جلال عبد العزيز
الرعيل الأولولد جلال عبد العزيز طه في حي الرمل بالأسكندرية في 14 مارس 1929م وترعرع بها، غير أنه انتقل مع والده إلى شربين حيث كان يعمل والده معاون محطة، وهناك حصل على الإبتدائية بشربين، ثم حصل على المدرسة الثانوية الصناعية بدمياط
الرعيل الأول
النشأة
ولد جلال عبد العزيز طه في حي الرمل بالأسكندرية في 14 مارس 1929م وترعرع بها، غير أنه انتقل مع والده إلى شربين حيث كان يعمل والده معاون محطة، وهناك حصل على الإبتدائية بشربين، ثم حصل على المدرسة الثانوية الصناعية بدمياط، وبعد تخرجه عمل مهندسا في وزارة الاتصالات، وانتهى به الأمر وخرج على المعاش وهو مديراً عاماً لمصلحة التليفونات بكفر الشيخ في مارس 1989م.
ثم التحق بمجال العمل في نقابة المهندسين بكفر الشيخ، حيث تمسك به محافظ كفر الشيخ آنذاك نبيل حلاوة وعينه في نقابة المهندسين.
معرفته بالإخوان
تعرف على دعوة الإخوان المسلمين في وقت مبكر حتى أنه كان يرسل للإمام البنا بعض الخطابات، حيث ذكر ذبك بقوله: بايعنا الإمام البنا على العمل من أجل نشر هذه الدعوة المباركة، وفي أول زيارة لي إلى القاهرة والمركز العام، وعندما ذهبت للسلام على الإمام الشهيد ولم يكن يعرفني من قبل كما لم يرني من قبل وجدته يبادرني بالسلام علي ويقول أهلا بالأخ جلال عبد العزيز، كيف حال والدتك فتعجبت من كونه يعرفني ولم يكن قد قابلني من قبل، وكيف أنه متذكر أمي.
فتذكرت أنه تعرف على من خلال الصورة التي أرسلتها للمركز العام لتضع على كارنيه الجوالة، كما أنني أرسلت له يوما أكلمه في وضع الوالدة، وكان هذا أول لقاء به.
النهضة بالعمل الدعوي في كفر الشيخ
شارك رفيقه المهندس عبد المنعم مكاوي نشر الدعوة في كفر الشيخ وقت أن كان المهندس على أبو شعيشع يعمل في البحيرة، وظل كذلك حتى وقوع المحن.
وسط المحنة
كان جلال عبد العزيز أحد رجال النظام الخاص، مما عرضه للاعتقال بعد حل الجماعة في 8 ديسمبر 1948م، وبعدما خروج من المحنة الأولى عاد ليشارك إخوانه العمل على عودة شرعية الجماعة وظل الجندي الوفي لدعوته.
وما كادت الثورة تغير وجه مصر إلا وتغيير معها الوضع العام والخاص، فعسكرت الدولة وانقلبوا على الإخوان، فناله ما نال الإخوان في محنة أكتوبر 1954م، فاعتقل بعد حادثة المنشية وقدم للمحاكمة والتي حكمت عليه بعشر سنوات.
كعب داير على السجون
ما كادت المحاكمات تنتهي، إلا ورأى عبد الناصر أن يزيد جرعة التعذيب النفسي على هؤلاء المساجين فأصدر قرارا بترحيل كثيرا من الإخوان إلى سجن الواحات -وهو سجن داخل الصحراء الغربية وكان على هيئة خيام تحوطه الأسلاك الشائكة، وفيه الجو شديد الحرارة نهارا شديد البرودة ليلا، غير أنه وإخوانه حولوا السجن إلى مدرسة تربوية، تعلم فيها الجميع العلوم الشرعية والمهن الحرفية، قضى في الواحات مدة عم فيها الرخاء واستطاع الإخوان فيها أن يحولوا الصحراء الجدباء إلى أرض خضراء مما ساء بذلك الطغاة فأمر عبد الناصر ببناء سجن في المحاريق وترحيل جميع الإخوان الموجودين في الواحات إليه فما زادهم إلا إصرارا وتمسكا بتعاليم دعوته.
وكانت والدته تزوره في سجن الواحات وكانت تبث فيه معنى الثبات ومما قالته له: "إن عبد المنعم قُبض عليه وعُذِّب عذابًا شديدًا فلم يهن فلو نطقت بشيء هاقطع لسانك".
