المطلوب حشد الجهود العربية والإسلامية لدعم جهاد الشعب الفلسطيني
رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين الحمدُ للهِ رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.فقد دعا الرئيس جورج بوش الابن إلى مؤتمرٍ دوليٍّ في الخريفِ القادمِ لدعمِ مسيرةِ السلامِ، وتحريكِ ملف التسوية، وقد تَلاحظَ أن الأطرافَ المدعوَّةَ غيرُ معروفةٍ بالتحديد، لكنْ استبعَد منها الرئيس الأمريكي في خطابه القُوى المتشددةَ الممانِعةَ الرافضةَ للسياسة الأمريكية، والتوقيت غير محدَّد، فهو في الخريف القادم، وجدول الأعمال غير معلَن، فهو مَرِنٌ جدًّا، قد يتسع لقضايا أساسية، أو أمور هامشية، والأهم أن المرجعية التي يستند إليها المؤتمر غير واضحة.
فهل قرارات الأمم المتحدة التي صدرت منذ قرار التقسيم، مرورًا بالقرارات المتعلقة بعودة اللاجئين وغيرها هي المرجعية؟! وهل خريطة الطريق التي شَكَّلت آخر ابتكارات الإدارات الأمريكية لدفع عجلة السلام ستُشكِّلُ أساسًا للحوارِ والمفاوضات؟! أم أنها ماتتْ وانتهتْ إلى غير رجعةٍ؟! وإذا كان هذا واقعًا حقيقيًّا فلماذا يتم تعيين السيد توني بلير مبعوثًا فوق العادة للرباعية التي ترعى خريطة الطريق؟! وأين بقيةُ أطرافِ الرباعيةِ من هذا المؤتمر المزمع عقدُهُ؟ أم أن أمريكا هي راعيتُهُ الوحيدةُ وهي المعروفة بانحيازها المطلق للعدو الصهيوني؟!! لقد دعا الرئيس جورج بوش الأب من قبل إلى مؤتمر مدريد للسلام في أعقاب حرب تحرير الكويت، وكانت النتائج هي الفشل الذريع؛ مما دفع الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى فتح قنوات سرية من خلف الجميع في "أوسلو" مع العدو الصهيوني، انتهت إلى اتفاق "أوسلو"، كإعلان مبادئ لحل الصراع العربي- الصهيوني على مرحلتين، وها نحن نرى آثارَ هذا الاتفاق بعد 14 سنةً على الأرض الفلسطينية، "كانتونات" أشبه بالسجون، يعيش فيها الشعب الفلسطيني تحت سلطة فلسطينية، مطالبة في الأساس بحماية أمن العدو الصهيوني، وإعفاء الاحتلال من مسئولياته الإنسانية، وفق المواثيق الدولية، وشقّ للصف الوطني الفلسطيني، وتمزيق للشعب الفلسطيني، بين لاجئين يعيشون في الشتاتِ بلا أملٍ في قيادةٍ فلسطينيةٍ تتبنَّى مطالبَهم العادلةَ في العودة إلى بيوتهم التي ما زالوا يحملون مفاتيحها ويتوارثونها؛ أملاً في العودة إليها ولو بعد حين، وفلسطينيِّي الأرض المحتلة في 1967م، الذين تمزَّقوا بسبب الحصار الظالم بين قطاع غزة والضفة الغربية.
جرَّب الأمريكيون ألاعيبَ عديدةً مع القادة العرب لم تنطلِ على الشعوب العربية، وخاصةً على الشعب الفلسطيني، وكان آخرها مؤتمر قمة كامب ديفيد، الذي رعاه الرئيس الأمريكي كلينتون، ومارس فيه كل الضغوط الممكنة على الرئيس عرفات؛ ليوقِّع آخر وثيقةٍ للتنازل عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، ودفع عرفات حياته ثمنًا لرفضه هذا الاتفاق المنقوص.
ماذا يخطط بوش وكبار مساعديه في البيت الأبيض؟! العجيب أن الدول العربية- باستثناء سوريا التي استبعدها بوش من مؤتمره- قد سارعت إلى الموافقة على الدعوة دون وجود أي ملامح واضحة لها، ومع علمهم المسبق بأن كل الدعوات السابقة أدَّت إلى لا شيء، تأتي هذه الدعوة والمشهد العربي بائسٌ أشدَّ البؤس، فقد انقسم العرب إلى معسكرٍ ترضى عنه أمريكا وتسميه بالمعتدلين، وآخَر تغضب عليه أمريكا وتنعته بالرافضين للسلام، ولا تقف أمريكا عند حدِّ الوصف والتقسيم، بل تقوم بمدِّ طرفٍ بالسلاح ليستخدمه ضد الطرف الآخر وليس ضد العدو الصهيوني، الذي تحرص أمريكا على استمرار تفوقه النوعي والكمي في توازن السلاح.
كما تأتي الدعوةُ لدعم فريق فلسطيني يقوده الرئيس محمود عباس ضد طرف آخر حَظِيَ بثقة الشعب الفلسطيني في آخر انتخابات تشريعية تقوده حركة المقا