الموقع الرسمي للإخوان المسلمون

أخبار الجماعة

باب ينشر أخبار الجماعة الأهم، وأنشطة وفعاليات أقسامها.

قراءة في التأسيس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين ورؤيتها في الواقع المعاصر

قراءة في التأسيس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين ورؤيتها في الواقع المعاصر

نشرت منصة بودكاست ٢٨ إحدى منصات المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين حوارا هاما مع  القيادي بجماعة الإخوان المسلمين ورئيس قسم التشريح بجامعة المنوفية سابقًا والرئيس الأسبق لجامعة لاكسايد في غانا – أكرا، تم تسليط الضوء على أبرز محطات هذه الجماعة على مدار نحو قرن من الزمان، ورؤيتها للدور الذي تلعبه في الواقع المعاصر، لتلبية احتياجات الأمة وأداء الدور الذي تأسست من أجله.

نشأة وتأسيس الإخوان المسلمين

نشأت الجماعة في مصر بسبب وجود احتياج لها على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع وعلى مستوى الدولة وانتشرت في المجتمع بسبب كونها مزيج من الجوانب النضالية والتجديدية والسلفية والوطنية والتربوية الصوفية بنسب من كل هذه الجوانب متوازنة دون انجراف لتيار واحد، وانتشرت بسرعة في بلدان اسلامية كثيرة لوجود احتياج في الامة لحمل المشروع الاسلامي بعد اسقاط الخلافة واختفاء دولة تحمي المشروع

الإمام البنا كان حريصا على الالتزام بالقانون الذي كان يمنع أن تشتغل الجمعيات المسجلة بالسياسة فجعل الجمعية لا تعمل بالسياسة ولما اراد العمل بالسياسة حول الجمعية الى جماعة لأن الدستور كان يسمح بذلك ثم حولها الى هيئة اسلامية جامعة بعد صدور قانون ١٩٤٤ حتى يتوافق معه.

من هم الإخوان المسلمون؟

الإخوان المسلمون يعتبرون أنفسهم جماعة إسلامية تستند إلى قيم دينية وأخلاقية محددة، ولكنهم في الوقت ذاته لا يعتبرون أن من ليس منهم يعد خارجًا عن الإسلام أو آثم، وتتلخص هويتهم الأساسية في تبني المشروع الإسلامي، الذي يشمل نشر الرسالة الإسلامية وإقامة دولة إسلامية قائمة على الشريعة.

من بين الأهداف المشتركة التي تجمع أعضاء الجماعة، نجد الاهتمام بتربية الفرد المسلم على قيم الإسلام، والمشاركة في العمل الجماعي لتحقيق أهداف الأمة الإسلامية الكبرى، وفي هذا السياق، يعتبر البربري أن جماعة الإخوان ليس مجرد حركة سياسية، بل هي دعوة ذات مشروع طويل الأمد يهدف إلى إصلاح الفرد والمجتمع.

البواعث والدوافع للانتماء

البواعث والدوافع هي رغبة في رضا الله وعلم بوجوب ارشاد الانسانية الى منهج الله وشعور بالمسؤولية الشخصية عن ذلك ويقين بأن العمل في ذلك لابد أن يكون جماعيا، ثم الاطمئنان إلى أهلية الاخوان المسلمين لهذا والقبول بتحمل اعباء الطريق وثمن هذا العمل طبقا لقانون ورقة بن نوفل.

بدايات انضمام الدكتور عبدالمنعم البربري لجماعة الإخوان
 لم يكن انضمام الدكتور عبدالمنعم البربري لجماعة الإخوان المسلمين قرارًا عابرًا، بل جاء نتيجة مسيرة فكرية وتجربة عملية بدأت قبل التحاقه بالجماعة، في الستينيات، كان البربري متمسكًا بالفكرة القومية والوطنية، حتى جاءت نكسة 1967 التي مثلت نقطة تحول حاسمة في رؤيته، إذ أدرك حينها أن الحل لا يكمن في القومية أو الوطنية، بل في الإسلام، رغم أن الإخوان كانوا في السجون في ذلك الوقت، إلا أن تأثيرهم كان واضحًا من خلال بعض الدعاة مثل الشيخ سليمان حسن ربيع، الذي غرس في نفوسهم إدراك شمولية الإسلام كمنهج حياة، وأن الابتعاد عنه كان سبب النكسة.