المحنة الثالثة
خرج جلال عبد العزيز بعد أن قضى العشر سنوات كاملة، غير أنه ما كاد يهنأ بالجلوس حتى فوجئ بأمر اعتقال أخر له في أغسطس 1965م حيث قضى ما يقرب من 6 أعوام أخرى خلف القضبان، حيث سجن ولفترات طويلة مع الشهيد سيد قطب -عليه رحمة الله- وعندما اندلعت فتنة التكفير كان سندا للمستشار الهضيبي وإخوانه الأستاذ مصطفى مشهور وغيرهم ممن تصدوا لهذا الفكر المعوج، واخذوا يصححون مسار الشباب مرة أخرى ويوضحوا لهم معالم الطريق الصحيح، فكان ذلك مدعاة للتضييق عليه ومن ثبتوا ضد هذه الفتنة حيث تجرعوا في سبيل ذلك الويلات سواء من إدارة السجن وعلى رأسها عبد العال سلومة أو من أصحاب الفكر المعوج أمثال شكري مصطفى ومن تبعهم في هذا الفكر، أو ممن أيدوا عبد الناصر وعملوا على نقل الأخبار لرجال المباحث أملا في الخروج من السجن. كما تم اعتقاله لمدة 3 شهور عام 2006م عندما قبض عليه مع بعض إخوانه في أحد اللقاءات.
خروج وانطلاق
بعد خروجه من المعتقل انطلق مع رفيقي دربه الحاج عبد المنعم مكاوي وعلي أبو شعيشع ينشرون دعوة الإخوان في هذه المحافظة البكر وهي محافظة كفر الشيخ ويرسخون في نفوس الشباب معاني التربية الصحيحة على نهج الكتاب والسنة وعلى مبادئ الإخوان الصحيحة، ومن شدة حبه لإخوانه تزوج هو والحاج عبد المنعم في ليلة واحدة وتمَّ الزفاف في نادي الزراعيين بالمحلة بعد أن جاء جلال بعروسه من الأسكندرية.
جلال عبد العزيز والعناية بالتربية
كان الحاج جلال دائما يعمل في صمت فلم تكن تشغله مناصب أو جاه بل كان همه تربية الرجال، والشباب في المحافظة حتى أتى هذا المجهود المتواصل فروعا يانعة من رجالات الدعوة الموجودين حاليا.
وبعد وفاة الحاج علي أبو شعيشع في نوفمبر من عام 1992م انتخب عضوا في مجلس شورى الجماعة ومسئولا عن مكتب إداري الإخوان بكفر الشيخ حتى توفاه الله.
مواقف تربوية
كان يحب طلبة الجامعة ويسعد بلقائهم ويأنس بوجوده معهم حيث كان يجلس وسطهم ويبث فيهم آلية معرفة الله وكيف نحبه من خلال العمل له والتضحية بالقليل من أجل الكثير والفاني من أجل الباقي، وأن يحيط العبد كل هذه الأشياء بالإخلاص لله.
وفي عام 1998م طلب بعض الطلبة في رمضان ليفطروا عنده، فذهبوا إليه وأجلسهم فى الشقة العلوية وقبل المغرب بقليل وجدوه رغم كبر السن يقوم هو بحمل الأشياء ويخدم عليهم فقام البعض يساعده فأقسم أن لا يساعده أحد وأن نظل جالسين فى أماكننا وأنه هو الذي سيخدم علينا حتى ينال الأجر فكان درسا عمليا لنا في خدمة إخواننا والتواضع لهم، وقد ذكره الدكتور رشاد البيومي في حقه بعد الجنازة فقال: " لك الله يا جلال.. لقد كنت مثالاً للتجرد والإخلاص، وكم بذلت من نفسك وجهدك في سبيل خدمة إخوانك..
لقد كنت يا حاج جلال مسئولاً عن صحة إخوانك، تنظم أوقات إخوانك الأطباء، وتوفِّر ما يحتاجونه من أدوية وعلاج بصبر وأدب.
كنت مثالاً للتفاني وإنكار الذات.. فجزاك الله عن إخوانك بالخير، صحبتك حيًّا، ويأبى الله إلا أن أصحبك ميتًا لحين دار الفؤاد إلى مسقط رأسك في كفر الشيخ.. وكم كان أمرك ميسرًا كما يسرت على إخوانك ومحبيك.
حينما كنت اذهب إليه لزيارته في الفترات الأخيرة كان دائم السؤال عن إخوانه من رأيتهم ومن لم أرهم، وحينما كنت أذكر له أنني رأيت أحد الإخوان الذين عاصروه في السجن كان يسأل عن أخباره وأحواله ويجلس يعدد مآثره وأفعاله داخل المعتقل.
ويقول الدكتور محمود عزت : لقد كان الفقيد أسبقنا إلى أداء الواجبات العامة رغم مرضه وتقدمه فى السن.
كان من أقوال الحاج جلال: إن المسلم مطالب دائمًا بأن يجعل عقله وفكره وقلبه ومشاعره موصولة دائمًا. بمصادر الكتاب والسنة ومطالب كذلك بأن يحول بين قلبه وبين ما قد يحجب عنه نور الحقائق الربانية من الاستغراق في شئون الحياة الدنيا دون التدبر الذاكر والعلم المؤدي للإيمان بشهود عظمة الخالق والمخلوقات ودقة نظام الكون.
وفاته
رحل هذا المربي الصامت الذي قل أن تسمع صوته بل ترى أفعاله يوم الخميس 17 ديسمبر 2009م الموافق 30 من ذي الحجة 1430م.