ليست نكبة واحدة.. بل نكبات متعاقبة
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين في ذكرى النكبة التاسعة والخمسين استيقظ الفلسطينيون على نكبة جديدة أوْدَت بحياة خمسة عشر فلسطينيًّا، إضافةً إلى إصابة خمسين آخرين في مواجهات أهلية بين رفاق السلاح وأبناء الوطن الواحد.هذه المواجهات أشعلتها رؤوس الفتنة التي تعيش بين الفلسطينيين لكنها تعمل لصالح العدوّ، ولا يسرُّها أن يعيش الشعب الفلسطيني موحَّدًا، أو أن تنجح حكومة الوحدة الوطنية التي تقودها حماس، وتضمّ ممثلي 96% من الشعب، في سابقةٍ إيجابيةٍ تُعد الأولى في تاريخ حكومات السلطة الوطنية الفلسطينية.
جاءت هذه المواجهات بعد ثلاثة أشهر فقط من اتفاق مكة الذي رعاه خادمُ الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والذي استبشرَت الأمةُ به خيرًا، لكنَّ رؤوس الفتنة لا يريدون الوفاق، بل يريدون التناحر والشقاق، الذي لن يؤدي إلا لخدمة المشروع الصهيوني.
هذه النكبة الجديدة تستحق من كل المخلصين لقضية فلسطين أن يتصدّوا لها، وأن يحاسبوا المسئولين عنها، وعلى الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" ورئيس الحكومة "إسماعيل هنية"- ومعهما قادة الفصائل والقوى الفلسطينية- أن يضربوا بيدٍ من حديدٍ على أيدي العابثين بوحدة الشعب الفلسطيني، المقامرين بمستقبله، الذين يقدمون اليوم أكبر خدمة لأعداء فلسطين وقضيتها العادلة.
أولى النكبات وليست أُخراها كانت نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948م أولى النكبات الكبرى التي حلَّت به، ولم تكن أخراها، فالنكبات التي يتعرَّض لها الفلسطينيون متعاقبة ومتجددة.
في عام النكبة تم تدمير ما يقرب من 500 مدينة وقرية فلسطينية، وهدم 1200 مسجد، وتهجير ثمانمائة وخمسين فلسطينيًّا، هاجر معظمهم قسرًا، وتحت تهديد المذابح، التي راح ضحيتها أكثر من ألفين وخمسمائة شهيد!! الأغلبية العُظمى هاجروا بعد أن دُمِّرت بيوتُهم، ونُهِبت ممتلكاتُهم، وقُتل أشقاؤهم، والبعض هاجروا بطلب من الجيوش العربية.
جيش الإنقاذ العربي هو الذي طلب من الفلسطينيين أن يخرجوا قائلاً لهم: إنكم ستعودون بعد أيام.
فبَقوا في الشتات تسعة وخمسين عامًا!! لكنَّ البعض الآخر تشبَّث بأرضه، ورفض المغادرة، وهم الفلسطينيون الأبطال الذين يعيشون داخل ما يسمَّى بـ"الخط الأخضر".
هؤلاء الفلسطينيون الذين صمدوا وبقوا داخل وطنهم كان عددهم آنذاك 160 ألفًا، وهم الآن قرابة المليون وثلاثمائة ألف، يكافحون من أجل البقاء، وهم في أمسِّ الحاجة لدعم أمتهم من أجل تقويتهم وتثبيتهم.
الإجرام الصهيوني والمسئولية الدولية في الذكرى التاسعة والخمسين للنكبة لا ينبغي أن تشغلنا الأحداث التي تجري بين الأشقاء عن كشف جرائم العدو الصهيوني وعنصريته.
لا ينبغي أن تشغلنا هذه الأحداث عن التذكير بالمسئولية السياسية والقانونية والأخلاقية، التي تتحمَّلها بريطانيا في زرع هذا الكيان العنصري في قلب أمتنا العربية والإسلامية.
كما لا ينبغي لها أن تصرفنا عن تعرية المواقف الأمريكية المسئولة عن دعم هذا الكيان العنصري الغاصب وإمداده بكل أسباب القوة على مدى ستين عامًا، منذ قرار التقسيم في عام 1947م وحتى يومنا.
شهادتان الأطفال ضحايا الإجرام الصهيوني علينا أن نُذكِّر بما فعله الصهاينة بأهلنا، وما أقاموه من مذابح للعُزّ