَ القُوى إخضاعَنَا دون قتالٍ ففشلتْ، وفي الحربِ على لبنانَ حاولتْ إخضاعَنَا بالقتالِ ففشلتْ أيضًا.
إنَّ أبرزَ ما في التجربةِ اللبنانيةِ أنَّ رُوحَ الجهادِ والمقاومةِ قد توقَّدتْ، وأنَّ ثقافةَ المقاومةِ قد انتشرتْ ولم يَعُد من الممكنِ القضاءُ عليها.
لقدْ عاشَ الشعبُ اللبنانيُّ تحتَ القصفِ الوحشيِّ الصهيونيِّ بالطائراتِ والصواريخِ الأمريكيةِ المتطورةِ، فلم تُزدْهُ بشاعةُ الإجرامِ إلا تمسُّكًا بإرادتِهِ، وثباتًا على مبادِئهِ، وتوحُّدًا في مواقفِهِ، ولأولِ مرةٍ تجتمعُ آراءُ اللبنانيينَ من سُنةٍ وشيعةٍ وموارنةٍ وغيرِهم على موقفٍ واحدٍ، رغمَ اختلافِ عقائدِهِم وتوجهاتِهِم.
مسيرة لبنانية مؤيدة لنصر الله فقد رصَّ اللبنانيونُ صُفوفَهُم خلفَ حزبِ اللهِ، وزادت الغاراتُ الصهيونيةُ قُربَهُم منْهُ، وهو الموقفُ الذي عبَّرت عنه سيدةٌ لبنانيةٌ نزحتْ من الجنوبِ إلى بيروت بقولها: "من دونِ حزبِ اللهِ كُنَّا سنُصبحُ في الوضعِ نفسِهِ الذي يعيشُه الفلسطينيون.
نحن لدينا مَن يحمي مصالحَنَا ولن نتخلَّى عنْهُ أبدًا".
وكتب المطرانُ الأرثوذكسي جورج خضر مؤيِّدًا استمرارَ تسليحِ حزبِ اللهِ؛ لأنه يستطيعُ مواجهةَ الصهاينةِ أفضلَ من الجيشِ اللبناني.
لقد أوجدت المقاومةُ إجماعًا في لبنانَ، فكلُّ مشاعرِ الغضبِ عندَ اللبنانيينَ مُوجَّهةٌ ضدَ العدوانِ الصهيونيِّ ومَن يُناصرُه ويؤيدُه، وحتى الذين عادُوا بعدَ وقْفِ القتالِ إلى أهليهِمْ فوجدُوهم قتلى، وإلى دُورِهم فوجدُوها مُهدمةً قالوا إنهم غيرُ آسفينَ على ما حصلَ ويَكفيهم ما تحقَّقَ من مكاسبَ وكسرٍ لإرادةِ العدوِّ.
لقد أصبحت المقاومةُ في نظرِ الشارعَينِ العربي والإسلامي برهانًا على الطريقِ الصحيحِ لتحريرِ الأرضِ، فقد حقَّقت نصرًا لم تَمحُه محاولاتُ توسيعِ الحربِ البريةِ أو الوصولِ إلى نهرِ الليطاني بعد خمسةِ أسابيعَ من القتالِ، وكما قال السيد حسن نصرالله: "لقد خرجنا منتصرين من معركةٍ كانت ستندحرُ فيها جيوشٌ عربيةٌ كبيرةٌ".
انهيار الأسطورة