الموقع الرسمي للإخوان المسلمون

رسالة الأسبوع

رسالة أسبوعية تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين

 المصطفى.. الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم

المصطفى.. الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم

رسالة من: أ.
د.
محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

فيقول الله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء: 107).
  إن هذه الآية تكشف عن جوهر الرسالة العظيمة التي عبَّر عنها القرآن الكريم بأسلوب الحصر والقصر، فالرسول صلى الله عليه وسلم والرسالة التي بعث بها ليست إلا الرحمة؛ لأن ما بعث به سبب لإسعادهم وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم، وببعثته أمِن الناس جميعًا، المؤمنون وغير المؤمنين، من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال، وحين قال له الصحابة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: " إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَة ".
  رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم للناس كافة والرحمة التي بُعث بها النبي صلى الله عليه وسلم تشمل الناس أجمعين، ولا تختص بالمسلمين فقط، ولا بخاصته من أهله وعشيرته، ولكنها الرحمة العامة.

قال صلى الله عليه وسلم: " لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَّا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا تَحَابُّونَ عَلَيْهِ؟ " قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّنَا رَحِيمٌ، قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خَاصَّتَهَ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ ".
  إنها لكل من في الأرض، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ".
  ولقد امتدت رحمته إلى من آذوه وعذبوه.

ففي أُحد لَمَّا كُسِرَتْ رُبَاعِيَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَشُجَّ فِي جَبْهَتِهِ فَجَعَلَتِ الدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَّانًا وَلَا لَعَّانًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي دَاعِيَةًَ وَرَحْمَةًٍ، اللهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "، وحين قال له ملك الجبال: " إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ".
  كما تجلت رحمته صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة ظافرًا منتصرًا، فعفى عمن آذوه وقاتلوه، وقال مقولته الخالدة.

"ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا.

أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: " اذهبوا فأنتم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لي ولكم ".
  كما أن من أهم أسس بناء الأسرة وتقويتها المودة والرحمة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّة وَرَحْمَة إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (الروم)، (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) (الإسراء)، حتى الخدم شملهم برحمته صلى الله عليه وسلم وأمرنا بذلك حين قال: "لا تكلفوهن فوق ما يطيقون فإذا كلفتموهم فأعينوهم، إخوانكم خولكم، فأطعموهم مما تطعمون، وألبسوهم مما تلبسون ".
  والمجتمع الذى أقامه المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت أسسه قائمة على الرحمة سواء كمسلمين: (والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (التوبة) أو غير المسلمين ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) (الممتحنة).
  الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر برحمة الحيوان إن رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم العامة للعالمين تمتد لتعم غير الإنسان، فتشمل الحيوان؛ فقد روي أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا- أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا- فَقَالَ: "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ، وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ ".
  وأدخل الله الجنة من يرحم الكلب: قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " إنَّ رَجُلا رَأَى كَلْبا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ، فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ"، وتصلي بالنار امرأة حبست قطة قال صلى الله عليه وسلم : "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ".
  ويرحم الرسول صلى الله عليه وسلم جذع النخلة اليابس حين يئن.

فقد كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ الجِذْعُ، فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وفي رواية: "فسكت".
  كل هذه الأحاديث وغيرها كثير تؤكد أن الله بعث رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم هديةً لكل من في الأرض.

قال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ ".
وهو النعمة التي أسبغها الله على العالم كله، بإنسه وجنه، وحيوانه وطيره، وكل مخلوقاته، وكل من يحمل هذه الرسالة لا بد أن يكون رحمةً للعالمين.
  الرسول صلى الله عليه وسلم سراج القلوب لقد خلق الله الكون وسخَّره للإنسان، وجعل له الشمس سراجًا، والقمر منيرًا، ترسل أشعتها في عدل ومساواة لكل إنسان، ولم يجعل لأحد سبيلاً في حجب نورها، أو منع حرارتها عن إنسان أو نبات أو حيوان، وأرسل من السماء فأحيا به كل شيء.
  ولقد اصطفى الله عز وجل محمدًا رسولاً ونبيًّا؛ ليختم به النبوات والرسالات؛ وليكون سراجًا للقلوب ونورًا للأرواح وحياةً للأنفس.

(يَا أَيُّهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) (الأحزاب: 45 و46).
  هذا النور يسري في الآفاق، وماء الرسالة ينساب في جنبات الأرض؛ ليبعث الحياة في القلوب، وتسير البشرية على ضوئه.

( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأنعام: 122).
  أشد البلاء سماع الأذى إن الابتلاء من سنة الرسالات وصدق الله العظيم.

إذ يقول: ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذَى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) (آل عمران: 186).
  وقد خص الله سماع الأذى، وهو داخل في عموم الابتلاء؛ لأن وقعه على النفوس أشد من وقع السياط على الأجساد.

وقد نال النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الكثير في حياته، قالوا عنه: ساحر.

شاعر.

مجنون كاهن.

.
ويبلغ الأذى مداه حين ينال الناس من عرضك الطاهر الشريف، فصبر وغفر، كل ذلك لأمرين:   ·  ليتعلم أتباعه الصبر والتحمل لكل ما يلقون في طريق الدعوة، والحلم والصفح عن المسيء ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ).
  ·  وليعلموا أن ما يصيبهم قد يكون لتقصيرهم ومخالفتهم لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنهم لم يوقروه ويعزروه على الوجه الذي يجب عليهم، وقد حذرنا ربنا من ذلك فقال تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور: 63).
  وما وقع في أحد لرسول صلى الله عليه وسلم خير شاهد، وخلد الحدث في الذكر الحكيم؛ ليتذكر المسلمون أن ما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم كان بذنوبهم وعصيانهم؛ حيث ترك الرماة مواقعهم ونزلوا ليشاركوا في جمع الغنائم.
  وحقًّا ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فما نال هؤلاء السفهاء من رسول صلى الله عليه وسلم إلا لتفريطنا في حق الله وحقه صلى الله عليه وسلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: " يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا "، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: " بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ " فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ".
  لقد وقع السواد الأعظم من المسلمين في المعاصي والذنوب، بعد أن تركوا الفرائض والواجبات، فحق عليهم قول الله عز وجل: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (مريم: 59).
  واجب المسلمين لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم -  أن يعتصموا بحبل الله جميعًا ولا يتفرقوا.

( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) (الحج: 78) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103).
  - أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (الأحزاب: 21).
-  أن يحافظوا على الصلاة التي يكونون فيها في معية الله ومرافقة رسول الله حين يحرصون على أن يصلوا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وحين يلقون عليه السلام في التشهد "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، والسلام لا يكون إلا ممن يدخل على حاضر موجود.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ".
  · أن يعبروا عن غضبهم بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلا سب ولا لعن ولا قذف بالحجارة، ولا تخريب ولا إحراق للممتلكات، ولا اعتداء على المؤسسات، فكل ذلك يضرنا كثيرًا ولا نستفيد منه شيئًا، ومن يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا فإنه يحرص على أن ينتفع بما يقع من أحداث ويعمل على أن يستفيد منها ويتوقَّى ما يشوه دينه ويضر بوطنه وقومه.
  · وواجب على جميع المسلمين في أوطانهم وخارجها أن يشرحوا للناس من حولهم مَن هو محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يحملوا للبشرية قيم العدل والحرية والكرامة والتسامح، وأن يكونوا هم أنفسهم تجسيدًا يتحرك بتلك المُثل التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتنطلق هيئاتهم بالخير الذي يحملونه قبل أن تشرحه ألسنتهم، وليعلم العالم حين يراهم أن أتباع هذا النبي عظماء رحماء بالناس جميعًا ويحملوا الخير للبشرية جمعاء، وأنهم لا يمكن أبدًا أن يكونوا إلا أتباعًا لنبي كريم بُعث رحمةً للعالمين.
  ·  إعداد القوة بكل أنواعها وفي مقدمتها قوة الإيمان، وقوة الترابط والاتحاد بين المسلمين ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (الأنفال: 60).
  وإن توازن القوى الحقيقي هو الذي يمنع الناس أن يؤذي بعضهم بعضًا، أو أن يبغي أحد على أحد.

هذه الرهبة التي تضبط كفة الميزان.

إن إعداد القوة بمعناها الشامل العام يتحقق به الهيبة للمسلمين في العالم أجمع.
  -  أن نكون منصفين، ومن الإنصاف ألا نحمل إخواننا المسيحيين وزر مجموعة من السفهاء حركتهم أصابع خفية؛ للإفساد وإشعال نار الحرب التي تأتي على الأخضر واليابس وصدق الله: ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) (المائدة: 64).
  شكر واجب: إننا لنتقدم بالشكر لإخواننا المسيحيين في الداخل والخارج الذين شاركونا الاستنكار والاستياء ممن أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربَّ ضارَّة نافعة؛ فقد وحد هذا العمل السفيه بين مشاعر المسلمين في كل العالم، فضلاً عما حدث كذلك بين المسلمين والمسيحيين، وكشف الذين يلعبون بنار الفتنة الطائفية، ورد سهامهم إلى نحورهم، فوقف رعاة الكنيسة بجانب دعاة الإسلام، وسارت بينهم مرحمة، وأضحى المسلمون والمسيحيون يدًا واحدةً في مواجهة الإساءة إلى الأديان (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ([يوسف: 21).
  والله أكبر ولله الحمد.

  القاهرة في: 4 من ذي القعدة 1433هـ الموافق 20 من سبتمبر 2012م