في الجامعة، بدأ البربري ومجموعة من الطلبة بنشر هذه الأفكار الإسلامية، مؤسسين جماعات دينية مستقلة عن الاتحاد الطلابي الذي كان يهيمن عليه الشيوعيون، ومع ظهور الحجاب وانتقادات صحفية له، خاضوا نقاشات وحملات دفاعية مما دفعهم للتمسك بالمظاهر الإسلامية والبحث العلمي لدعم قناعاتهم في مواجهة فتنة التكفير التي انتشرت في الجامعة عام 1972، وجد البربري دعمه الفكري في كتاب "دعاة لا قضاة" للأستاذ حسن الهضيبي، الذي أظهر له عمق فكر الإخوان وأهليتهم للعمل الإسلامي الجاد، وهو ما دفعه لاحقًا للانضمام رسميًا للجماعة مع خروج المجموعة الرئيسية من السجون عام 1974.

تجديد وتطور فكرة الإخوان

جماعة الإخوان المسلمين لم تختلق فكرة جديدة، بل أعادت إحياء فكرة الإسلام كمنهج حياة متكامل، ورغم أن الأسس التي بنيت عليها جماعة الإخوان إسلامية تقليدية، إلا أن الإمام البنا أضاف عليها لمسات تجديدية تتماشى مع المتغيرات المعاصرة، ومن أبرز سمات هذا التجديد كان المزج بين التيارات الفكرية المختلفة مثل السلفية والتجديدية والنضالية، ما ساعد في انتشار الفكر الإخواني بشكل واسع.

الثوابت والمتغيرات في الجماعة

كل ثوابتنا اسلامية لكنها صنفين ثوابت الإسلام وهي ٣ انواع المقومات الاساسية مثل الربانية والشمولية والعالمية والمسؤولية الشخصية والنوع الثاني الأصول التأسيسية مثل اركان الاسلام الخمسة واركان الايمان الستة وكليات الفقه الستة والأخلاق والنوع الثالث هو الفروض العليا المعلومة من الدين بالضرورة مثل الشورى والجهاد، والعدل، والحرية والولاء. 

اما ثوابت الإخوان فهي ايضا ثلاث مجالات هي أولا ثوابت الفكر والتصور ومنها الأصول العشرين وستة بواعث ودوافع وثوابت منهج التغيير ثم ثانيا ثوابت البناء والتنظيم ثم ثالثا ثوابت الحركة والتصرف 

وقد شرح في هذا الحوار البواعث والدوافع وثوابت منهج التغيير وقال: جذري لا فوقي عميق لا سطحي متدرج لا فوري طوعي لا قهري عالمي لا قطري مستقر لا وقتي نقود الأمة إليه لا ننوب عنها فيه.

تؤمن الجماعة بمنهج تغيير جذري لا يبدأ من السلطة، بل من المجتمع، ويقوم على الإقناع لا الإكراه، والتدرج لا القفز، مع مراعاة استعداد الناس للتغيير. كما تميز فكر الإخوان بالشمولية، أي أن الإسلام عندهم يشمل كل مناحي الحياة، في كل زمان ومكان.

وفي الوقت الذي تحرص فيه الجماعة على الالتزام بثوابتها، تفتح المجال أمام المتغيرات فيما يمكن الاجتهاد فيه أو تغيّره بحسب الظروف، في محاولة لتحقيق توازن بين الحفاظ على الهوية ومواكبة الواقع.

"لا إكراه في الدين" ومفهوم الحرية

مفهوم "لا إكراه في الدين" عند الإخوان هو مفهوم شامل، يتجاوز مجرد رفض إجبار غير المسلم على اعتناق الإسلام، بل يشمل احترام حرية الأفراد في اختيار عقيدتهم، وعدم السماح لأي طرف بفرض أيديولوجيته على الآخر.

دور المرأة في الجماعة

رغم أن تنظيم العمل النسائي داخل جماعة الإخوان تأخر حتى أوائل التسعينات بسبب الأوضاع الأمنية والاجتماعية، فإن تأسيس قسم الأخوات المسلمات كان نقلة نوعية، ويعد الفضل في هذا التأسيس للأستاذ محمد حسين من الإسكندرية، الذي بادر بإطلاق تجربة ميدانية توسعت لاحقًا لتشمل محافظات أخرى.

