في ذكرى ثورة يناير.. لم يعد أمام الشعب خيار سوى التغيير
ستظل ثورة يناير أصدق لحظات التعبير عن ضمير الشعب المصري وأنقاها، وسيظل شعار "العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية" صورة شاخصة تجسد الحلم المصري في حياة حرة كريمة، وأملاً معقوداً في خيال الشعب، يسعى لتحقيقه وإن طال الزمن. نؤكد ذلك في الذكرى الرابعة عشرة لثورة يناير الخالدة.
فقد صنعت ثورة يناير نموذجاً للتغيير - شاء من شاء، وأبى من أبى- حين تلاقت الإرادة الشعبية على إسقاط النظام فأسقطته، وتوحدت المطالب الوطنية على صياغة دستور جديد للبلاد وأنجزته. وأقامت نظاماً سياسياً قائماً على التنوع والتنافس الحر، تتقاسم فيه القوى الوطنية وكل مواطن مصري حقوقه السياسية والاقتصادية مع السلطة. وعاش شعب مصر أجواء الحرية حينا من الدهر، حتى تم اغتيال إرادته واغتصاب السلطة قسراً.
واليوم يعيش الشعب المصري في ظروف هي أشد وطأة من الظروف الدافعة لثورة يناير، فالاستبداد السياسي على أشده، والأثرة الاقتصادية واضحة، وباتت السلطة والثروة في يد حفنة قليلة متسلطة منعمة، وغالبية الشعب تكتوى بنار الجوع والخوف والفقر والمرض. وقد بلغ الظلم الاجتماعي مداه، وبلغ الصبر منتهاه، ولم يعد أمام الشعب خيار سوى التغيير.
ومادامت أسباب الثورة كامنة فسيظل حلم التغيير من أجل العيش والحرية والعدالة قائماً. بل إن التغيير أصبح ضرورة في ظل تطورات إقليمية ودولية جعلت من المستحيل ممكناً، وأثبتت أن إرادة الشعوب غالبة مهما طال الزمن.
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ * فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي * ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
وأصبح التغيير- كذلك - فريضة، والعمل من أجل تحقيقه واجبا لا يتخلف عنه وطني يحرص على بلده ومستقبل شعبه. وهو عهد جماعة الإخوان الذي لن تتخلى عنه مهما كانت التحديات، أملًا في دولة العدل والحرية وسيادة القانون. وتؤكد الجماعة أن كل تغييرات يقوم بها النظام المصري هي تغييرات شكلية لنظام مأزوم يتفادى بها الضغوط. لكنها لا تمثل أملاً في التغيير، ما دامت السجون ممتلئة بالمعارضين، وما دامت القوى السياسية مهمشة، والمواطن المصري يعاني، وما دام التعبير عن الرأي جريمة.
أسامة سليمان
المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمون
السبت 25 رجب 1446هـ؛ الموافق 25 يناير 2025م