بأيِّ حالٍ عدت يا عيدُ؟!
رسالة من: محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلين، سيدِنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.وبعد!! فها هو عيدُ الفطرِ المباركُ، يهلُّ على أمةِ الإسلامِ؛ ليبعثَ الفرحةَ في القلوبِ، ويرسمَ البسمةَ على الشفاهِ، وقد بيَّن ربُّنا- عزَّ وجلَّ- في كتابهِ الكريمِ السببَ الذي يدعو المسلمَ الصادقَ إلى أن يفرحَ، فقال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (يونس: 58) وفضلُه- عزَّ وجلَّ- يتمثَّلُ في بيانِ المنهجِ الذي ارتضاهُ لعبادِهِ، ورحمتُهُ تتمثلُ في توفيقِهم إليه، وعونِهم على الالتزامِ به، سواءٌ أكان ذلك في حقِّ المنهجِ على سبيلِ الإجمالِ، أو في تفاصيلِ تشريعاتِهِ وأحكامِهِ، وفي القلبِ منها- طبعًا- الصيامُ.
فكلُّ من عرَف حكمةَ الإسلامِ من تشريعِ الصيامِ واجتهدَ في تحقيقِها طوالَ رمضان، يحقُّ لَهُ أن يعيشَ اليومَ الفرحةَ التي أَخبرَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- عنها بقولِهِ: " وللصائمِ فرحتان يفرحُهما: إذا أفطرَ فرِحَ بفطرِهِ وإذا لقِيَ ربَّهُ فرِحَ بصومِه ِ" فهنيئًا لكلِّ مَن وُفِّقَ لاغتنامِ فرصةِ رمضانَ، وهو اليومَ يتلقَّى الجائزةَ من الملكِ الكريمِ؛ غفرانًا للذنبِ، ومضاعفةً للأجرِ، وعتقًا من النارِ.
وكَم كنَّا نتمنَّى- يا أمةَ الإسلامِ- أن تكونَ فرحةُ العيدِ تامةً صافيةً، ولكنها- يا للأسف- ليست كذلك، فكم مِن همومٍ في واقعِنا تنتقِصُ منها.
!! وكم مِن مراراتٍ تعكِّرُها.
!! ففي فلسطين.
نتابعُ بحسرةٍ هذا المسلسلَ الداميَ الحزينَ، من القصفِ والقتلِ والتدميرِ والاعتقالِ والتعذيبِ، ثم يأتي هذا المشهدُ الأليمُ لهذا الحصارِ الخانقِ والتجويعِ القاسي للشعبِ الفلسطينيِّ الحرِّ الأبيِّ؛ عقوبةً لَهُ على اختيارِهِ الديمقراطيِّ النزيهِ، وانحيازِهِ الواضحِ لفصيلِ حماس، الصادقِ المجاهدِ، ونرصُدُ بأسًى هذا الدورَ غيرَ الإنسانيِّ وغيرَ الأخلاقيِّ وغيرَ المسئولِ الذي تلعبُهُ بعضُ الفصائلِ الأخرى بدَعْمٍ أمريكيٍّ.
(ماديٍّ وسياسيٍّ)؛ للانقلابِ على الحكومةِ الشرعيةِ، ويجري هذا كلُّه في ظلِّ صمتٍ مريبٍ أو عجزٍ مهينٍ من بقيتِها، للأسفِ الشديدِ.
القوات الأمريكية بالعراق وفي العراقِ.
ما زالَ الاحتلالُ الأجنبيُّ البغيضُ جاثمًا على صدرِه بقيادةٍ أمريكيةٍ بريطانيةٍ، فتُنْهَبُ الخيراتُ والثرواتُ، وتنتشرُ الفوضى العارمةُ، التي يذهبُ ضحيتَها عشراتُ الأبرياءِ يوميًّا، وتمتدُّ أصابعُ التخريبِ إلى كلِّ المنشآتِ والمؤسساتِ حتى المساجدِ، ويتعرَّضُ الآلافُ للاعتقالِ والتعذيبِ الوحشيِّ البشعِ في سجنِ (أبو غريب) وغيرِهِ، وتطلُّ الفتنةُ العِرقيةُ والمذهبيةُ برأسِها، فتُنذِرُ بتقسيمِ الدولةِ إلى دويلاتٍ، فلا تقومُ لها قائمةٌ بعد ذلك أبدًا، لا قدَّرَ اللهُ.
وفي السودان.
تحوَّل الكيدُ الأمريكيُّ الغربيُّ إلى الغربِ بعد الجنوبِ؛ حيثُ أزمةُ دارفور، بفتنتِها العِرقيةِ، وبمأساةِ أهلِها الإنسانيةِ، ثم أخيرًا بمحاولاتِ الاحتلالِ المباشرِ من قِبَلِ القواتِ الدوليةِ لهذه المنطقةِ الحيويةِ الغنيةِ بخيراتِها وثرواتِها؛ وذلك استنادًا إلى قرارٍ مريبٍ من الأممِ المتحدةِ، التي تخلَّتْ عن مسئوليتِها، وفقدِت شرعيتِها، بعد أن سيطرَتْ عليها الولاياتُ المتحدةُ، وجعلتها أداةً طيِّعةً لخدمةِ أهدافِها وتحقيقِ مطامعِها.
وعلى الساحةِ العربيةِ.
نرصدُ ملامحَ الواقع