جاء تأسيس القسم بشكل رسمي بعد اجتماع قيادي عام 1991، وتم تنظيمه على أسس احترافية بمشاركة قيادات ميدانية بارزة مثل الشيخ الخطيب وسراج اللبودي.

ساهم القسم في بناء برامج تربوية متقدمة موجهة للنساء، مثل منهج "رياض الجنة"، وابتكر أدوات تدريبية جديدة كبرنامج مدربات المدربات، وكان دخول أعداد كبيرة من الفتيات إلى الجامعات دافعًا قويًا وراء هيكلة العمل النسائي لحمايته من تأثير التيارات الأخرى، ورغم ما يبدو من تأخر، فإن القسم استطاع أن يملأ فراغًا مهمًا ويعكس حضورًا فاعلًا للمرأة داخل المشروع الدعوي والتنظيمي للجماعة

الشباب والقيادة في الجماعة

منذ تأسيس الجماعة، كانت القيادة جزءًا لا يتجزأ من نشاطها، حيث يوضح الدكتور البربري أن الأجيال السابقة كانت حريصة على توريث القيادة للشباب، ومع ذلك فإن الجيل الحالي لم يقدم نفس الفرص للأجيال التالية، مما خلق فجوة بين الأجيال.

الشورى داخل الجماعة

رغم أن جماعة الإخوان احتفظت بهياكل إدارية منذ بداياتها، فإن ممارسة الشورى داخلها مرت بمراحل من التقييد والانفتاح، تأثرت بالظروف الأمنية والسياسية، فقد حالت المراقبة الأمنية دون إجراء انتخابات للمكاتب الإدارية حتى عام 1990، وظل العمل يسير وفق ترتيبات تحفظية منذ خروج الإخوان من السجون في السبعينات.

ومع ذلك، كان بعض المرشدين حريصين على إعلاء قيمة الشورى، مثل عمر التلمساني الذي أعطى الشباب فرصة للمشاركة، ومحمد حامد أبو النصر الذي فرّق بين الشورى الملزمة والنصيحة الواجبة، وتباينت منهجيات من خلفوه: من مصطفى مشهور الذي مال إلى توجيه هادئ وإشراك الأوساط الخارجية، إلى مأمون الهضيبي الذي غلّب فقه الواقع وحماية الجماعة، ومحمد مهدي عاكف الذي اتسم بالانفتاح السياسي واحتضان الشباب، وصولًا إلى محمد بديع الذي ركز على التنظيم وحل الإشكالات داخل السجن بين المسجونين وإدارة السجن خاصة عندما كان في قضية النقابيين.

الانتشار العالمي والتأثير السياسي لجماعة الإخوان

استطاعت جماعة الإخوان المسلمين تحقيق انتشار واسع في أكثر من 80 دولة حول العالم، من الشرق إلى الغرب، وهو ما جعلها – بحسب كثير من المؤرخين – أكبر فصيل سياسي ذو طابع إسلامي عالمي.

يرجع هذا الانتشار إلى عدة عوامل؛ منها وجود احتياج حقيقي في الجاليات الإسلامية لفكر منظم يجيب عن أسئلتهم الدينية والاجتماعية، بالإضافة إلى وضوح منهج الجماعة وثباته، مما خلق حالة من الطمأنينة لدى المتلقين، وقد لعب المهاجرون الأوائل، في عهد عبد الناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، دورًا محوريًا في تأسيس العمل الدعوي خارج مصر، مدعومين بقيادات موثوقة مثل أحمد الملط ومحمد مهدي عاكف.

كان انتشار الجماعة منظمًا منذ عهد الإمام البنا، الذي أسس فروعًا للإخوان في العراق وسوريا والأردن وفلسطين، لكن رغم هذا التوسع، فإن تأثير الجماعة في الدول العربية تفاوت بشكل كبير، حيث يُقاس الحضور الإخواني بمدى المشاركة في الحياة السياسية، حجم الخدمات المجتمعية، مستوى التفاهم مع الأنظمة، ومدى تحسّب السلطات لوجودهم حتى وإن لم تعترف بهم رسميًا.

الإخوان – بفكرهم الأممي – شكلوا تحديًا للأنظمة القائمة على القُطرية، ما جعل بعض الحكومات تتوجس من خطابهم الداعي لوحدة الأمة الإسلامية، ومع موجات الهجرة الجديدة بعد 2013، زاد التوجس الغربي من الجماعة، لا بسبب العنف، بل بسبب قدرتها على الانتشار الناعم من خلال الإقناع والتدرج، وهو ما يُنظر إليه كتهديد لبعض القيم المجتمعية السائدة في الغرب بالإقناع وليس بالهدم.

