القتل بالإهمال الطبي في السجون تجاوز القتل بالإعدام

يعاني المحبوسون داخل السجون وأماكن الاحتجاز في مصر من عدة انتهاكات جسيمة بحقهم، زادت حدتها خلال الأعوام الأخيرة. وعلى الرغم من وجود نصوص دستورية وقانونية صريحة ومحددة – سيما قانون السجون ولائحته التنفيذية – التي تعترف بحق السجين في الرعاية الطبية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه الرعاية لا ترتقي إلى المستوى الذي يضمن وصول السجناء في مصر إلى رعاية مناسبة دون تمييز.

التنظيم القانوني لحق العلاج في التشريعات المصرية:

تنص المادة (18) من الدستور المصري على ما يلي: “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها، والعمل على رفع كفاءتها ... وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطِّي كل الأمراض ... ويجرّم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة ... وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وفقًا للقانون.”

كما تناولت المواد من (33) إلى (37) من قانون تنظيم السجون رقم (396) لسنة 1956، المعدل بالقانون رقم (106) لسنة 2015، تنظيم الأوضاع الصحية للمسجونين.

تنص المادة (33) على ما يلي: “يكون في كل ليمان أو سجن غير مركزي طبيب أو أكثر، أحدهم مقيم، تناط به الأعمال الصحية وفقًا لما تحدده اللائحة الداخلية.”

تنص المادة (33 مكرر) على ما يلي: “تلتزم المنشآت الطبية الحكومية والجامعية بعلاج المسجونين المحالين إليها من السجون لعلاجهم، وفقًا للضوابط والشروط التي يصدر بها قرار من وزيري الصحة والتعليم العالي بالتنسيق مع وزير الداخلية.”

تنص المادة (36) على ما يلي: “كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزًا كليًا، يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مدير عام السجون، وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة.”

تنص المادة (37) على ما يلي: “إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة، وجب على إدارة السجن أن تبادر إلى إبلاغ جهة الإدارة التي يقيم في دائرتها لإخطارهم بذلك فورًا، ويؤذن لهم بزيارته.”

إلا أن هذه النصوص لا تُطبق وفقًا لما تقتضيه وتقضي به، إذ يعاني المحبوسون من انتهاكات صارخة، ليس فقط للقانون، وإنما لأبسط حقوق الإنسان. وتختلف هذه الانتهاكات من سجن إلى آخر، ومن ضابط إلى آخر، ومن وقت إلى وقت آخر. ومن أبرز هذه الانتهاكات التعذيب، والتغريب، والحبس الانفرادي، ومنع دخول الأدوية، والإهمال الطبي. نظرًا لخطورة هذه الانتهاكات، فقد تفاقمت الأوضاع وأدت إلى عدد كبير من الوفيات.

وتتزايد أعداد الوفيات داخل السجون حتى بلغت 922 قتيل، أى أكثر من الذي قتلوا بالإعدام.

ومن أبرز المتوفين في السجون المصرية الرئيس الأسبق محمد مرسي العياط، الذي توفي بتاريخ 17 يونيو 2019. وقد أثبت أمام المحكمة، خلال جلسات محاكمته، أنه تعرض للعديد من الانتهاكات وسوء الرعاية، لا سيما الرعاية الطبية، إذ مُنع عنه العلاج المقرر وفقًا لحالته الصحية، مما أدى إلى وفاته لاحقًا. كما أن العديد من الشخصيات البارزة قد قضوا داخل السجون ومقار الاحتجاز.