الشهيد القائد السنوار.. رسم الطريق وحطم الأسطورة ومضى
ببالغ الحزن والأسى تنعى جماعة الإخوان المسلمون الشهيد القائد يحي السنوار، الذي لقى ربه شهيداً في معركة طوفان الأقصى المباركة، ليلحق بركب شهداء الأقصى، بعد جهاد ظافر ضد أعتى قوى الأرض بغياً وظلما واستكبارا في الأرض.
فهكذا الجهاد في سبيل الله، ومراغمة الأعداء؛ مآله النصر أو الشهادة في سبيل الله، ولا تعزُّ نفس على خالقها ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144].
وفي طريق الجهاد؛ قائد يسلم الراية لقائد جديد يرفعها، فلا تسقط راية الجهاد في أمة تريد العزة، فمن القسّام إلى البنا إلى الياسين والرنتيسي وغيرهم. فجهاد السابقين نورٌ ونارٌ وثورة تشعل الدماء في عروق المؤمنين على أعداء الله ومحتلي الأوطان. وهكذا قضى الله، ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 140].
نم قرير العين أبا إبراهيم، فقد أديت إلى الله واجبك، ووعدت فلسطين ووفيت، وتوعدت عدوك فأبليت، وصنعت مجداً لفلسطين في العالمين؛ لم يكن لها قبل طوفان الأقصى. فطبت حيًّا وطبت ميِّتا، وبوركت سواعد وعزائم رجال أذلّوا أنوف الصهاينة المعتدين.
يكفيك أنك التقيت عدوك في الخطوط الأمامية للمعركة، وقضيت -عن غير قصد منهم لشخصك-في اشتباك عشوائي. يكفيك أنك وإخوانك مرَّغتم أنف العدو ومحوتم من التاريخ أسطورة العدو الذي لا يقهر. يكفيكم أنكم أزحتم الغشاوة عن عيون أمتنا، وميزتم الأعداء من الأصدقاء، وكشفتم الخونة والمنافقين والمتآمرين من قادة وجيوش وطابور خامس، وتركتم الصراع واضحاً كالشمس في رابعة النهار.
إن استشهادك أبا إبراهيم بعد هنية وثلة الشهداء الأبرار؛ ليلقي بالواجب على كل أبناء الأمة، أن هبوا لنجدة الأقصى وتحرير فلسطين، كلٌّ بما يستطيع. يقول النبيُّ ﷺ: (مَن مات ولم يَغْزُ، ولم يُحَدِّثْ نفسَه بالغزو مات على شعبةٍ من النِّفاق).
فإذا مات السنوار فليكن كل فرد من أمة الإسلام من حيث موقعه سنوارًا جديدًا، فلا تسقط الراية وفى أمتنا قلب ينبض، واعملوا وجاهدوا. ثم استبشروا بنصر الله، فالنصر قادم، وليكن الجهاد حديث النفس، وعمل الجوارح، فنسأل أنفسنا ماذا نقدم نصرة لدين الله ونصرة لفلسطين ونصرة لكل شهيد سقط ولكل جريح يتألم.
ويا حراس الأقصى وفتية الحق في فلسطين نقول لكم: إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون: نصرٌ أو شهادة، وإن الله ناصركم ومؤيدكم. ويا شعب فلسطين الأبيّ الصامد، ها هي دماء القادة تزكي مسيرة الجهاد وتدحض دعاوى المخذلين والمرجفين.
ولا يسعنا في هذا الموقف إلا أن نعزى أنفسنا، ونعزي شعب فلسطين والأمة الإسلامية جمعاء في ارتقاء الشهيد القائد المجاهد يحي السنوار. وهنيئاً للسنوار بلقاء الله، هنيئاً بلقاء الأحبة محمد ﷺ وصحبه. ولا نقول إلا ما يرضى ربنا. الحمد لله ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:155-156].
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون
15 ربيع الآخر 1446 الموافق 18 أكتوبر- تشرين الأول 2024