ورغم اختلاف ظروف الهجرة الأولى والثانية، بقي قادة وأفراد الجماعة ينظرون إلى العمل الدعوي كرسالة لا تتوقف بانتقال المكان أو تبدّل الأحوال.

تجربة الإخوان في الحكم (2012–2013)

يرى الدكتور البربري أن تجربة حكم الإخوان في مصر لم تكن فشلًا بمعناه المطلق، وإنما إخفاقًا نابعًا من ظروف استثنائية ومعقدة، فالدخول إلى معترك الحكم جاء في ظل مناخ سياسي واجتماعي غير مهيأ لدعم مشروع إسلامي جذري، حيث واجهت الجماعة مقاومة شديدة من قوى داخلية وخارجية خشيت من نجاحها وتأثيرها. 

كما أن التدخلات الإقليمية والدولية لعبت دورًا كبيرًا في إعاقة قدرة الإخوان على تطبيق رؤيتهم بشكل كامل، بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن الرئيس محمد مرسي من الحصول على أدوات الحكم والسيطرة اللازمة، فالدولة العميقة والمؤسسات الأمنية كانت في معارضة مستمرة، مما زاد من تعقيد الوضع.

الدكتور البربري يؤكد أن الإخوان لو تُركوا ليعملوا بحرية دون ضغوط، لكان بإمكانهم تحقيق نجاح حقيقي ومستدام، وهو ما أثار خوف خصومهم الذين لم يترددوا في الإطاحة بهم عبر انقلاب عسكري، منعًا لما وصفوه بـ"حكم الإخوان لمدة 500 سنة"، هذه التجربة تعكس واقع التحديات التي تواجه الحركات الإسلامية في البيئات السياسية المضطربة، وتبرز أهمية ظروف التهيئة والدعم الشعبي والبيئي لتحقيق نجاح الحكم.

نصيحة للأجيال الجديدة ومستقبل المشروع الإسلامي

الدكتور عبد المنعم ينصح بأن العلاقة مع الله هي الأساس، مع إعطاء الأولوية للتربية ونشر الدعوة كأساس لاستقطاب جيل جديد من الشباب، فالعمل السياسي أداة مهمة لكنه لا يجب أن يطغى على باقي جوانب الدعوة والتنظيم، فالتربية والتكوين المستمر ضروريان للحفاظ على جودة العناصر الجديدة.

أما عن مستقبل المشروع الإسلامي والإخوان، فالدكتور يؤكد أن العمل السياسي جزء من مشروع أكبر يهدف لبناء مجتمع متكامل وآمن، والمشروع لا يُقاس فقط بإقامة دولة مستقرة، بل يمر بمراحل متعددة، رغم النكسات التي حصلت بعد الربيع العربي، يبقى المشروع قائمًا ويحتاج لتجديد مستمر، لأن الإخوان ككيان تاريخي يمر بدورات من التجديد والتطور.

رؤيته للنجاح في إقامة دولة للمشروع الإسلامي

النجاح في إقامة دولة المشروع الإسلامي مرتبط بظروف إقليمية وعالمية غير مواتية حاليًا للمشروع الإسلامي، ويحتاج المشروع لصيغة جديدة تركز على "قيادة الانشطار" وتوزيع الأدوار لكي يتمكن المسلمون من الالتفاف على جهود حرمانهم من استكمال المؤهلات الضرورية للتأهل لإدارة الدولة بكفاءة، ورغم عدم إمكانية إقامة دولة إسلامية في الوقت الراهن، يمكن العمل على ترسيخ الفكرة وتحقيق النمو والانتشار، فالدولة ستأتي عندما تتهيأ الظروف.

المطلوب الآن هو تحريك الناس وفق "شمولية الإسلام" والعمل على بناء تعاون غير رسمي بين الاقتصاديين المسلمين والعلماء المسلمين، بل وكل شريحة متخصصة كأساس لوحدة إسلامية مستقبلية. التجديد مطلوب، مع الالتزام بالأصول، لأن كل عصر له لونه وابتكاراته، وهذا ما دعا إليه الإمام البنا.