نائب المرشد: من وصايا الإمام الشهيد حسن البنا
نحمد الله تبارك وتعالى، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.أما بعد.
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
حقيقةً.
.
ما جمعه الحق لا يفرِّقه الناس، إننا يوم أن قُمْنا، قمنا لله ومن الله وإلى الله، ويوم أن عملنا عملنا لله وإلى الله، ويوم أن قامت دعوتنا لله ومن الله وإلى الله كذلك، وإن دعوةً يرعاها الله سبعة عشرعامًا كاملةً تتخطَّى فيها العقبات، وتجتاز فيها المصاعب والمتاعب والزلل، لا بد أن يكون لله تعالى فيها إرادة.
هذه الدعوة قامت ولا زالت تقوم على أكتاف موحدة، وقلوب مؤمنة، وجهود مجموعة، وأشخاص مجهولة، لا يكاد يعرفها أحد، وليست مجموعة رياء ولا سمعة ، ينصرها ويؤيدها، ويقيم دعائمها - بتوفيق الله - الصانع والزارع والطالب والفقير والغنى والأتقياء، والأحباء الأقوياء بصلتهم بالله، وستظل قائمة عليهم إن شاء الله تعالى.
والواقع أننا مطمئنون على مستقبلها ونمائها ما دامت تحبوها هذه العاطفة العاطرة الشريفة.
ومن صميم الإسلام ولُبّه، كمال صفاء الأخوة والحب في الله، فلا تحمل ضغينة لأحد، ولا تغضب على أحد إلا إذا كان ذلك لله وفي الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون)، بهذه الروح تكسب حاجتين: إطفاء الفتنة، وضرب مثل كامل للناس، فكونوا أتقياء القلوب، أصفياء النفوس، لا يغرنّكم من يمدحكم، ولا يهولنكم من يذمكم، المهم أن تكونوا على الوضع الصحيح.
دوام المراقبة لله، والاستقامة على الخير والحب والتآخي في الله، والاستعداد الكامل لأن تكونوا أنصارًا للإسلام، هذه هي الخلاصة التي أردت أن ألفت أنظاركم إليها، والله تعالى يتولى هدانا.
هذا وإن الإسلام عقيدة وعمل صحيح، وحرية تامة، وعزة نفس، ولذا وجب علينا أن نقول للناس قولوا: لا إله إلا الله، صلوا، جاهدوا حتى يقوم فيكم حكم الله، جاهدوا حتى تموتوا أو تحققوا العزة لأنفسكم.
والمسلمون الآن على أربع درجات: • مسلم بشهادة الميلاد فقط.
• ومسلم بعقيدته، يقول: الإسلام عقيدة، ترك الإضرار بالناس.
• ومسلم بهذا وبشيء من العمل الصالح ولا يهتم بعد ذلك بإصلاح المجتمع.
• والمسلم الكامل، وهو الذي يأخذ الإسلام، عقيدة وعبادة وحسن معاملة مع الناس، والسعي في مصالحهم.
و"الإخوان المسلمون" لم يقوموا بما يقومون به الآن لأن قضية الشعوب لم تكن قد وضعت أمام قضاة الحرية، فنحن نعمل لإنجاح قضيتنا، وإلا كان سكوتنا من العبث.
ونحن والحمد لله موطنون العزم على أن الناس لا يتركوننا من غير نقد ولا تشويه لدعوتنا، فكل مبادئ صالحة لابد محاربتها.
سنة الله في خلقه.
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (آل عمران: 186}.
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت: 2).
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران: 142).
فهي طريق محفوفة بالمخاطر، ومفروشة بالشوك لا بالورود.
وهكذا كانت طريق النبي صلى الله عليه وسلم، مكث بعد البعثة ثلاثة عشر عاما، لم يسمع فيها إلا ما يؤلمه، ثم ذهب إلى المدينة، فغزا فيها سبعة وعشرين غزوة، وقام بمائتي وسبعين سرية، في عشر سنين، وأعداؤه يعملون له المكائد، فالدعوات ليست لعبة.
.
إنكم ستدخلون المضايق، وسيظهر منكم المصلح من المفسد، فعليكم بسعة الصدر دائما، ولا تكونوا أنتم السبب في الاعتداء على غيركم، حتى تجتمع كلمة الأمة، واصبروا حتى يفتح الله بيننا وبينهم، والله تعالى يتولى هدانا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قالها الإمام الشهيد حسن البنا قبل ثلاثة أرباع قرن.
ونقولها نحن جميعا الآن، ونعاهد الله سبحانه وتعالى عليها، ومن لا يعاهد الله سبحانه عليها فأمره وأمرنا إلى الله العليم الحكيم.
إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" 30 صفر 1442 الموافق 17 أكتوبر 2020 ------- من وصايا الإمام الشهيد حسن البنا - عام 1945م