ميلاده ونشأته
في ربوع ريف مصر الرائق، الزاهي بأراضيه الخضراء، اليانع ثماره الطيبة، وفي قرية هي من إحدى قرى محافظة الجيزة اسمها كفر حكيم ولد ونشأ فيها الحاج مصطفى عبد المجيد الكومي في يوم السادس عشر من شهر أكتوبر لعام 1914م في أسرة ريفية طيبة المنشأ والفطرة، اهتم أبواه به كعادة الريفيين البسطاء بتعليم أبناءهم القرآن الكريم في إحدى كتاتيب القرية فالتحق بكتاب الشيخ عبد اللطيف المنشاوي وأخذ عنه القرآن الكريم، فأتمه في الخامسة عشر من عمره، كما التحق بالتعليم الأولي في مدرسة كفر حكيم حتى أتم المرحلة الابتدائية، وبعدها لم تستطع الأسرة مساعدته على إكمال التعليم، ثم قدر الله له أن يعمل في وزارة الزراعة في قسم البحوث الزراعية وتزوج بعدها فكان له من البنين ثلاثة ومن البنات واحدة.
تأسيسه لشعبة الإخوان
بدأ الأمر بأن قدر الله له أن يعمل في وزارة الزراعة في قسم البحوث الزراعية في إمابة فتعرف في عمله على خيرة شباب الإخوان المسلمين من أمثال الحاج علي نويتو والحاج عبد العزيز شميس والحاج محمد نجيب وحسن عبد المنعم غيرهم فكان نعم التعارف ونعم الالتقاء، حيث نزلت دعوة الإخوان على قلب الحاج مصطفى الكومي نزول المطر الطيب على الأرض الخصبة فاختلط بها وأثمر أشجارًا يانعة وحدائق غناء ثم حمل هذه الدعوة إلى أهله وأحبته وجيرانه وأبناء قريته الكرام فاستقبلوها خير استقبال والتف حوله خيرة شباب القرية .
من أمثال الحاج علي عبد المجيد الكومي أخوه والحاج أحمد كفافي والحاج محمدي أبو العطا بعرور والحاج كامل موسى الكومي والحاج حسني السيد أبو حمد فأسس بهم أول شعبة للإخوان المسلمين في قرية كفر حكيم وكان ذلك بين عامي 1948م وَ 1950م حتى صار عدد الإخوان في الشعبة مائة أخ من الإخوان ونشطوا في القرية على دعوة الناس للفكرة الإسلامية ومناصرتها بأن استغلوا كل المناسبات السنوية في إقامة الاحتفالات الإسلامية مثل غزوة بدر والإسراء والمعراج وغيرها، كما عنوا بالكتاتيب وعمارة المساجد طوال اليوم وخصوصًا في رمضان فأقاموا الاعتكاف لإحياء هذه السنة المهجورة بين أبناء القرية.
فاستجاب لهم جل القرية وأصبحت القرية عن بكرة أبيها تصلي في المساجد عدا قليلين لا يتخطى عددهم أصابع اليد الواحدة، بل وصلت دعوتهم إلى التائهين في ظلمات المخدرات، فالتزموا على أيديهم وتركوا تعاطيها لها بفضل من الله ونعمة، وعمدوا على إنشاء مسجد الإخوان بالقرية بحيث يلتقي فيه الإخوان ويكون صرحًا إسلاميًا في القرية فكان مسجد الشورى الذي لا يزال إلى الآن شامخًا يحمل دعوة الإسلام الوسطية في القرية.
الحاج مصطفى ومحنة 1954م
جاءت محنة 1954م إثر حادث المنشية فاعتقل الإخوان المسلمين على مستوى الجمهورية، فطالت يد الغدر الحاج المجاهد مصطفى الكومي وحوكم في محكمة الشعب الأثيمة وحكم عليه بالسجن عشر سنوات كاملات بتهمة حوزته ذخيرة وأسلحة في حين أنه بشهادة الحاج حسني السيد أنه لم يوجد عنده أي من ذلك بل ضبط عنده بعض الكتب وففط.
في خلال فترة السجن لاقى ما لاقاه الإخوان من تعذيب وتنكيل وتقتيل حيث تنقل خلال الفترة على أشد سجون مصر السجن الحربي ثم سجن الواحات ثم سجن طرة.
ومن الومضات المضيئة التي يجب أن تذكر للحاج مصطفى الكومي – عليه رحمة الله – حين التعرض لذكر سيرته، أنه رحمه الله لاقى العذاب الشديد لكي يدلي بأي معلومة عن الشعبة وعن إخوانه فيها فلم ينطق بحرف واحد وكان يقول لهم طيلة العشر سنوات الكاملة أنه وحده في الشعبة وليس معه أحد البتة وصبر وتحمل العذاب وفدى إخوانه بنفسه فكانت نعم التضحية من رجل ندر الزمان أن يأتي بمثله.
ويذكر له ولإخوانه في هذه الفترة أنه وإخوانه عمدوا إلى تعلم العلم الشرعي من بعضهم البعض وتحفيظ بعضهم البعض القرآن الكريم داخل السجن فكان يُحَفِّظ إخوانه داخل السجن القرآن الكريم.
اعتقل في المرة الأولى من عام 1954م حتى 1964م ثم قضى خارج السجن أشهر قليلة وما لبث أن حكم طاغية عصر بإعادة اعتقال كل من سبق اعتقاله من الإخوان المسلمين فأعيد للسجن مرة أخرى في 1965م فقضى في السجن في هذه المرة حتى عام 1972م وكانت المرة الثانية أشد وطأة من سابقتها.
مرضه ووفاته
ظل على الحق كما نحسبه كذلك حتى بدأ صراعه مع المرض وزاره في بيته الكثير من قيادات الإخوان المسلمين الذين تعرف عليهم داخل السجون كأمثال الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ محمد حامد أبو النصر والأستاذ محمد مهدي عاكف وغيرهم فكانوا يعودونه في مرضه باستمرار حتى وافته المنية في يوم السادس من شهر يونيو من عام 1996م عن عمر يناهز الثلاثة والثمانين عامًا قضاها جهادًا وإصلاحًا وتوجيهًا، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجزاه على ما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء.