

رمضان شهر التغيير والجهاد والانتصارات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بلّغنا رمضان، شهر الصيام والقرآن، شهر الرحمة والنصر، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وإمام المجاهدين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
إلى شعوب أمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها:
أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك، شهر التوبة والمغفرة، وشهر الجهاد والانتصارات. شهرٌ يبعث في الأمة روح الأمل في استعادة مكانتها المفقودة، ويذكّر بأن التحولات الكبرى تبدأ من أعماق قلوب المؤمنين بالتغيير قبل أن يصبح واقعًا، كما قال الله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]. ورمضان شهرٌ تتطهر فيه النفوس، وتقوّى فيه الإرادة والعزيمة على الجهاد.
رمضان شهر الانتصارات:
فغزوة بدر الكبرى كانت في رمضان، وفتح مكة كان في رمضان، وفي رمضان قُهر التتار في عين جالوت، وهُزم الصهاينة في حرب أكتوبر - العاشر من رمضان. فليكن رمضان موسمًا للجهاد في ميادين الإصلاح والتغيير كذلك، والجهاد ضد النفس والهوى، والجهاد في مقاومة الظلم والطغيان، والجهاد في حمل رسالة الإسلام بقوة وثبات، حتى تعود للأمة عزتها ومكانتها.
إلى شباب أمتنا وفتياتها:
أنتم طليعة الأمة، وأمل التغيير القادم، وبسواعدكم يُرسم المستقبل. فتمسكوا بدينكم، واعتزوا بهويتكم، ولا تنخدعوا بزيف الباطل، واعلموا أن علو الباطل يومًا؛ لا يعني أنه حق، لكنه غيبة أصحاب الحق، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]. فكونوا أنتم هؤلاء الكرام البررة الذين يصلحون إذا فسد الناس، والذين يذودون عن ثغور الإسلام، فلا يُؤتى الإسلام من قِبلكم. وتصدروا لإعلاء دين الله إذ تخلى عنه الناس، وكونوا ورثة الأنبياء، وحملة الرسالة الأوفياء، واجعلوا رمضان موسمًا للزاد.
أما المرأة المسلمة:
فهي مصنع الرجال، وصاحبة الدور العظيم في بناء الأجيال، وشريكة الأجر في الجهاد. إليكِ أرجو أن تجعلي من رمضان موسمًا لالتفاف الأسرة حول مائدة القرآن، وغرس محبة الله ورسوله، ونصرة دينه، والغيرة على مقدساته، والتعاهد على الاستقامة على طريق الهدى، وحمل همِّ الأمة؛ فإن القادة العظام في تاريخ أمتنا ربتهم أمهات عظيمات مثلهن، وما أحوج أمتَنا إلى جيل يتحلى بالإيمان والطهر الكامل والرجولة، ليستعيد مجد الأوائل، ويسعد العالم بالإسلام ورسالته.
وإلى الأحرار الحالمين بالحرية والتغيير:
اعلموا أن أول الحرية، حرية النفس من الشهوات، ورمضان ميدانها. وإن الاستجابة لنداء الحرية فطرة، كما قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟". وإن الأمل في التغيير باقٍ متى استوت الفطر في النفوس. فاجعلوا وعي الناس بدينهم طريقًا للحرية، وثقوا بنصر الله للمؤمنين، فقد رأينا "الطوفان" مع الإيمان يهز أركان الطغيان، كما قال الله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].
وإلى المعتقلين المدافعين عن الإسلام في مصر وفي كل بقاع الأرض:
أنتم الأحرار وإن كبّلتكم الأغلال، لأن أرواحكم حرّةٌ بإيمانها، وعزائمكم ثابتةٌ بصبرها، وما ذلك إلا امتدادٌ لطريق الأنبياء والمصلحين. نعلم أنكم تدفعون ضريبة الحرية لأوطانكم من أعماركم، فما أعظم النية! وما أعظم الأجر وبشرى الصابرين، كما قال الله تعالى:﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: 155-156]. فاصبروا فإن وعد الله حق، وأبشروا بفجر الحرية الآتي. ندعو الله أن يفك أسركم، ويعيدكم إلى أهليكم وأمتكم أحرارًا أعزة.
وختامًا:
باسمي وباسم فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون"، الدكتور محمد بديع، أتقدم إليكم جميعًا بأصدق التهاني بحلول شهر رمضان المبارك، سائلا المولى عز وجل أن يجعله شهر خيرٍ وبركةٍ ونصرٍ وتمكينٍ، وأن يعيده علينا وقد تحررت بلادنا، وعزَّ الإسلام وأهله.
أخوكم
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين